العراق ينهي تمييزاً تاريخياً ضد "الغجر": هوية وطنية بلا إشارة

03 ابريل 2019
نهاية التمييز ضد الغجر في العراق (فيسبوك)
+ الخط -


كشفت مصادر أمنية وبرلمانية عراقية اليوم الأربعاء، عن منح "الغجر" الذين تتراوح أعدادهم بين 50 و70 ألف شخص، هوية مواطنة موحدة بدون إشارة تمييز، على خلاف ما كان معمولا به سابقا.

وأكد مسؤول بوزارة الداخلية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن جميع الأشخاص الذين يوسمون اجتماعيا باسم "الغجر"، تم منحهم البطاقة الوطنية الموحدة التي يتمتع بها بقية المواطنين العراقيين، ورفعت الإشارة السابقة في أوراقهم الثبوتية، مضيفا أن "الدستور يجرم أي إشارة عنصرية، أو تمييز بين العراقيين على أساس اللون أو العرق أو الدين أو المذهب، وهذه العبارة كانت مخالفة للدستور، وتم رفعها، وهم حاليا مواطنون لا فارق بينهم وبين أي عراقي".

وتختلف الروايات حول أصول الغجر المنتشرين في العراق وفلسطين وسورية ومصر ودول أخرى في الشرق الأوسط، لكن ظهورهم بات ملحوظا في العراق بعد الحرب العالمية الأولى، إذ استقروا بمدن ومناطق عدة كالبصرة والقادسية وذي قار والمثنى ونينوى وديالى، وعرفوا بتنقلهم المستمر بين تلك المناطق.
وحصل الغجر خلال العهد الملكي في العراق على وثائق رسمية، إلا أنه تم وسمهم في تلك الوثائق بعبارة "غجر" التي كانت كفيلة بالتمييز ضدهم فيما يتعلق بالعمل والدراسة والتملك وعقود البيع والشراء وغيرها، وتعرض قسم منهم لعمليات انتقامية من جماعات متطرفة ومليشيات مسلحة بذرائع وحجج مختلفة.

وقالت النائب في البرلمان العراقي، إنعام الخزاعي، في بيان الأربعاء، إن "وزارة الداخلية منحت المواطنين من شريحة الغجر العراقيين أول بطاقة وطنية موحدة دون الإشارة إليهم كما كان في السابق، وهذا الإجراء يعد الأول من نوعه بعد أن كانت توضع إشارة كنوع من التمييز".

وقال خليل السعد، أحد أفراد شريحة الغجر في ديالى، لـ"العربي الجديد": "نحن الآن عراقيون بلا تمييز، ونتمنى لجميع من يتعرض للتمييز أن يحصل على حقه بلا وسم يقلل من قيمته. نحن لا نؤذي أحدا، ونعيش بسلام، ومن حق أولادنا أن يعيشوا كالآخرين".
وتابع "منحنا الرئيس السابق العراقي صدام حسين هوية في الثمانينيات، لكن الأغلبية لم يتم منحهم إياها كونهم لا يملكون أوراقا، وحتى الذين لديهم هويات كانت عبارة (غجر) فيها تفسد كل قيمة لها".

من جهته، قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة ديالى، سالم الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الخطوة تمثل نوعا من التصالح المجتمعي في البلاد، وقد نالت ترحيبا شعبيا واسعا، وهذا يؤكد أن هناك نضوجا لدى الشارع الذي يريد نبذ كل أشكال العنصرية. الأهم الآن بعد رفع التمييز عنهم تصحيح أوضاعهم المعيشية".
ووفق كتاب "الغجر في العراق أصلهم واقعهم ومحنتهم" أورد مؤلفه داود الكعبي، أن تسميات الغجر اختلفت باختلاف لغات الشعوب التي جاوروها، وأنهم في البلاد العربية يسمون "الزط" أو "النور" فضلا عن الغجر، وفي اللهجة العراقية الدارجة يعرفون باسم "الكاولية".
ورجح الكتاب عدم وجود لغة خاصة بالغجر، وأن اللغة تؤخذ من لغة أهل الأرض التي يسكنونها، فغجر العراق يتكلمون العربية، وغجر الجنوب العراقي يتحدثون بلهجة الجنوب، وهم في الموصل يتكلمون اللهجة الموصلية، وعندما يلتقي غجري من العراق بغجري من دولة أخرى فلا توجد لغة مشتركة بينهما، كما أن ديانة الغجر تؤخذ من ديانة المنطقة التي يسكنونها، فغجر البلاد الإسلامية غالبيتهم مسلمون.

دلالات