وذكر قاضي محكمة تحقيق الدورة، محمد العبدلي، في تقرير نشرته صحيفة القضاء التي تصدر عن مجلس القضاء الأعلى، أن أكثر جرائم الاتجار بالبشر تتم حاليا عن طريق موقع "فيسبوك"، إذ يتم عرض الضحايا عبر الموقع، ويبدأ التفاوض هناك، لكنه أكد أن "معظم هذه الصفحات مراقبة من قبل مكاتب مكافحة الاتجار بالبشر في الكرخ والرصافة، وغالبا ما يتم استدراج المتهمين من أجل الوصول إلى الشخص الذي يتاجر بالضحية".
وكشف العبدلي أن "المبالغ تتراوح بين 3 آلاف إلى 4 آلاف دولار أميركي، والخلايا الأمنية تجري اتفاقا مع أصحاب تلك الحسابات، وعند التسليم يتم القبض عليهم متلبسين بالجرم"، مستشهدا بقضية امرأة من بغداد عرضت فتاة إثيوبية الجنسية للبيع بعد أن جلبتها من لبنان لتعمل خادمة، وبعد مرور 6 أشهر عرضتها للبيع عن طريق "فيسبوك"، لكن مكتب مكافحة الاتجار بالبشر في الرصافة ألقى القبض عليها".
وأضاف القاضي أن "متهمين آخرين يعملون بالسمسرة والبغاء ألقى القبض عليهم، وتم الحكم على قسم منهم بالسجن لمدد طويلة، وأشار إلى أن "هؤلاء يقومون بشراء فتيات بمبلغ 5 ملايين دينار عراقي، ومن ثم يقومون بتشغيلهن في حفلات خاصة وملاه ليلية، ومن ثم عرضهن للبيع"، ورجح أن يكون هؤلاء مدعومين من جهات لم يسمها.
ويبيّن العبدلي أن التسول يندرج أيضا ضمن جرائم الاتجار بالبشر، ففي بغداد ألقي القبض على عصابة كانت تعمل على استدراج الأطفال بعد نزوح أهاليهم من محافظتي صلاح الدين ونينوى بسبب الأحداث التي مرت بالمحافظتين، لافتا إلى أن "قسما من الأطفال يتم تأجيرهم إلى أشخاص لمدة أسبوع للعمل في التسول لقاء مبلغ يصل إلى 250 ألف دينار عراقي، وتنطبق عليها جريمة الاتجار بالبشر".
وحمّلت الناشطة الحقوقية منال عباس، السلطات العراقية مسؤولية انتشار تلك الجرائم لأن "أغلب العصابات لا تخشى القوانين لأنها غير فعالة بالشكل الذي يتناسب مع حجم انتشار تلك العصابات وجرائمهم"، مؤكدة لـ"العربي الجديد"، أن "الاتجار بالبشر، أو استغلال الأطفال والنساء لا يمكن التغاضي عنه أو إنكاره، وكثير من تلك العصابات مدعومة من أحزاب وجهات متنفذة في البلاد، ما يستدعي عدم السكوت عنها، والإسراع باتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمنع استمرار تلك الممارسات".
وأضافت عباس أن "التغاضي عن جرائم الاتجار بالبشر لا يعني أنها قليلة أو غير موجودة، بل إن ذلك يشجع العصابات وضعاف النفوس على استغلال هذا الإهمال الحكومي لمواصلة جرائمهم"، داعية إلى التحرك بشكل أوسع للقبض على تلك العصابات في أوكارها، وعلى المنظمات الدولية والمحلية وهيئات التربية والتعليم وعلماء الدين تسليط الضوء على تلك الجريمة، والتحذير من مخاطرها".
من جانبها، أكدت المدعية العامة ميادة حازم أحمد نائب، لصحيفة القضاء العراقية، أن "جريمة الاتجار بالبشر ينحصر ضحاياها بالأطفال والنساء، إذ يتم استغلال النساء جنسيا، فيما يتم استغلال الأطفال عن طريق بيع أعضائهم، أو تشغيلهم كمتسولين".
وحسب المادة السادسة من قانون الاتجار بالبشر العراقي، حددت عقوبة المدانين بالسجن المؤبد وغرامة مالية لا تقل عن 15 مليون دينار عراقي، وذكرت السلطات القضائية في وقت سابق، أن العاصمة بغداد تتصدر المحافظات العراقية في جرائم الاتجار بالبشر.