نعى ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي "الرجل الشجرة" الذي توفي اليوم الأربعاء، في مدينة الخالدية بمحافظة الأنبار، بعد صراع طويل مع مرضٍ نادر، وسط انتقادات لاذعة للحكومة العراقية ووزارة الصحة لإهمال حالته المرضية رغم المناشدات.
وكتب مدير المكتب الإقليمي لحقوق الإنسان سامي العاني، على صفحته الرسمية" الإنسانية في خطر، أين وعودهم وكذبهم، كل شخص يدافع عن مسؤول فاسد ليس لديه كلمة هو أفسد منه، رحمة الله كانت أقرب وأصدق من وعود المسؤولين". وأضاف "انتقل إلى جوار ربه المرحوم الرجل الشجرة، رحل ابن الأنبار ولم يفرح بتحقيق وعود المسؤولين له".
وانتقد الناشط مهند الكبيسي الحكومة العراقية لصرفها الأموال الطائلة على الانتخابات التشريعية، معتبراً أن واحداً في المائة من الأموال التي صرفت على الانتخابات تكفي لعلاجه".
وودع أهالي مدينة الخالدية في الأنبار اليوم الشاب عمر محمد مطر الخليفاوي، أو كما يعرف بـ" الرجل الشجرة" إلى مثواه الأخير، بعد وفاته في مستشفى المدينة إثر صراع طويل مع مرضه النادر. وعبروا عن حزنهم الشديد على الشاب، منددين بالموقف الحكومي وإهمال وزارة الصحة الذي اعتبروه انتهاكاً للإنسانية.
محمد الخليفاوي من أهالي الخالدية قال: "هذا الشاب أصيب بمرض نادر يعرف بمرض الشجرة ولم يكن يستطيع الأكل أو الشرب أو حتى الحركة، وعرضت حالته على العديد من الفضائيات وناشدنا كافة المسؤولين ولم يستجب أحد لحالته".
وأضاف الخليفاوي لـ"العربي الجديد": "كان عمر يعاني ويتألم فيما كان المسؤولون في المحافظة والحكومة المركزية ووزارة الصحة مشغولين بمصالحهم الحزبية والشخصية ولم يستجيبوا لمناشداته وعلاجه خارج البلاد لينتقل اليوم إلى جوار ربه".
وكان إعلاميون وناشطون أجروا لقاءات عديدة مع الرجل الشجرة ونقلوا معاناته ومناشداته لوزارة الصحة، وطالبوا الحكومة بالتكفل بعلاجه خارج البلاد لعدم توفر علاج لحالته النادرة في العراق، ولكن لم يلقوا آذاناً صاغية.
ويقول الناشط الإنساني مهيمن الدليمي، إن "حالة عمر الخليفاوي من الحالات المرضية النادرة التي كانت تتطلب تدخلاً حكومياً لعلاجه خارج العراق لكن مسؤولي المحافظة لم يفعلوا شيئاً ووزارة الصحة والحكومة المركزية لم يستجيبوا لمناشداتنا وعرضنا لحالته المأساوية".
وبيّن الدليمي لـ"العربي الجديد" لو كان عمر ابناً لأحد السياسيين لأرسلوه إلى الخارج وعالجوه، ولكنه مواطن بسيط وفقير لا يمتلك من حطام الدنيا شيئاً، لذلك تركوه يصارع آلامه وحيداً حتى توفي اليوم بكل أسف".
ويقول أطباء متخصصون إن "هذا المرض يسمى متلازمة الشجرة وهو من الأمراض النادرة ينتج عن خلل في التنسج البُشروي الثؤلولي، وهو صعب العلاج، ويسبب أوراماً طولية في أصابع اليدين والرجلين وباقي أجزاء الجسم. ويوجد له علاج جراحي في بعض البلدان الأوروبية".
والحديث عن وجود علاج في أوروبا أثار حفيظة الناشطين ضد الحكومة العراقية، وتناولوا صرف البرلمان العراقي أموالاً طائلة على علاج أمراض بسيطة للعديد من النواب، كان بعضها مثار سخرية طيلة السنوات الماضية. وكان أشهرها فضيحة "البواسير" لخالد العطية رئيس ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والتي كلفت ميزانية الدولة 59 مليون دينار عراقي بما يعادل 50 ألف دولار أميركي، في حين لم تكن عملية الرجل الشجرة تكلف أكثر من 20 ألف دولار أميركي، بحسب أقربائه.
وتتابعت فضائح علاج نواب البرلمان العراقي تباعاً، وكان منها فضيحة علاج قشرة رأس النائب محمود الحسن التي كلفت ميزانية الدولة عشرة آلاف دولار أميركي، بحسب مصادر حكومية.
ولم يجد عمر الخليفاوي وغيره من المرضى أي مساعدة من وزارة الصحة والحكومة المركزية لعلاجه في الخارج، كما يقول أصدقاؤه، لينتهي بهم المطاف إلى مثواهم الأخير.