تسارعت الأحداث العراقية، أمس الأربعاء، بعد أسبوع حافل بالحراك والضجيج السياسي، وذلك على وقع إعلان زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، في شكل مفاجئ، انسحاب أعضاء كتلته البرلمانية وإنهاء اعتصامهم داخل البرلمان. وعلى أثر إعلان الصدر، بدأ رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، تحرّكاته لعقد جلسة رسمية، من المتوقع أن تكون مطلع الأسبوع المقبل، بهدف تسلّم تشكيلة حكومة حيدر العبادي الجديدة، والتي من المفترض أن تكون مختلطة بين وزراء تكنوقراط مستقلين وآخرين مرشحين عن أحزاب سياسية. وهو ما يفهم منه أن "خارطة طريق" جديدة تم التوصل إليها، وعزلت بطبيعة الحال رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، قاضية على أحلامه بالعودة للحكم مجدداً. مع العلم أن بضع عشرات من نواب كتلة المالكي أمضوا ليلتهم الأولى داخل البرلمان بمفردهم، بعد انسحاب أعضاء كتلة الصدر، وعدد من أعضاء كتلة إياد علاوي وكتلة التغيير الكردية.
ويكشف مسؤول عراقي بارز بحكومة العبادي، لـ"العربي الجديد"، أن "الجبوري يبحث الآن مع رؤساء الكتل جمع شمل البرلمان بشكل رسمي مطلع الأسبوع المقبل، لتسلّم طلب التصويت على حكومة العبادي الجديدة". ويضيف أن "تحركات الجبوري تتم بغطاء وتوافق سياسي وقبول من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، على أن يبقى باب إقالة الجبوري مفتوحاً بعد هدوء الأوضاع، في حال تمّ جمع 110 توقيعات لطلب الإقالة، على أن تلتزم كتلة اتحاد القوى بتقديم بديل عنه".
من جهتها، تؤكد عضوة البرلمان العراقي، القيادية في "اتحاد القوى"، لقاء وردي، لـ"العربي الجديد"، أن "انسحاب الصدر قطع الطريق على الوصوليين والساعين إلى مصالح شخصية وحزبية، وباتت الأمور تتجه لصالح البرلمان مرة أخرى". وتضيف أن "البعض حاول استغلال الحراك السياسي واعتصامات التيار الصدري بالشارع العراقي لتحقيق مكاسب له، لكنها الآن قطعت وأُجهضت ببيان الصدر وانسحابه من اعتصام البرلمان".
وتؤكد أن "الموجودين في البرلمان من المعتصمين، لم يعد لهم أهمية عددية، ويُمكن عقد جلسة البرلمان بشكل مريح من ناحية النصاب القانوني". وتضيف أنه "ليس هناك مؤسسة أخرى بعد البرلمان وتلاحظون مدى الشلل الكبير الذي أصابه ونعتبر قرار الصدر بأنه أعطى زخماً نحو الإصلاح وحلّ الأزمة". كما تلفت إلى أن "عملية تغيير رئيس البرلمان ليست مشكلة لاتحاد القوى، بل في التجاوز على الشرعية والدستور إدارة الجلسات".
من جهته، يقول القيادي في "التيار الصدري"، حسين البصري، لـ"العربي الجديد"، إن "نواب البرلمان جمّدوا عملهم وانسحبوا منه نهائياً، وانتقلوا إلى الشارع مع المواطنين للاستمرار بالاعتصام". ويلفت إلى أن "الكرة باتت في ملعب البرلمان والحكومة، ويجب إنهاء الأزمة والخروج بتشكيلة وزارية تتناسب مع حجم وتحديات المرحلة".
ولم يتأخر البصري في الردّ على تصريحات لأعضاء كتلة "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، هاجموا فيها الصدر واعتبروا خلالها أنه تلقى وعوداً بمكاسب سياسية في الحكومة الجديدة، بالقول إن "القرار كان عراقياً لخلق فرصة الوصول إلى عملية سياسية، وإدارة ناجحة للدولة. وهذه تصريحات خرجت من فاسدين لا يعتد بها". وقد ارتفعت حدة التوتر بين كتلتي الصدر والمالكي إلى مستويات غير مسبوقة، منذ إعلان الصدر سحب أعضاء كتلته من البرلمان، وهو ما اعتُبر إحراجاً للمالكي الذي بات وحيداً داخل البرلمان وتسبب بعزلته".
وانتقد الصدر الصراع الذي يدور منذ أيام عدة، داخل البرلمان العراقي، مؤكداً أن "هذا الصراع يؤثر بشكل سلبي على التظاهرات". وطالب أنصاره بمواصلة الاحتجاجات السلمية، لـ"الضغط على الطبقة السياسية، من أجل القضاء على الفساد، وإنهاء المحاصصة الطائفية"، رافضاً قدرة أية جهة حكومية على منع التظاهرات، ملوّحاً بـ "وجه آخر للتظاهر، إذا تعرّضت الاحتجاجات للمنع". كما حذّر زعيم "التيار الصدري" أتباعه، من خطورة التعرّض للسفارات العربية والأجنبية في بغداد، رافضاً إطلاق اية هتافات تستهدف هذه السفارات.
ودعا الصدر منظمة الأمم المتحدة إلى "التدخّل لإخراج العراق من محنته، لتصحيح العملية السياسية"، مبدياً ترحيبه بـ"إجراء انتخابات مبكرة، قد تمثل بداية النهاية، للمحاصصة، الفساد المستشري في الحكومة والأروقة السياسية".
وكان البرلمان العراقي قد قرر صباح أمس، تعطيل عمل موظفيه، حتى إشعار آخر، فيما أكد رئيسه، سليم الجبوري، أنه "لن يسمح باختطاف مجلس النواب بالقوة، فيما غادر أعضاء التحالف الكردستاني بغداد إلى كردستان، بأمر من رئيس الإقليم مسعود البارزاني"، وفقا لتصريحات أدلى بها أعضاء بالتحالف لـ"العربي الجديد".
في هذا الصدد، أفاد محمد الجاف لـ"العربي الجديد"، أن "أعضاء التحالف لن يعودوا لبغداد حتى عودة الشرعية للبرلمان"، مبيّناً أن "قرار مغادرتهم والعودة إلى كردستان جاء بعد انسحابهم من جلسة الثلاثاء الماضي". ولفت إلى أن "عودتهم ستكون مرهونة بدعوة رئيس البرلمان سليم الجبوري للالتئام مجدداً".