العراق: كيانات سياسية جديدة للمشاركة في الانتخابات المبكرة

17 اغسطس 2020
وُلدت الكيانات الجديدة من رحم التظاهرات (فرانس برس)
+ الخط -

في ظلّ استمرار الاحتجاجات في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد، وتبدل آليات التظاهر وتطورها من وقفات غاضبة في الميادين والساحات إلى اتّباع استراتيجية قطع الطرق الرئيسة في المحافظات، برزت خلال الأيام الماضية ولادة أول كيان سياسي ينوي المشاركة في الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في 6 يونيو/ حزيران المقبل. في المقابل، كشف ناشطون أن الاستعدادات تجرى للإعلان عن أكثر من خمسة كيانات سياسية جديدة، نابعة من فكر الانتفاضة العراقية التي انطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولكنها لا تمثل المتظاهرين.


المرحلة المقبلة تستدعي مقارعة أحزاب السلطة المتنفذة والحاكمة

وأعلن عدد من الناشطين السياسيين والصحافيين والعاملين في مجال حقوق الإنسان، قبل أيام، عن تأسيس كيان "العراق خيمتنا"، وجاء في بيان الكيان الجديد أنّه "تشكّل بواسطة مهتمين بالشأن السياسي وإعلاميين وناشطين، للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقررة في عام 2021، من دون المشاركة في الحكومة، لأن الحلول التي ينتظرها الشعب تكمن في سن وتشريع القوانين التي تخدم الوطن والمواطن". وأضاف البيان أن "هؤلاء الشباب يمتلكون أفكاراً وطنية مدنية، وهدفهم الأساس تغيير الواقع المرير وواقع العملية السياسية المزري، وتمثيل المواطن العراقي تحت قبة البرلمان لما فيه مصلحة الوطن والمواطن، والعمل على تعديل الدستور بصورة تلائم تطلعات الشارع العراقي وإيجاد الحلول للمشاكل المتراكمة على مدى 40 عاماً"، لافتاً إلى أن "الكيان يهدف إلى دعم الدولة في تطبيق القانون على الجميع والتخطيط لمستقبل العراق، واستغلال كل الإمكانات المعطلة لإعادة العراق إلى مصاف الدول المتقدمة، لما يمتلكه من ثروات بشرية وزراعية ومعدنية".

في السياق، قال وائل الحازم، وهو عضو في "العراق خيمتنا"، لـ"العربي الجديد"، إن "التجمع يضم أعضاء من كل محافظات العراق، وجميعهم يطمحون إلى تغيير نهج العملية السياسية في البلاد وسنّ وتشريع القوانين التي تخدم مصلحة المواطن والعراق، وهو عبارة عن قائمة انتخابية يجتمع تحته كل ناشط سياسي أو إعلامي أو صحافي". وأوضح أن "المرحلة المقبلة تستدعي مقارعة أحزاب السلطة المتنفذة والحاكمة، كما أن موقف المتظاهرين المستقلين في ساحات الاحتجاج مساند وإيجابي، كون الساحات هي جزء من الشعب، ونحن نحمل مطالبهم وأهدافهم".

من جهته، أشار عمر زياد، وهو عضو في الكيان الجديد أيضاً، إلى أن "الانتخابات البرلمانية السابقة شهدت نسبة مقاطعة كبيرة، وذلك بسبب الأحزاب التي لم تتبدّل وبقيت ممسكة بزمام الأمور، ولم تسمح لأي كيانات سياسية وفكرية جديدة بالدخول إلى عمق العمل السياسي، لذلك فإن الانتخابات المبكرة المقبلة قد تشهد تغييراً فعلياً في النتائج، والتي تعتمد على نسبة الجماهير المشاركة بالتصويت، والذي يعتمد بدوره على تأكيد قانون الانتخابات والتثقيف نحو المشاركة في الانتخابات المقبلة". وأضاف في حديثٍ لـ "العربي الجديد" أنّ "الوضع الحالي لا يحتمل تكرار الخطأ السابق، حين قاطع العراقيون الانتخابات، حتى أصبحت النتيجة في صالح الأحزاب السياسية المتنفذة التي استغلت الموقف وكانت نتائج الانتخابات الكارثية في صالحها".

وعن "العراق خيمتنا"، وهو المشروع السياسي الجديد، أشار زياد إلى أن "للتجمع حظوظاً جيدة في الانتخابات المقبلة، كونه يمثل شريحة واسعة من المجتمع وهي الشباب المتلهفون للتغيير، كما أننا نسعى إلى توسيع هذه القاعدة من خلال التعريف بالتجمع واختيار الشخصيات الكفؤة والنزيهة والأهداف والبرنامج الانتخابي"، مضيفاً أنه "تجمع علماني، ويحمل الفكر العلماني بمعناه المبسط، وهو فصل التدخل الديني والمظاهر الدينية عن مؤسسات الدولة والحكم". ولفت إلى أن "الأحزاب التقليدية التي تحكم العراق منذ عام 2003 ذات النفوذ والمال والسلاح باتت الآن بلا جماهير، ويمكن إنصافها بالقول إنها لا تمتلك غير 15 في المائة من جماهيرها السابقة، وأصبحت حالياً بلا قواعد واضحة ولم يعد لديها أي تأثير على الشعب العراقي، أما الأحزاب والقوى الجديدة، فهي واضحة الأهداف وعلى دراية شاملة بما يحتاج إليه العراقيون".


"العراق خيمتنا" كيان علماني يدعو إلى الفصل بين الدين والدولة

من جهته، اعتبر عضو البرلمان العراقي باسم خشان أن "التصعيد السلمي بالنسبة للمتظاهرين والناشطين والمتطلعين للتغيير في العراق وإصلاح المؤسسات والخراب الذي تعرض له على أيدي الأحزاب الدينية وغيرها من المتنفذة في البلاد منذ عام 2003، لا يتم إلا عبر المشاركة في الانتخابات المبكرة، لأنها، بحسب كل المعطيات، الفرصة الأخيرة من أجل عراقٍ خالٍ من الوهن والنفوذ الخارجي وأدوات التخريب والسرقة وتهريب العملة". ورأى في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أنّ "القوى الوطنية التي تؤمن بالعراق وضرورة التغيير والإصلاح عليها جميعاً أن تدعم هذه الكيانات الجديدة من خلال الخبرة، وليس من خلال ركوب موجتها والتحالف معها بغية الحصول على مكاسب جديدة".

أما عضو تنسيقية تظاهرات ساحة الصدرين في مدينة النجف، علي الحجيمي، فشدّد على أن "المهم لدى المتظاهرين هو معرفة الشخصيات التي ستكون حاضرةً في التجمعات والكيانات السياسية الجديدة، لأن المحتجين يخشون الخداع السياسي الذي قد تمارسه أحزاب السلطة عبر صناعة كيانات سياسية مدينة وعلمانية تمثل ظلاً ورديفاً للأحزاب الفاسدة المعروفة"، مؤكداً في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "المتظاهرين بلغوا مراحل عالية من الوعي والإيمان بضرورة اقتحام العمل السياسي والتغيير عبر تغيير الوجوه البرلمانية والحكومية".

بدوره، رأى المحلل عبد الله الركابي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "المشكلة في العراق ليست في تأسيس الحزب أو التجمع أو الكيان السياسي، بل بمؤسسي هذا الكيان ومدى التزامهم ببرامجهم الانتخابية ومقاومتهم لسلطة السلاح والترهيب والتهديدات التي تمارسها الأحزاب الدينية وأجنحتها المسلحة، إضافة إلى جدية التعهدات للسياسيين الجدد بعدم الانسجام مع قادة الأحزاب التقليدية". ورأى أن "عامل الثقة هو الأبرز في هذه المرحلة، وعلى قدر الثقة التي تمنحها الكيانات الجديدة للناخبين ستكون النتائج".