من المقرر أن تنطلق صباح يوم غد الثلاثاء عملية إعادة العد والفرز اليدوي في سبعة محافظات عراقية من التي قدمت فيها شكاوى حول وجود عمليات تزوير وتلاعب مختلفة بنتائج الانتخابات، التي أجريت في 12 مايو/أيار الماضي، من دون أن تشمل أي عمليات تحقق قضائية أو فنية أخرى حول شكاوى ترهيب الناخبين أو شراء أصواتهم، مستغلين فقرهم أو الضغط على النازحين أو إعاقة وصول الصناديق الانتخابية لمناطق دون غيرها أو عمليات التلاعب بأجهزة التحقق الإلكترونية، وحشر آلاف الاستمارات الانتخابية في الصناديق من قبل الموظفين ووكلاء الكيانات السياسية.
عملية العد والفرز اليدوية التي لن تشمل أكثر من 3 في المائة من مجموع أصوات العراقيين في الانتخابات البرلمانية، تأتي بعد أيام من حكم قضائي يؤيد قرار البرلمان بإعادة العد والفرز اليدوي العام، إلا أن مجلس القضاء المهتم بتنفيذ تلك العملية يشدّد على أنه "سيخضع فقط المراكز الانتخابية التي وردت منها شكاوى بالتزوير أو الخروق القانونية للانتخابات المصنفة ضمن الدائرة الحمراء".
وبحسب بيان رسمي صدر عن مجلس المفوضين، فإن المباشرة بعملية العد والفرز يدوياً لنتائج الانتخابات ستكون يوم غد الثلاثاء في 7 محافظات عراقية و7 مكاتب، في دول جرت فيها انتخابات الخارج. وتشمل المكاتب التي سيجري العد والفرز اليدوي فيها تلك التي جرى تقديم طعون وشكاوى وتقارير رسمية، بينما سيجري العد والفرز اليدوي في بقية المحافظات العراقية في الأيام المقبلة على أن يتم الإعلان عن ذلك بشكل مسبق.
والمحافظات التي ستبدأ فيها عملية العد والفرز هي كركوك والسليمانية وأربيل ودهوك ونينوى وصلاح الدين والأنبار، كما سيتم البدء بالعد والفرز في إيران وتركيا وبريطانيا ولبنان والأردن والولايات المتحدة وألمانيا. ومن المقرر أن تجري عملية العد والفرز بحضور مراقبي الأمم المتحدة وممثلي سفارات الدول الأجنبية ووكلاء الأحزاب السياسية والمراقبين الدوليين والمحليين والإعلاميين. ويأتي ذلك بعد يوم واحد من دخول العراق مرحلة الفراغ الدستوري بانتهاء ولاية البرلمان والحكومة وتحولهما لتصريف أعمال فقط.
ووصف مسؤولون عراقيون في بغداد عملية العد والفرز الجزئية لأصوات الناخبين، بأنها "شكلية"، ولإضفاء الشرعية على النتائج الحالية المعلنة. وقال أحد أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة بالتحقيق في نتائج الانتخابات، والتي شُكّلت قبل أكثر من 40 يوماً من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي، لـ"العربي الجديد"، إن "النتائج حُسمت ولن يكون هناك تغيير ملحوظ والكتل ستحتفظ بمواقعها الحالية، سائرون أولاً ثم الفتح ثم النصر ولا تغيير أيضاً على الكتل الأخرى إلا بمقدار طفيف".
وتابع "هناك توافق سياسي على اعتماد النتائج الحالية وأعتقد أنه توافق على القبول بجريمة تزوير الانتخابات، والأمم المتحدة وواشنطن تؤيدان ذلك بحجة الخوف من انهيار الملف الأمني في العراق وهشاشة الوضع العام في البلاد". بدوره، أكد عضو نقابة المحاميين العراقية وليد الطائي، بأن "عمليات العد والفرز التي ستنطلق يوم غد الثلاثاء ستشمل محطات الاقتراع التي قدم فيها طعون انتخابية وعددها لا يتجاوز ألف محطة في عموم العراق من أصل 45 ألف محطة انتخابية". ولفت في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "العملية لن تستغرق طويلاً وقد يُصار إلى أن تكون النتائج مرضية لجميع الأطراف السياسية حتى لا يطعن أحد آخر بها وتطول مدة الفراغ الدستوري".
من جانبه قال النائب في البرلمان العراقي المنتهية ولايته محمد العبد ربه لـ"العربي الجديد"، إن "كل المحطات التي تم الطعن بها سيتم إعادة فرز وعدّ أصواتها من قبل لجنة قضائية انتقلت إلى المحافظات وبغداد للمباشرة بعملها تحت اشراف الأمم المتحدة، ومن الممكن أن تكون هناك نتائج آنية تعلن مع نهاية كل عملية تحقق في المحطات المشمولة بإعادة العد والفرز". وأبدى العبد ربه اعتقاده بأن "العملية لن تتجاوز الأسبوع الواحد على أن يتم بعدها الإعلان عن النتائج كلياً ثم إرسالها إلى القضاء للمصادقة عليها".
من جهته، أوضح رئيس لجنة تقصي الحقائق بشأن نزاهة الانتخابات العراقية عادل النوري، بأن "ما سيجري الثلاثاء هو التفاف على القانون وتحايل وخداع للعراقيين". وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "ما جرى هو تسوية سياسية وهي معلومة للقاصي والداني وعندما باشرنا التحقيق منعونا من دخول مقر المفوضية وعندنا ضيّقنا الخناق عليهم بالأدلة أحرقوا مخازن الرصافة لإخفاء التزوير. وعندما تقدمنا بالتحقيق أكثر، افتعلوا هدم رفوف أجهزة التحقق الإلكترونية في مخازن الكرخ، وأُتلفت بالكامل. وعندما همّت اللجان بنقل صناديق كركوك الانتخابية افتعل تفجير قيل إنه إرهابي انتحاري، فجر أمس الأحد". وتابع النوري "لا يوجد أي معنى أو مغزى من العد الجزئي ليوم غد، وهو اتفاق بين المزورين ومن خلالكم أعلن أنها انتخابات غير شرعية ولا نعير أي اهتمام لما سيجري يوم غد الثلاثاء".
بدورهم، استبق برلمانيون عراقيون إعلان البرلمان انتهاء عمره بشكل رسمي، وغادروا خارج البلاد من دون عودة، خوفاً من ملفات فساد قد تلاحقهم بعد رفع الحصانة عنهم، بينما أكد مسؤولون عدم وجود نية حقيقية لمحاسبة الفاسدين في البلاد. وقال مسؤول في مطار بغداد الدولي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأسبوع الماضي شهد سفر نحو 45 نائباً من كتل مختلفة، وقد دفعوا تذاكر السفر فقط من دون العودة"، مبيناً أنّ "النواب سافروا إلى بلدان مختلفة، منها إيران وتركيا ومصر وغيرها من الدول، وبعضهم سبقتهم عائلاتهم"، مشيراً إلى "عدم وجود منع بحق أي من النواب المسافرين".