كشف مسؤولون عراقيون في بغداد، اليوم الخميس، أن تقاطعات كبيرة برزت في الأسبوعين الماضيين، بين البرلمان وحكومة مصطفى الكاظمي تدفع باتجاه صراع فرض إرادات، ما قد يؤثر على عمل المؤسستين اللتين تحتاجان إلى تفاهمات عاجلة لتمرير قوانين مهمة تحتاجها البلاد للمضي بمشروع الانتخابات المبكرة على وجه الخصوص، مؤكدين أن كتلا سياسية تسعى لتوجيه البرلمان نحو التمرد على الحكومة من خلال تعطيل تفاهماتها الخارجية.
وتعمقت حدّة الخلاف بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، عقب تحديد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي موعداً لإجراء الانتخابات المبكرة من دون الرجوع للبرلمان الذي لم يستطع تمرير قانون الانتخابات والقوانين المرتبطة به حتى الآن، ما تسبب بتشنج بين المؤسستين، ومحاولة كل منهما إلقاء الكرة في ساحة الأخرى.
ووفقاً لعضو في البرلمان العراقي، تحدث لـ"العربي الجديد"، شرط عدم ذكر اسمه، فإن "القوى السياسية التي ترفض تحركات الكاظمي بشكل عام، تحاول استغلال وجودها في البرلمان للتمرد عليه"، مبيناً أن "ما يجري خلف الكواليس هو أشبه بالحرب الباردة بين الجانبين، فالبرلمان لا يقبل بموعد الانتخابات الذي حدّده الكاظمي، كما يريد أن تجري التفاهمات والاتفاقات الدولية من خلاله (البرلمان) الأمر الذي يدفع باتجاه التصعيد بينهما".
وأشار إلى أن "تحالف الفتح ودولة القانون يخوضان حالياً حراكاً للاستعداد لجلسة برلمانية قد تعقد مطلع الشهر المقبل، ليتم خلالها تقييم عمل حكومته".
وأكد أن "تأزم العلاقة بين البرلمان والحكومة سيدفع باتجاه تعطيل عمل الدولة، والتي تحتاج لأن تكون هناك تفاهمات بين المؤسستين، وأن يكون عمل كل منهما مكملاً للآخر".
لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، هاجمت الكاظمي، وعدّت اتفاقياته الأخيرة غير ملزمة للعراق، ما لم يتم التصويت عليها في البرلمان.
وقال عضو اللجنة، عامر الفايز، في تصريح صحافي، إن "الحكومة مطالبة بإرسال محاضر جميع التفاهمات والاتفاقيات إلى البرلمان، من أجل الاطلاع عليها وتحديد موعد للتصويت عليها في البرلمان"، مشدداً على أن "العراق لن يلتزم بأي تعهد قدمه رئيس الحكومة خلال القمة الثلاثية أو خلال زيارته واشنطن، من دون أن يمرر في البرلمان بحسب القانون".
وأشار إلى أن "البرلمان بصدد دراسة التوصيات والاتفاقيات، ومدى أهميتها للعراق أو العكس، ومن ثم سيعرضها على التصويت".
"تحالف الفتح" الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، اعتبر أن ضعف إدارة الكاظمي للدولة، يضعه أمام الاستجواب برلمانياً، وأن بعض القوى تتوحد رؤيتها لتقويم عمل حكومته.
وقال النائب عن التحالف، وليد السهلاني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كل لجنة من اللجان البرلمانية لها الحق قانونياً بمتابعة عمل عدد من الوزارات ضمن تخصصها، وإن الاستجواب للوزراء هو عملية تقويم ووضع المعالجات لعمل الوزارات، لا سيما المتلكئة ببرنامجها الحكومي، والتي تحتاج الى التقويم"، مبيناً أن "الاستجواب شكل من الأشكال القانونية وهو حق دستوري للبرلمان".
وأكد أنه "يجب أن نضع أمامنا أن هناك الكثير من السياسات غير الواضحة في عمل الوزارات انعكست على أداء مهامها، ما يحتم أن يكون هناك تقويم برلماني لها، كما أن هناك ضعفاً كبيراً جداً في موضوع المتابعة والمراقبة، خاصة المشاريع الكبيرة والمتعلقة بالخدمات، والتي يجب أن يقوم بها البرلمان، بشكل قانوني بالمتابعة والتقويم للوزارات وتشخيص الخلل، وأن يتم استجواب الوزير المقصر".
وشدد على أنه "ليس من مصلحة البرلمان أن يعارض الحكومة، وأن واجبه أن يساند الحكومة في حال كانت تنتهج نهجاً قويماً وتعالج منافذ الفساد، لكن الحكومة لم تستطع حتى الآن وضع معالجات على أرض الواقع للكثير من المشاكل وملفات الفساد، بل إن عملها لم يتخط الدعاية الإعلامية فقط"، داعياً الكاظمي إلى أن "يدخل في الجانب العملي، خصوصاً بقطاع الخدمات، والمشاريع المعطلة والمتلكئة وهي بالمئات وهناك مؤشرات فساد فيها".
وأشار إلى أن "غالبية القوى السياسية تريد من الكاظمي العمل بشكل واضح وصريح على إعادة هيبة الدولة وبناء بيئة سياسية مستقرة لإجراء الانتخابات"، مستدركاً "لكن ما يؤشر على عمل الحكومة أن هناك ضعفاً في الوضع الأمني خاصة بالوسط والجنوب، وهو آخذ بالتصعيد".
وشدد على أنه "إذا بقيت الأمور على هذه الحالة فسيكون هناك استجواب للكاظمي، وأن هناك قوى سياسية ستجتمع وفق رؤية معينة في تقويم عمل الحكومة من خلال وجودها في البرلمان".
الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الحمداني أوضح، لـ"العربي الجديد"، أن الشد والجذب بدأ أولاً بين رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، بسبب ملفات عدة من أبرزها موضوع رئاسة الوقف السني، وموضوع الدرجات الخاصة والمحكمة الاتحادية وأخيرا تحديد الكاظمي موعداً للانتخابات دون معرفة مسبقة من رئيس البرلمان".
واعتبر أن "القوى المعارضة للكاظمي التي تمثلها كتلتا "الفتح" و"دولة القانون" تجد في هذا الأمر نقطة لصالحها وقد تحاول استخدام الحلبوسي في ضرب بعض الخطوات والقرارات التي تقدم عليها حكومة الكاظمي".
ورأى أن "المشهد العراقي سياسياً مقبل على أحداث وتطورات سريعة خلال الأشهر المقبلة وقد تعتبر هذه الفترة نقطة تحول عراقية ولو بشيء بسيط في مشهد العملية السياسية والفضل الوحيد لكل هذه الإفرازات والتطورات هو الشارع العراقي المتظاهر"، وفقاَ لقوله.