العراق: فساد وتلاعب بملف جرحى الجيش في مستشفيات إيران وتركيا

17 مايو 2017
فساد وتلاعب بملف الجرحى (حمد الربيع/Getty)
+ الخط -



لم يغادر الجندي طالب خليل الموسوي العراق، واكتفى بالعلاج في أحد مستشفيات بغداد لأسبوعين بعد إصابته في بطنه بإحدى معارك الجيش العراقي في الموصل شهر فبراير/ شباط الماضي، إلا أنه بحسب الأوراق الرسمية قد غادر إلى إيران وخضع للعلاج ورممت أمعاؤه الممزقة بفعل الشظايا، وصرفت من موازنة الدولة عليه 2500 دولار، لا يعلم في أي جيب استقرت اليوم.

التلاعب بملفات جرحى القوات العراقية بات في صلب آفة الفساد التي تنهش الدولة منذ الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003، فقد كشفت مصادر حكومية وأخرى برلمانية عراقية عن وجود عملية تلاعب وتزوير أرقام وبيانات بشأن ملف الجرحى الذين يتم نقلهم إلى إيران للعلاج، وهو ما حددته الحكومة بمصطلح "الحالات الخطرة والمستعصية"، إلا أن العشرات من الجنود والضباط المصابين أدرجوا تحت هذه الخانة دون حاجة لها بسبب إصاباتهم البسيطة التي يتم تضخيمها في الأوراق الرسمية واعتبارهم من الجرحى الخاضعين للعلاج "خارج البلاد" رغم كونهم عولجوا في المستشفيات العراقية.

ويُقدّر عدد من يُعالجون في مستشفيات خاصة إيرانية بنحو 300 جريح يتبعون الجيش العراقي، فضلا عن جرحى ينقلون إلى تركيا ودول أخرى، بحسب برنامج تقوم عليه لجنة طبية مشتركة بين وزارة الدفاع والصحة العراقيتين.

وقال الموسوي في حديث لـ"العربي الجديد"، "عرفت بسفري إلى إيران وعلاجي هناك ثم عودتي من آمر كتيبتي بعد تماثلي للشفاء واستئناف الخدمة، إذ زارني في غرفتي مرحّباً بي وهنأني على سلامتي، متسائلا هل جلبت له هدية من إيران؟، الأمر الذي فاجأني، فقلت له أي إيران أنا لم أذهب إلى هناك، فرّد بالقول بعد أن هزّ رأسه "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وبعد البحث والتقصي اكتشفت أنهم نشروا اسمي ضمن لائحة من غادروا للعلاج في إيران".

وأضاف "مع الأسف حتى أفراد الجيش الذين يتولون مهمة حفظ دماء العراقيين باتوا يتلاعبون بدمائهم من أجل المال".

 

برلماني عراقي طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب ما قال عنه إن "التحقيقات مستمرة ولا نريد إفسادها بالضغوط والوساطات السياسية من الآن" وأكد لـ"العربي الجديد"، أن بعض مستشفيات طهران تم اختيارها بشكل غير علمي وبناء على قامسيون (عمولة) بين مسؤولين عراقيين وإدارة تلك المستشفيات، بمعنى "اجلب لي جرحى أعطِك نسبة"، رغم أن بعض تلك المستشفيات ليست جيدة، ولا تتعامل بشكل محترم مع جرحانا، والأمر نفسه ينطبق على مستشفيات في تركيا أيضا.

وتابع" هناك ضباط وجنود لديهم معارف ولا يحتاجون إلى السفر، يتم تسفيرهم للعلاج كونهم يرغبون في تغيير الجو وأخذ إجازة طويلة، وهناك جنود يحتاجون فعلا للعلاج خارج العراق لكنهم يرفضون سفرهم، وهناك جنود يصابون ويبقون داخل العراق لكن تدرج أسماؤهم ضمن الذين سافروا"، وفقاً لقوله.

من جانبه، قال مسؤول بوزارة الصحة العراقية لـ"العربي الجديد"، إنّ "الملف فيه شبهات فساد ومكتب المفتش العام في وزارة الصحة تلقى شكاوى عديدة، لكن حتى الآن لم يتم التحرك بشأنه رسميا لأسباب غير معروفة".

وبيّن أن حالات الفساد ليست كثيرة لكن مقارنة بالذين يتوجهون شهريا للعلاج خارج العراق يجب فتح تحقيق، خصوصاً أنها تتعلق بملف مهم مثل القوات العراقية المسلحة التي تخوض معارك لو فشلت فيها لتحوّل العراق إلى جهنم.

وأعلنت وزارة الدفاع العراقية أخيرا فتح تحقيق بشأن سرقة كلية جندي عراقي داخل مستشفى بعد إصابة بذراعه، وهي الحادثة التي أثارت سخطاً شعبياً واسعاً في البلاد.

العريف خالد حسين العبيدي، أصيب بشلل نصفي جراء انفجار لغم بعربة همفي كان يستقلها قرب الرمادي عاصمة الأنبار المحلية العام الماضي، قال لـ"العربي الجديد": لأنه ليس لي واسطة أو معارف تركوني أتعفن وأقضي حاجتي على نفسي في السرير، بينما جندي آخر لديه معارف أصيب معي في نفس الحادث بجروح أقلّ، نُقل إلى إيران وعولج وهو الآن سليم. وأضاف "الفساد اخترق كل شيء من قبل المسؤولين حتى نحن الذين ندافع عنهم أكلوا حقنا".