ولم يتخذ الحزب الشيوعي العراقي إلى الآن قرارا بشأن مجمل التطورات أو ما سيفعله خلال الأيام المقبلة، لا سيما أن التوقعات تشير إلى نية احتواء "سائرون" كتلة "دولة القانون" التي يترأسها نوري المالكي، ومن ثم "النصر" لرئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، ليتم بعد ذلك إحياء البيت الشيعي السابق "التحالف الوطني"، بصيغة حديثة ووجوه جديدة، لكن بالزعامات نفسها.
ويبدو تقارب الصدر والمالكي واضحاً، إذ أكد مصدر من "التيار الصدري"، تحدث لـ"العربي الجديد" شرط عدم ذكر اسمه، أن "الأيام الماضية سادتها أجواء لطيفة بين المالكي والصدر لأول مرة بفعل ضغوط إيرانية على كلا الطرفين"، مبيناً أن "هذا سيمهد لتقارب بين الجانبين".
من جهته، أشار عضو "حزب الدعوة"، أحمد الحسناوي، إلى أن "أيام عيد الفطر تمثل فترة صافية للصدر والمالكي كي يفكرا بشكلٍ سليم لحل خلافاتهما الشخصية".
وقال الحسناوي لـ"العربي الجديد"، إن "الأسبوع المقبل سيشهد تطورات مهمة في علاقة "سائرون" و"دولة القانون"، وقد يتقاربان بشكل جيد".
وأضاف المتحدث ذاته أن "تحالف الصدر والمالكي ليس مستعبداً، لكنه في الوقت نفسه يعاني من صعوبات قد تعيق ميلاده، والمهم حالياً أن يتصالحا من خلال لقاء ودّي، وحتى إذا لم يتحالفا فهذا الأمر ليس مهماً، لأن التحالفات الحالية ليست استراتيجية، إنما مرحلية. إن لم يتحالفا خلال الأيام المقبلة، فقد يتحالفان في المستقبل، لأن تشكيل الحكومة لن يتم إلا من خلال "الدعوة" و"التيار الصدري"، وهذا الأمر حدث في السابق وسيحدث مستقبلاً".
بدوره، قال عضو في اللجنة المركزية لـ"الحزب الشيوعي" العراقي إن "الهيئة القيادية وأعضاء الأمانة العامة للحزب أصدروا خلال الأيام الماضية بيانين، الأول من المكتب السياسي والثاني من اللجنة المركزية، وحدثت أكثر من مناكفة بين الأعضاء بشأن القبول بتحالف "سائرون" مع "الفتح". لدينا تقليد دوري من خلال اجتماعاتنا للمباحثات حول الآراء الجديدة من خلال مسؤولي التنظيمات والكوادر الحزبية، وقد تبين أن هناك حالة غضب من غالبية أعضاء الحزب".
وأوضح عضو اللجنة لـ"العربي الجديد" أن "الحزب لا يزال متمسكاً بالمنهج الإصلاحي والتغيير في إطار تحالف "سائرون"، وطالما أن التحالف الجديد (الفتح وسائرون) يحقق تطلعات الشعب وتقديم الخدمات، وتوفير مساحة من الحريات، فنحن معه، لأن أهداف الحزب مدنية"، مشيراً إلى أن "أي عدم التزام من قبل "الفتح" بالمنهج الإصلاحي سيؤدي إلى غضبنا... لن نسكت، ولن نبقى في أي تحالف، كبير أو صغير، لا يلبي رغبات الشعب".
وتابع: "لا نفكر في الانسحاب حالياً من "سائرون"، فالانسحاب هو خيارنا الأخير، وتوجه المالكي للتودد إلى الصدر بتأثيرات وضغوطات إيران على الصدر سيقودنا إذا تحقق إلى الانسحاب والعودة إلى جبهة المعارضة البرلمانية من خلال ممثلينا الجدد، وساحات التظاهر في بغداد، وباقي المناطق".
ويوجد داخل تحالف "سائرون" 12 عضوا فازوا بالانتخابات الأخيرة من المحسوبين على التيار المدني بشكل عام، إلا أن الحزب الشيوعي يمثله رسميا اثنان فقط داخل تحالف "سائرون" برعاية مقتدى الصدر، من مجموع المقاعد الأربعة والخمسين التي حاز عليها التحالف، وهما سكرتيره العام رائد فهمي، والقيادية بالحزب هيفاء الأمين، بينما الآخرون رشحوا أنفسهم جنوب ووسط العراق ضمن عنوان التيار المدني العراقي داخل تحالف "سائرون"، ويعتقد أن انسحاب الحزب سيجر معه انسحاب الأعضاء المدنيين الآخرين.
وكان الحزب الشيوعي العراقي قد أصدر بياناً عقب إعلان الصدر تحالفه مع "الفتح" (هادي العامري)، قال فيه إن "الحزب يعمل على معالجة جميع الإشكاليات المتعلقة بالانتخابات بالشكل الذي يحفظ إرادة الناس وخياراتهم وتطلعاتهم نحو الإصلاح والتغيير"، مؤكداً أنّ "الحزب يجدد تمسكه بمشروع التغيير في منطلقاته الأساسية الداعية لبناء دولة المواطنة، ونبذ المحاصصة الطائفية، والتصدي للفساد، وحصر السلاح بيد الدولة، وتقديم الخدمات، وتنويع الاقتصاد، وإطلاق التنمية المستدامة".
وأشار إلى أن "هذه المنطلقات هي الأساس للتحالف مع "سائرون"، وستكون الأساس لأي تحالف أو تفاهم مستقبلي على طريق تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر"، مبيناً أن "الحزب الشيوعي حريص على استقلاله السياسي والتنظيمي والفكري، وسيصون هذا الاستقلال مهما كانت الصعاب".
ورأى المحلل السياسي العراقي، أحمد رحيم الساعدي، أن "الصدر سيحاول، خلال الأيام القادمة، إرضاء الحزب الشيوعي العراقي بأي طريقة، وعدم تركه ينسحب من تحالفه، لأن الحزب الشيوعي يمثل لتحالف "سائرون" الصبغة المدنية الحقيقية".
وأضاف الساعدي، لـ"العربي الجديد"، أن "تحركات الصدر من أجل تأسيس الكتلة الأكبر لن تتسم بالمدنية دون وجود الحزب الشيوعي، فإذا خسر وجوده سيعود شكل الصدر أمام العرب والعالم إلى ذلك الرجل الطائفي المنفرد بحماية مذهبه، دون مراعاة الأقليات والحريات".