تكشف تقارير عراقيّة رسميّة ارتفاعاً ملحوظاً في خسائر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في المعدات والأرواح، خلال الأشهر الستة الماضية، جراء الهجمات الجوية التي تنفذها قوات التحالف الدولي على مقرات وقوافل التنظيم. لكنّ الحصيلة المعلنة، والتي أوردها تقرير عراقي صادر أمس السبت، تبقى أقلّ بكثير من خسائر القوات الحكوميّة العراقيّة والميليشيات التابعة لها. ويفيد تقرير مشترك صادر عن وزارتي الدفاع والداخلية العراقيتين بارتفاع عدد قتلى تنظيم "داعش" خلال الأشهر الستة الماضية إلى نحو 4500 مقاتل، بينهم ما لا يقلّ عن 1200 مقاتل عربي وغربي الجنسيّة.
ويوضح مسؤول عسكري رفيع في وزارة الدفاع العراقيّة لـ"العربي الجديد"، أنّ غالبية قتلى تنظيم "داعش" قضوا بغارات جوية للتحالف الدولي، استهدفت مواقع مهمة وحساسة يتخذها التنظيم كمقرات له، فضلاً عن استهداف أرتاله وقوافله العسكرية بشكل كامل، بواسطة صواريخ انشطارية تستخدم للمرة الأولى في الحرب على "داعش" في العراق وتسبّبت بخسائر جسيمة في صفوفه.
ويشير المصدر إلى أنّ "الخسائر الماديّة للتنظيم ارتفعت أيضاً، إذ تمّ تدمير العشرات من الدبابات الأميركيّة والروسيّة التي يمتلكها التنظيم، فضلاً عن انحسار عمليات تهريبه للنفط، بسبب الاستهداف المتكرّر لصهاريج النقل التي عادة ما تتجه إلى المنطقة الحدوديّة المعروفة بـ"فيش خابور"، وهي مثلّث التقاء الأراضي السورية والتركية مع العراق، أقصى شمالي الموصل". وتُعدّ مناطق الأنبار والموصل وصلاح الدين، المناطق التي مُني فيها التنظيم بالنسبة الكبرى من الخسائر، وفق المصدر.
وفي ما يتعلّق بالقوات العراقيّة والميليشيات المساندة لها، يفيد التقرير، المرفق بوثائق وتقارير ميدانية، بحسب المصدر، بمقتل سبعة آلاف و894 عنصراً، بينهم ثلاثة آلاف و671 جندياً وشرطياً عراقياً، فيما استحوذت الميليشيات على النسبة المتبقية من تلك الخسائر".
ويشدد المسؤول العسكري العراقي على أنّ "التحالف الدولي لم يسجل أي خسائر تذكر، سواء مادية أو بشرية، في حين قتل 61 عنصراً من الحرس الثوري الإيراني، بينهم خمسة ضباط كبار، فضلاً عن ثلاثة لبنانيين من عناصر حزب الله، يعملون كمستشارين لميليشيات عراقيّة محليّة".
ويبيّن أنّ "نسبة التجنيد لا تزال مرتفعة لدى تنظيم "الدولة"، وكذلك نسبة استقبال المقاتلين الجدد من خارج البلاد، العرب أو الأجانب، وهو ما لا يجعل من مسألة تعويض "داعش" لخسائره مشكلة كبيرة". ويوضح أنّ تقدير الخسائر العراقية دقيق، لكنّ تقدير خسائر "داعش" يعتمد على تقارير استخبارية ومتعاونين مع القوات العراقية في مناطق نفوذه".
من جهته، يُعرب النائب في البرلمان العراقي، محمد الدليمي، عن اعتقاده بأنّ "أي حديث عن خسائر بشريّة بين مقاتلي داعش، لا يعني الكثير في المعركة، ما دامت الحدود مفتوحة والموجات البشرية تزداد كلما أصدر التنظيم فيلماً مصوراً يجذب به الشباب ويؤلّب فيه نفوس السذّج الساعين للقتال والمخدوعين بالجهاد".
ويقول الدليمي في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إنّ "التحالف فشل في ثلاث خطط لوقف امدادات داعش في العراق عبر سورية"، لافتاً إلى أنّ "الغطاء الجوي ليس كافياً وهم يستغلون سوء الأحوال الجوية ليلاً، للمرور بحريّة من دون رصدهم جواً".
ويشدّد النائب العراقي على "وجوب التفكير بطريقة أخرى تجعل خسائر "داعش" بلا تعويض، وإلا فإنّ الحرب ستطول لسنوات أخرى"، مشيراً إلى أنّ "التقارير الأمنيّة العراقيّة تؤكد أنّ السلطات التركيّة نجحت في اغلاق منافذ تسلّل الإرهابيين، وهذا تقدم كبير، لكن تبقى الحدود السوريّة الأهم في حلقة الصراع". ويتوقّف عند ضرورة "إعادة إغلاق الحدود قبل التفكير بأيّ حملة عسكرية واسعة، إذ إنّه من غير المعقول محاولة تنظيف غرفة، نوافذها مفتوحة على الأتربة"، على حدّ تعبيره.