العراق.. ائتلاف المالكي يلوّح بـ"البنادق" رفضاً لإعادة محاكمة العيساوي

20 يونيو 2020
اتهامات للمالكي بتسييس الاتهامات ضد خصومه (Getty)
+ الخط -
صعّدت القوى السياسية الحليفة لإيران في العراق، اليوم السبت، من خطابها الرافض إعادة محاكمة شخصيات سياسية تم توجيه تهم مختلفة لها خلال فترة حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية (2006-2014)، تتعلق بـ"دعم الإرهاب"، و"الفساد المالي"، ضمن دعاوى اعتبرت ملفقة بدوافع سياسية لإقصاء خصوم نوري المالكي السياسيين من الواجهة.
فقد لوّح ائتلاف "دولة القانون"، بزعامة المالكي، بـ"البنادق"، لمواجهة ما وصفه بـ"المخططات المدعومة من الخارج لإعادة الوجه الثاني للبعث (حزب البعث) وهو الإرهاب"، وذلك بعد يوم واحد من تحذيرات مماثلة أطلقها زعماء مليشيات حليفة لإيران تتعلق بالموضوع ذاته.

وعاد نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق رافع العيساوي إلى العراق، الثلاثاء الماضي، وسلّم نفسه للقضاء العراقي في بغداد، بحسب بيان صدر عن مجلس القضاء الأعلى في البلاد، وذلك بعد نحو سبع سنوات من مغادرته العراق عقب اتهام المالكي له بدعم الإرهاب والفساد المالي نتيجة خلافات سياسية بينهما في إدارة وتعامل الأخير الطائفي مع مدن ومناطق شمال وغرب البلاد.


واتسمت فترة حكم المالكي بإصدار عشرات مذكرات الاعتقال والأحكام القضائية بحق سياسيين وناشطين اعتبرت مسيسة ومبنية على تهم كيدية وملفقة، أبرزهم نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، والنائب أحمد العلواني، والنائب عبد الناصر الجنابي، والنائب محمد الدايني، والزعيم القبلي في محافظة الأنبار غربي العراق علي الحاتم، أمير قبائل الدليم، فضلاً عن رافع العيساوي الذي شغل مناصب عدة، أبرزها وزير المالية ونائب رئيس الحكومة 2010 حتى 2012.
وبحسب عضو بارز في البرلمان العراقي، تحدث عبر الهاتف مع "العربي الجديد"، اليوم السبت، فإنّ "هناك مساعي داخلية لتصفية ملف الأحكام القضائية المسيسة التي أطلقت في زمن المالكي كونها أخلت بالعملية السياسية وجعلتها مرتبكة"، كاشفاً أنّ "رؤساء البرلمان والجمهورية وقيادات سياسية متفقون على أهمية مراجعة كثير من الملفات والسماح للمتهمين بالدفاع عن أنفسهم وضمان محاكمة عادلة لهم".

ورجّح أن "تكون هناك شخصيات أخرى غير العيساوي قريباً لمواجهة التهم التي على أساسها أطلقت أحكام بحقها"، مضيفاً أن "المالكي أقصى عبر القضاء قيادات سياسية مهمة كان لها ثقلها".
وأشار إلى أن "الأحكام الغيابية التي صدرت في حينها تحتاج إلى أدلة ثبوتية وقرائن، واتخذت بضغوط سياسية، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر بها مجدداً".
في المقابل، لوّحت كتلة "دولة القانون" بـ"البنادق" لمواجهة ما اعتبرته "مشروع إعادة الإرهاب"، وقالت، في بيان لها، إنّ "بعض دوائر الشر مدعومةً من الخارج، بدأت الشروع بإعادة البعث الصدامي إلى الحياة السياسية، وإعادة الوجه الثاني للبعث من إرهابيين وقتلة، من أجل تشويه الواقع السياسي والتأثير على أبناء شعبنا، مستغلة حالة الشد بين الحكومة وقطاعات من العراقيين وانشغال الجهات الأمنية بمحاربة الإرهاب".
وأضاف البيان "نتابع بقلق شديد ما يتعلق بعودة بعض الهاربين من وجه العدالة من المجرمين الإرهابيين أو من يسوغ لهم"، داعياً القضاء إلى "الابتعاد عن تسييس القضايا الجنائية، وألا يخضع لأية ضغوط قد يحاول البعض ممارستها عليه، من خلال صفقات سياسية يتحمل القضاء تبعاتها".
وطالب كل من سماهم بـ"التيارات السياسية المناضلة، والمضطهدين في العهد البعثي"، بـ "اتخاذ موقف موحد أمام محاولات إعادة مشروع البعث الصدامي ومن معهم من الإرهابيين والمجرمين"، مهدداً بأنّ "البنادق التي دحرت الإرهاب ما زالت معنا، والشعب الذي عذبتموه وقتلتموه وشردتموه ما زال معنا".


أما النائب عن الائتلاف خلف عبد الصمد، فقد حذّر من "محاولات البعض الضغط على القضاء المستقل لتبرئة الشخصيات المدانة قضائياً ضمن صفقة سياسية مشبوهة على حساب الشعب العراقي"، مشدداً، في بيان له، على أنه "يجب على الأطراف التي تحاول الضغط على القضاء الكف عن أساليبها المنافية للقانون والأعراف وتجاوزها على الحق العام للشعب العراقي".

مقابل ذلك، تؤكد جهات سياسية أنّ الملفات القضائية في العراق تمت إدارتها بصفقات سياسية، وأنّ عدداً من الأحكام القضائية كانت تصدر بكل من يقف بوجه الحكومة.

وقال النائب عن "تيار الحكمة" علي البديري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كثيراً من الإجراءات بعد عام 2003 تتم عبر الصفقات السياسية، إذ لا يمر شيء بالبلد إلا بصفقة، في أي مفصل من المفاصل الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية"، مؤكداً أنّ "الملفات القضائية هي أيضاً تمت بصفقة سياسية، والذي يختلف مع التيار في البلد يتم تجريمه بصفقة سياسية، وتصدر ضده أوامر قضائية بالتجريم".
وأشار إلى أن "أي شخصية سياسية تمثل أمام القضاء العراقي، تستحق الاحترام، لأن احترامها للقضاء يدل على الشجاعة والوطنية".
أما عضو اللجنة القانونية البرلمانية، النائب محمد الغزي، فقد أكد أن "مسألة الأحكام القضائية التي صدرت ضد بعض الشخصيات السياسية العراقية، تقتضي مثول هؤلاء أمام المحاكم العراقية لإعادة محاكماتهم"، مبيناً، لـ"العربي الجديد"، أن "المتهم يقدم نفسه للمحكمة وحسب قانون المحاكمات الجزائية تتم إعادة محاكمته، وأن إعادة النظر بالحكم الغيابي لا تعني إلغاء الحكم الغيابي عنه، من الممكن أن تبقى الأحكام في حال توافرت أدلة الإدانة".
وأشار إلى أن "القضاء العراقي الحالي ينظر إلى الأدلة والوقائع"، مبيناً أن "القضاء أصدر أوامره سابقاً وفقاً للشكاوى المقامة ضدهم، أما الخصومة السياسية فهو (القضاء) بعيد عنها"
من جانبه، قال عضو نقابة المحامين العراقيين أحمد الموسوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كثيراً من أحكام القضاء في زمن المالكي كانت سياسية وغير مسنودة بأدلة أو براهين إدانة"، مضيفاً أن "ذلك لا يشمل السياسيين فقط، بل معتقلين تمت إدانتهم بناء على معلومات المخبر السري، أو وشايات كاذبة"، مبيناً أن "هناك مراجعات جيدة من قبل القضاء لكثير من الأحكام التي أطلقت في تلك الفترة، لكن يبقى الموضوع بحاجة إلى تصدير قانون يسمح بإعادة التظلم أو الاستئناف مرة أخرى، وهو ما يعتبر صعباً كونه يحتاج إلى توافق سياسي في البرلمان"، بحسب قوله.

المساهمون