العراق: أسلحة أميركيّة بيد المليشيات

27 أكتوبر 2014
تحظى الميليشيا المسلّحة بدعم إيراني (هيمن بابان/الأناضول)
+ الخط -
تؤكّد مصادر عسكريّة وسياسيّة عراقيّة، انتقال كميات كبيرة من الأسلحة الأميركيّة الجديدة، التي سلمت أخيراً للعراق، إلى مليشيا مسلّحة تحظى بدعم إيراني، وتساند الجيش الحكومي في عمليّاته ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، من بينها بنادق آلية خفيفة ومتوسطة، وقنابل حرارية يدويّة.

ويثير هذا الأمر امتعاض الإدارة الأميركيّة، التي فاتحت رئيس الوزراء حيدر العبادي بالموضوع، ولوّحت بإيقاف تسليم شحنة الذخائر والأسلحة، في حال عدم تقديم ضمانات بعدم وصول تلك الأسلحة إلى يد المليشيات الموالية لإيران، فيما أوضحت حكومة العبادي أنّ تسرّب تلك الأسلحة، جرى بشكل غير مباشر، خلال مشاركة المليشيات مع قوات الجيش في عمليّاته العسكريّة ضد تنظيم "داعش".

ويبيّن ضابط رفيع في هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي، لـ "العربي الجديد"، أنّ "مليشيات مسلّحة متورطة بعمليات تطهير عرقيّة وطائفيّة، وتشارك القوات العراقيّة النظاميّة في تصديها لتنظيم الدولة الإسلامية، استولت على كميات كبيرة من الأسلحة الأميركيّة، ومعدات حربيّة مختلفة كانت الولايات المتحدة قد أرسلتها للعراق ضمن خطط تعزيز أمن العاصمة بغداد ومنع اقتحامها من قبل تنظيم الدولة".

ويوضح الضابط، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أنّ مليشيا "عصائب الحقّ"، التي تمتلك جناحاً متطرفاً في سورية، لمساندة الرئيس بشار الأسد، وميليشيا "بدر" و"المهدي" و"حزب الله" العراقي، استبدلت بنادق الكلاشنكوف الروسية القديمة ببنادق الـM16 وM4 أميركيّة الصنع".

ويلفت المصدر العسكري إلى أنّ "تلك الأسلحة مخصّصة بالأصل للفرقتين السادسة والسابعة عشرة، المرابطة في محيط العاصمة بغداد منذ نحو شهرين، وأنّ ذخائر ودروعاً واقية وأجهزة اتصال كانت ضمن ما حصلت عليه تلك المليشيات".

ويشير الضابط نفسه، الذي يشغل منصباً استشارياً في غرفة التنسيق الأميركية العراقية المشتركة، فضلاً عن عمله في هيئة أركان الجيش العراقي، إلى أن "الولايات المتحدة لوحت بإيقاف تزويد القوات العراقية بشحنة أسلحة خفيفة ومتوسطة، إثر تسرب تلك الأسلحة وظهور عناصر مسلّحة بزي مدني تابعة لميليشيا بدر، وهي تحمل البنادق الأميركية، وتنفذ عمليات وصفتها بالخارجة عن القانون".

وتستخدم المليشيات في بغداد طلاءً أسود، لإخفاء العلم الأميركي على بعض المعدات، التي استولت عليها أخيراً، وكانت مخصّصة لقوات الجيش العراقي لتعارضها مع شعارات ترفعها تدعو "بالموت لأميركا وإسرائيل". ويؤكد الضابط أنّ "رئيس الوزراء الحالي، اعترف أمام قادة أميركيين، يزورون بغداد حالياً، بعدم سيطرته على حركة وتصرفات تلك المليشيات، التي اتخذت شكل "حكومة ظل"، في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وفشله باحتوائها مع وجود تهديد أكبر لأمن البلاد، وهو تنظيم داعش".

ونفى العبادي، وفقاً للمصدر ذاته، "وصول تلك الأسلحة إليهم بشكل مباشر أو مقصود"، موضحاً أنّهم "حصلوا عليها بشكل غير مباشر خلال مشاركتهم الجيش في معاركه ضد مقاتلي داعش غربي وشمالي البلاد".

من جانبه، يؤكّد القيادي في الحزب "الشيوعي العراقي"، حسام الجاف، في حديث لـ "العربي الجديد"، أنّ "فريق المستشارين الأميركيين أوصى بتقرير أنجزه خلال زيارة ميدانيّة إلى عدد من مدن العراق، بطمأنة العراقيين حيال مخاوفهم من استفادة المليشيات من غارات التحالف، ومنحها أفضلية على الأرض بعد سلسلة الغارات الجوية التي استهدفت تنظيم داعش".

ويوضح الجاف أنّ "استخدام مليشيات متورطة بجرائم قتل طائفية، أسلحةً أميركيةً، يبعث برسالة سيئة إلى المكونات العراقيّة، ولن يصبّ في صالحهم داخلياً في تشكيل التحالف ضد تنظيم الدولة". ويشير، في الوقت نفسه، إلى أنّ "الصفقة الأميركيّة للأسلحة التي ينتظر وصولها قد تتأخر بعض الشيء، بسبب ذلك، خصوصاً مع عجز العبادي عن كبح جماح تلك المليشيات، على الرغم من مساعيه إلى طمأنة الإدارة الأميركيّة بعدم منح الأمر أكبر من حجمه".

في غضون ذلك، يدعو عضو ائتلاف "حراك" في محافظة الأنبار، محمد عبد القادر، الولايات المتحدة، إلى عدم ضخّ السلاح في العراق، لأنّه سيكون "تكراراً للسيناريو الأفغاني"، على حدّ قوله.

ويبيّن عبد القادر، لـ "العربي الجديد"، أنّ "أسلحة روسيّة حديثة سبق أن وصلت إلى يد المليشيات، وحالياً أميركية"، معتبراً أنّه "من حقنا أن نسأل كيف سيكون الوضع في العراق، في ظلّ انعدام سيطرة الدولة وانتشار السلاح في يد مليشيات طائفيّة متطرّفة تتحرّك بأوامر إيرانيّة بعد طي صفحة داعش". ويرى عبد القادر أنّ "الولايات المتحدة تتخبّط في الملف العراقي أكثر من السوري، ومن شأن عدم وضع علاج لتلك المليشيات استمرار نزيف الدم العراقي".