العراق: "داعش" يقسّم التحالف الوطني بين طهران وواشنطن

30 سبتمبر 2014
غضب إيراني من دخول واشنطن ملعبها العراقي (Getty)
+ الخط -
لم ينجح التحالف الوطني ببغداد، في الاستمرار بالتكتّم على الخلافات الكبيرة التي بدأت تنخر جسده وتنذر بتفكّكه، منذ الإطاحة برئيس الحكومة السابق نوري المالكي، وتولّي خلفه حيدر العبادي سدّة الحكم في البلاد وزيارته الأخيرة إلى واشنطن. ويتّهم قادة التحالف الأخير بتوقيع صكّ أبيض للولايات المتّحدة.

ويكشف قيادي بارز في التحالف لـ"العربي الجديد"، عن انقسام داخلي كبير، ينذر بإعلان رسمي عن تفكّك التحالف، نتيجة مواقف العبادي، المنفتح على الغارات الأميركيّة، وتوجيهه مؤخراً دعوات إلى عدد من الدول الغربيّة للتدخّل العسكري في العراق. ويعارض الجناح المحافظ، الأكثر تشدّداً في التحالف والموالي لإيران، توجّه العبادي الأخير. وهو الموقف الذي تبنّته كتل المالكي وبدر وصادقون. في حين تعوّل كتل أخرى على أهميّة التدخّل الغربي لحسم الحرب ضد "داعش". وترى أنّ "تبنّي التيّار المتشدّد لموقف إيران، والاعتماد عليها عسكرياً، سيسهم في إذكاء الفتنة الطائفيّة وتأزيم الموقف بشكل أكبر".

ويقول المصدر ذاته إنّ "الضغوطات الإيرانيّة على التحالف والعبادي، ازدادت بشكل غير مسبوق، في الآونة الأخيرة، لدفع الأخير إلى تقنين التدخّل الغربي والتضييق عليه"، مبيّناً أنّ "الخلافات داخل التحالف قسّمته إلى جناحين، مؤيد لإيران وآخر لأميركا".

وفي سياق متّصل، يعتبر عضو التيار الصدري حسين البصري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "أبرز نقاط الخلاف، هي الانفتاح على الغرب من قبل العبادي، وتضييقه مؤخراً على المليشيات الشيعيّة، ورفضه صرف مرتّبات لها، فضلاً عن اتهامه بالميوعة واللين مع الأكراد والسنة". ويشير إلى أنّ "المالكي يقود حرباً باردة ضد العبادي، ويحشد لإسقاطه سياسياً، داخل الشارع الشيعي، وهذا ما لم يعد خافياً على أحد".

ويرى البصري أنّ "الولايات المتحدة بدأت عمليّة كسب شخصيّات وأحزاب شيعيّة كاملة لصالحها، بعد سنوات من موالاتها لإيران، تحت غطاء تهديد "داعش" لنزع الحكم في العراق من الشيعة، ولعب واشنطن دور الرحّال الذي سينهي هذا التهديد".

ويقول إنّ "طرفي التحالف يؤمنان بأنّ الولايات المتحدة تستغل "داعش" سياسياً، في إعادة ترتيب أوراقها في العراق، لكنّ الطرف الأول المتمثّل في العبادي يرى الموضوع بمثابة ضريبة للخلاص من "داعش" يجب دفعها. فيما يعتبر الطرف الثاني، المتمثّل في المالكي، أنّه ليس بالإمكان خسارة دعم إيران والتضحية بها، وأنّ هزيمة "داعش" ممكنة من دون الدعم الأميركي". ويشدّد على أنّ "التحالف فشل حتى الآن في عقد اجتماع متكامل، منذ نحو شهر".

ويكشف البصري "اعتذار العبادي عن دعوة لزيارة إيران، معللاً ذلك بانشغاله في تسمية الوزراء الأمنيين للحكومة، في حين توجّه إلى واشنطن عندما طلب منه الحضور، وهو ما أغضب إيران والموالين لها في العراق"، على حدّ تعبيره.

من جهته، يوضح النائب السابق في البرلمان العراقي، طه الجنابي، أنّ "التحالف يمرّ بأسوأ فتراته، بموازاة غضب إيران من دخول واشنطن إلى ملعبها، ومحاولتها إقناع العبادي بأن الأخيرة تضخّم حجم "داعش" وخطورتها لأهداف ومطامع سياسيّة".

ولا يستبعد الجنابي أن "نشهد فعلاً مشاكل شيعيّة ــ شيعيّة في العراق، تؤدي إلى انقسام وفوضى، قد تصل إلى مرحلة التصفيات الجسديّة. لكن يبقى الرهان على مدى قدرة العبادي على الصمود أمام الضغوط الإيرانيّة والضغوط الداخليّة التي يقودها المالكي".