لم يعد للنازحين في مخيم "بزيبز" المعبر الوحيد بين الأنبار وبغداد بالعراق، غير اللجوء للأعشاب والحشائش، للتغذية وسد الجوع، نتيجة شح المساعدات.
وتصاعدت دعوات ناشطين، بضرورة التدخل لحل ما وصفوه بـ"الكارثة الإنسانية الجديدة"، حيث يرزح النازحون تحت وطأة الفقر، والظروف الاجتماعية والاقتصادية الخانقة.
ويعيش النازحون في "بزيبز" ظروفاً قاسية، يفتقرون بسببها للغذاء والدواء وحليب الأطفال، بالإضافة إلى وسائل التدفئة. وأصبح هؤلاء يرون في جميع حاجياتهم "كماليات فقط"، بعد أن تحول الغذاء إلى أولوية قصوى، بسبب ما يشكل الجوع من تهديد لحياتهم، وخصوصاً الأطفال وكبار السن منهم.
وتشير معطيات حصل عليها "العربي الجديد"، استنفاذ النازحين كميات الطعام التي منحتها لهم بعض المنظمات الإغاثية في السابق.
وفي سياق الكارثة، قال الناشط حامد الدليمي، إن "المجاعة بدأت تنهش أجساد النازحين في المخيم، ولم يعد أمامهم سوى تناول الأعشاب والحشائش، فيما لا يجدون ما يطعمون به أطفالهم الرضع لانعدام حليب الأطفال".
اقرأ أيضاً: بغداد: انتشار عربات تجرها الحمير والبغال يزعج سكان المدينة
وأضاف الدليمي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "رغم اتصالاتنا المستمرة بمختلف الجهات الحكومية والمحلية، لم نجد أي تجاوب أو اهتمام بهذه الكارثة الإنسانية، ونطالب الأمم المتحدة بإرسال لجنة خاصة للاطلاع على حجم الكارثة".
وكشف النازح محمد الفهداوي لـ"العربي الجديد"، عن لجوء النازحين لأكل بعض أنواع الأعشاب دون معرفة مخاطرها بسبب الجوع الشديد.
وقال الفهداوي في شهادته عن الأوضاع، "صرنا نبحث عن الحشائش ونقطفها، ثم نقوم بغليها أو نأكلها مباشرة لشح الغذاء، أما الأطفال الرضع فلا نجد ما نطعمهم به لشح الحليب، وعدم تقديم الحكومة العراقية أي مساعدات غذائية لنا".
ويقوم الشاب صابر فوزي (31 عاماً) يومياً بالتجول رفقة عدد من الرجال والشباب وحتى النساء، لقطف النباتات، مستغلين وجود المخيم في منطقة تنمو فيها بوفرة.
اقرأ أيضاً: مفوضية حقوق الإنسان :2015 شهد جرائم تاريخية في العراق
وكشف فوزي لـ"العربي الجديد"، عن أنواع الأعشاب التي يستخدمونها،"الجنيبرة" و"الخباز" و"السلق" و"الفجل الصحراوي"، مشدداً على أنها "لا تغني من الجوع"، ولكن "لا نملك حلاً آخر".
ولا يبالي النازحون بمخاطر تلك الأعشاب لشدة الجوع، لأن هاجسهم الأول أصبح توفير أي طعام لأسرهم، في وقت يتجول فيه بعض الناشطين دون القدرة على تقديم شيء لضعف إمكانياتهم.
ويطبخ النازحون تلك الأعشاب لإطعام صغارهم، هؤلاء بدأ الجوع يرسم ملامحه على وجوههم وأجسادهم، وتظهر عليهم آثار سوء التغذية، مقابل صمت حكومي غير مسبوق حسب تصريحات النازحين.
وفي هذا السياق، طالب وجهاء من الأنبار، بضرورة تحرك دولي سريع للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية، لإنقاذ النازحين في المخيمات من الجوع.
واعتبر أحد وجهاء الأنبار، الشيخ عبدالله الدليمي، لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة العراقية تتعامل مع النازحين بطائفية واضحة وصريحة، ولا تقدم لهم أي مساعدات تذكر، فيما لا تمتلك المنظمات الإنسانية المحلية القدرة على توفير ما يحتاجه النازحون لضعف الإمكانيات".
وأشار الدليمي إلى أن "الآلاف من النازحين في مخيم (بزيبز) وغيره، يواجهون الجوع والأمراض والبرد، وناشدنا باستمرار الحكومتين المركزية والمحلية، لكن دون فائدة للأسف، ونجد أنفسنا مضطرين لمناشدة الأمم المتحدة للتدخل".
وكان أكثر من 150 ألف مواطن نزحوا من الأنبار، في أبريل /نيسان الماضي، مع بدء معارك شرسة بين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والقوات العراقية في الرمادي مركز المحافظة.
وفي وقتٍ رفضت فيه الحكومة العراقية السماح لنازحي الأنبار بالمرور إلى العاصمة بغداد، عبر جسر "بزيبز" المعبر الوحيد الذي يربط العاصمة بالأنبار، اضطر الفارون من المعارك، للبقاء قرب الجسر، والذي أصبح فيما بعد أحد أكبر المخيمات بالعراق.
ويعتمد النازحون في المخيمات على المساعدات التي تقدمها بعض المنظمات الإنسانية، أو بعض المتبرعين والناشطين، وتتمثل في أغذية وحليب أطفال وبعض الأدوية، لكنها شحيحة جداً ولا تسد حاجة الآلاف منهم.
وسبق وحذرت الأمم المتحدة في بيانها، من كارثة إنسانية مرتقبة في العراق، وناشدت الدول المانحة، بتوفير مبلغ 500 مليون دولار لدعم ملايين النازحين في البلاد.
وذكر بيان لبعثة الأمم المتحدة، أن "8 ملايين عراقي بحاجة لمساعدة عاجلة لإنقاذ حياتهم، في وقت أجبرت فيه أعمال العنف أكثر من 3 ملايين عراقي على ترك منازلهم، والتشرد داخل أكثر من 3000 موقع في عموم العراق".
اقرأ أيضاً: حملة "ألف دينار" في بغداد للنازحين ومرضى السرطان