قال رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، إنّ "الوضع الاقتصادي سيكون صعباً بعد جائحة كورونا التي من الصعب الإحاطة بخسائرها"، مؤكداً أن "لجنة اليقظة بصدد وضع سيناريوهات الإقلاع الاقتصادي".
وذهب، في حوار مع القناة الأولى المغربية، مساء الخميس، إلى أنّه "من الصعب الإحاطة الآن بالخسائر الاقتصادية الناجمة عن الفيروس"، غير أنه شدد على أن "التفكير منصب على مرحلة ما بعد كورونا".
العثماني، الذي أُجري معه ثاني حوار مع التلفزيون المغربي منذ انتشار الفيروس، أكد أنه "لا يوجد حتى الآن تصور حول ما سيكون عليه الاقتصاد"، لافتاً إلى أن المعطيات اليومية تتغير بشكل متواصل.
غير أنه أشار إلى أن كل قطاع إنتاجي يتولى حالياً تقييم وضعه لإرساء تصور لما بعد الجائحة، مشيراً إلى أن تصورات كل قطاع ستحال إلى "لجنة اليقظة الاقتصادية"، حيث ستوضع سيناريوهات لما بعد الجائحة.
وفي تشخيصه للوضعية بعد الجائحة، أكد العثماني أن 62% من الشركات متوقفة جزئياً أو كلياً عن العمل بسبب الجائحة.
وكان وزير الشغل والإدماج المهني محمد أمكراز قد كشف عن توقف 900 ألف عامل عن العمل، في إبريل/ نيسان، من ضمن 2.6 مليون عامل مصرح عنهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأشارت المندوبية السامية للتخطيط إلى أن عدد العاطلين ارتفع إلى 1.29 مليون في الربع الأول من العام الجاري، بارتفاع 19.1%، غير أنه يرتقب أن يقفز إلى مستويات قياسية في الربع الثاني، حيث ستظهر أكثر الخسائر التي تكبدها الاقتصاد.
وذهب العثماني إلى أن القطاعات التي تعاني هي تلك المعتمدة على التصدير والمرتبطة بالنقل الجوي، مثل السياحة، بالإضافة إلى القطاعات التي تجد صعوبة في الحصول على المادة الأولية.
غير أنه لاحظ أن بعض القطاعات ما زالت تعمل بكامل طاقتها، مثل الصناعة الغذائية والزراعة، مضيفاً أن المغرب يؤمن السلع الغذائية بما يكفي، وبأسعار معقولة، مؤكداً "لدينا ما يكفي من الغذاء".
ولفت إلى أن أنشطة أخرى برزت في ظل الجائحة من أجل الاستجابة للحاجيات المرتبطة بالوقاية والعلاج، مثل تلك المتمثلة في تصنيع الكمامات أو أجهزة التنفس.
وكان وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون قد أكد أن الصناعات الاستراتيجية والغذائية وقطاع المواصلات والخدمات، التي تمثل 41% من الناتج الإجمالي غير الزراعي، لم تتوقف، وهي نسبة ترتفع إلى 53% عند احتساب الإدارات العمومية.
وتوقع صندوق النقد الدولي، في تقرير سابق، انكماش الاقتصاد المغربي بـ3.7% في العام الحالي، بعد نمو في حدود 2.2% العام الماضي، وتوقع أن يمر الاقتصاد بمرحلة ركود في العام الحالي، رغم الجهود التي بذلت من أجل التخفيف من آثار كورونا.
وترقب صندوق النقد الدولي أن ينفلت عجز الموازنة ليصل إلى 7.1% من الناتج الإجمالي المحلي هذا العام، بعدما استقر على 4.1% العام المنصرم.
وتظهر تقديرات الصندوق أن الإيرادات ستمثل 27.3% من الناتج الإجمالي المحلي، من 25.6%، بينما ستقفز النفقات من 30% إلى 34.7%.
الخبير في المالية العمومية محمد الرهج شدد، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أنّ "أزمة كورونا تستدعي تعديل قانون مالية العام الجاري"، مؤكداً أنه "يجب ألا تكون المالية ذات منحى تقشفي".
وأوضح أن "الموازنة الجديدة يفترض أن تأخذ في الحسبان تراجع الإيرادات الجبائية واللجوء إلى الاستدانة، من دون التضحية بالإنفاق على القطاعات الاجتماعية التي يمكن أن توفر إيرادات محفزة للطلب".