وشمل القرار، الذي أصدره العبادي، 26 قائداً في الجيش، غالبيتهم من المحسوبين على رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي والتحالف الوطني الذي ينتمي إليه العبادي أيضاً، كما تضمن إحالة 10 آخرين إلى التقاعد، ونقل 41 ضابطاً برتب فريق ولواء وعميد إلى مواقع أدنى بصلاحيات محدودة.
ويكشف مسؤول عسكري عراقي، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، عن أن "خطوة العبادي تُعتبر استباقية، إذ كان هناك مخطط كُشف عنه قبل يومين لعدد من قادة الجيش المقالين، وبدفع من المالكي، لإفشال مشروع رئيس الحكومة باستقدام مزيد من الأميركيين إلى البلاد للدعم ومساندة مهام الحرب على الإرهاب".
ويوضح أن "المالكي كان يلتقي بأغلب تلك القيادات بشكل شخصي، وتم تسريب معلومات عن وجود نوايا لإعاقة مشروع العبادي من قبل هؤلاء، تماشياً مع التوجّه الإيراني المعارض للنفوذ الأميركي المتزايد في العراق، منذ أحداث العاشر من يونيو/حزيران الماضي، الذي شهد سقوط الموصل ومدن شمال البلاد".
ويشير المصدر، إلى أن "قادة الجيش المقالين، الذين يوالون المالكي، كان لديهم مخطط سياسي للعبث بعملية انفتاح العبادي على مزيد من التدخل العسكري الأميركي وتسليح العشائر غرب البلاد".
ويؤكد أن "خطوة إقالة هؤلاء تُعتبر استباقية وقد نالت استحسان الإدارة الأميركية، التي قد تكون هي التي سرّبت معلومات وتقارير عن نشاط الضباط غير الدستوري". ويلفت إلى أن "نوع مخطط الضباط المقالين لم يُعرف بشكل كامل حتى الآن، لكنه بالتأكيد كان سيضرّ بالعبادي وحكومته والشعب العراقي أيضاً، من خلال التعرض للقوات الأميركية وقتل عسكريين أميركيين بالتواطؤ مع مليشيات موالية للمالكي".
وأشار إلى وجود "شكوك في ضلوع هؤلاء في فتح ثغرات في قطعات الجيش غربي بغداد، مكّنت تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من الوصول إلى محيط المطار الدولي، قبل أن تتم معالجتهم من قبل طائرات الأباتشي الأميركي".
ويكشف المصدر نفسه عن أن قائمة الضباط المقالين شملت رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في العراق، الفريق الركن حاتم المكصوصي، والذي كان خلال فترة حُكم المالكي حلقة الوصل بين بغداد والرئيس السوري بشار الأسد. ويُنسب إلى المكصوصي أنه عضو الارتباط بين بغداد ودمشق طيلة السنوات الماضية والمسؤول عن تنسيق ملف المليشيات الداعمة لنظام الأسد، وعبور المساعدات الإيرانية إلى سورية عبر العراق براً، عبر منفذي الوليد والقائم طيلة السنوات الماضية.
كما شملت حملة التطهير العسكرية، بحسب القرار الوزاري، كلاً من قائد القوات البرية العراقية، الفريق الركن علي غيدان، والذي عُيّن بدلاً منه الفريق أول الركن، رياض القطيري، فضلاً عن أمين سر وزارة الدفاع، الفريق إبراهيم اللامي، ورئيس الجامعة العسكرية في وزارة الدفاع، الفريق عباس بريسم، وقائد قوات الجيش في محافظة الأنبار، الفريق الركن رشيد فليح، وقائد قوات الجيش في سامراء، الفريق صباح الفتلاوي، وقائد قوات الجيش في بغداد، الفريق الركن عبد الأمير الشمري، إضافة إلى قادة الجيش في محافظات بابل وكربلاء والنجف والبصرة.
وشملت قرارات الإقالة أيضاً خمسة من مساعدي رئيس أركان الجيش، والمفتش العسكري والمدني للوزارة، وستة من قادة الألوية الخاصة، من بينها اللواء المكلّف بحماية المنطقة الخضراء، ومدراء عامين في وزارة الدفاع، فيما جرى إحالة رئيس أركان الجيش، الفريق أول الركن بابكر زيباري، إلى التقاعد، وتم تعيين الفريق أول، خورشيد رشيد، بدلاً عنه، إضافة إلى إحالة 10 قيادات أخرى إلى التقاعد وفتح تحقيق مع ستة ضباط كبار في الجيش بتهم تتعلق بالفساد والتقصير بالواجب.
ويؤكد المسؤول العسكري العراقي أن "ستة من قيادات الجيش المقالة متهمون بجرائم حرب، وانتهاكات لحقوق الإنسان خلال السنوات الماضية، وجرائم تعذيب في السجون أفضت إلى الموت، فضلاً عن ابتزاز قضاة ورجال سياسة لصالح المالكي خلال حملته الانتخابية الأخيرة".
ويُلاحظ في قائمة تعيينات العبادي الجديدة، على رأس الهرم العسكري العراقي، وجود ستة من الضباط، الذين سبق للمالكي أن أقالهم بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد، وقد تُمثّل عملية إعادتهم الى قيادة الجيش بادرة حسن نية من العبادي، قبل انعقاد مؤتمر المصالحة الوطنية المقرر نهاية الشهر الحالي.
وأبرز القيادات العسكرية، التي جرى تعيينها في مواقع حساسة في الجيش، الفريق قاسم المحمدي، في منصب قائد قوات الجيش في القاطع الغربي للعراق، والفريق الركن، مرضي المحلاوي، مساعد رئيس أركان الجيش لشؤون القوات البرية، والفريق، عماد الزهيري، قائد قوات الجيش في سامراء. ولاقت خطوة رئيس الحكومة ترحيباً من القيادي في الحراك العراقي، سعد العبيدي، التي وصفها بـ"الموفقة والمباركة".
وقال العبيدي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن"العبادي قاد انقلاباً خطيراً، ويمكن القول إنه أكثر القرارات جرأة حتى الآن له".
وأوضح أن "بعض القيادات المقالة رفضت قرارات مختلفة للعبادي خلال الفترة الماضية، لم يشأ الأخير الكشف عنها تجنباً للإحراج، منها مخالفتهم أوامره بإيقاف القصف داخل المدن، وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية للمواطنين في تلك المدن، ورفضهم طرد عناصر الجيش والحشد الشعبي المشتبه في تورطهم بجرائم ذات دوافع طائفية، حصلت أخيراً في بابل وبغداد وديالى وصلاح الدين". وأشار الى أن "علامات ارتياح بدت على الشارع العراقي في مناطق شمال وغرب البلاد إثر هذا القرار".