العام الهجري في تونس: مناسبة لإحياء التراث

11 سبتمبر 2018
طبق الكسكس مختلف عن الأيام العادية (فيسبوك)
+ الخط -
تتنوع عادات التونسيين في استقبال العام الهجري الجديد، أو العربي كما يحلو للبعض أن يسميه باللهجة المحلية، كل بحسب تقاليد محافظته وطقوس أهل بيته التي تحرص ربات البيوت على إحيائها والتمسك بها.

ويعتبر هذا اليوم عطلة رسمية وفرصة للعائلات لصلة الرحم والاحتفال والتسامح، والتجمع حول طبق شعبي مستمد من التراث القديم، يكون في الغالب إما لحماً مجففاً ومُملحاً، أو ما يسمى بـ "القديد"، أو طبق الملوخية والكسكس المزين بالحلوى والفواكه الجافة أو الحساء والبيض، بالإضافة إلى الأطباق المزينة بعرائس السكر.

وتدخر ربات البيوت "القديد" من لحم أضحية العيد خصيصاً لإعداد طبق الكسكسي في رأس السنة الهجرية، ويسمى أيضا كسكسي العام العربي، إذ يودع البعض العام بإغلاق "الكسكاس" وهو إناء يستعمل لإعداد الكسكس بقطعة قماش تسمى "القفال"، ثم يعيدون فتحه في دلالة على إنهاء السنة واستقبال أخرى.

ويختلف كسكسي السنة الهجرية عن كسكسي بقية أيام السنة، إذ يتم الاستغناء فيه عن مجمل الخضر التي يتميز بها هذا الطبق، ما عدا الفول، ويتم الإكثار من الكركم، وعادة ما يكون خاليا من الفلفل الأحمر، كما تغيب عنه اللحوم الحمراء وتعوض بقطع القديد، ويتم تزيينه في النهاية بالبيض المسلوق والحلوى والفواكه الجافة والتمر.

من جهة ثانية، يفضل بعض التونسيين استقبال العام الهجري بالملوخية التي تمتاز بلونها الأخضر ليكون العام خصبا، فاللون الأخضر دلالة على الخيرات وتفاؤل باستقبال سنة خضراء.

أما في جزيرة جربة ومدن الجنوب الشرقي، فإن الأكلات التي تعدّ في هذه المناسبة، هي إما  الحساء أو المحمص بالقديد والمقرونة والبقول، ويتم تزيينها بكميات كبيرة من البيض المسلوق ويعتقد أهالي هذه الجزيرة أن إعداد هذه الأطباق السهلة التي لا يتطلب جهدا كبيرا يراد من خلالها أن يمر العام سريعا، أي سهلا في قضاء الشؤون والحاجيات.

وتظل عادات محافظة نابل بالوطن القبلي الأشهر على الإطلاق في استقبال السنة الهجرية، إذ حافظ سكانها على عرائس السكر (الحلوى)،  فهم يستقبلون العام الجديد بالحلويات التي تتخذ ألوانا زاهية وجميلة، ويقبل عليها الزوار من كل حدب وصوب وعادة ما يتم توزيعها على الأطفال بأشكالها العديدة والمختلفة كالديك والأسد والحصان.

وقبيل السنة الهجرية بنحو أسبوع، تتزين شوارع نابل بعرائس الحلوى وتشهد المدينة حركة غير معهودة لاقتناء عرائس الحلوى التي يكاد لا يخلو منها بيت، فتنشط الدورة الاقتصادية وتزدهر التجارة، هذا دون إغفال الأطباق التي يتم إعدادها بحسب الرغبة والعادات، والتي لا يمكن أن تخلو من البيض المسلوق والحمص والسكر والفواكه الجافة.



وإذا كان إحياء السنة الهجرية، قد ارتبط عند الكثيرين بأطباق ووصفات خاصة بهذه المناسبة مستمدة من التراث التونسي، فإن البعض الآخر حافظ على بعض العادات كاستعمال الحنّاء وهي ضرورية في بعض المحافظات وخاصة لدى كبار السنّ، فيما يفضل كثيرون استغلال هذه المناسبة لزيارة الأقارب وصلة الرحم.