أكدت مصادر حكومية مصرية لـ"العربي الجديد"، أنّ العالم المصري أبو بكر رمضان الذي تُوفي في المغرب الخميس الماضي، أعدّ مع مجموعة خبراء آخرين تقريرا حول خطورة مفاعل ديمونة الإسرائيلي على البيئة في الدول العربية، بتكليف من وزراء البيئة العرب.
وقالت مصادر بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية إن العالم الذي أعلنت وفاته خلال مشاركته بورشة عمل نظمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول التلوث البحري، سبق أن شارك في ديسمبر/كانون الأول 2018، في اجتماع الخبراء المكلفين من وزراء البيئة العرب بدراسة الآثار المحتملة لمفاعلات "بوشهر" في إيران و"ديمونة" في إسرائيل، وتم تكليفه إلى جانب خبراء آخرين، بدراسة الآثار البيئية لهذه المفاعلات النووية على الدول المجاورة.
وحصل "العربي الجديد" على نصوص توصيات اجتماع الخبراء التي شارك في إعدادها، والتي نشرت بالعدد الثالث من مجلة "الذرة والتنمية" الصادرة عن الهيئة العربية للطاقة الذرية في 2018.
وجاء في نص التوصيات أنه "تنفيذا لقرارات مجلس وزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة في دورته الـ 29 بتاريخ 19 أكتوبر/تشرين الأول 2017، قامت الهيئة العربية للطاقة الذرية بدعوة المختصين العرب لعقد اجتماع خبراء بمقر الهيئة العربية بتونس خلال الفترة من 8 إلى 10 ديسمبر 2018، ويهدف الاجتماع إلى تبادل الآراء واستكمال الدراسات حول خطورة المفاعلات الحدودية على دول الجوار، وماهية التأثيرات البيئية والصحية، وكيفية الاستعداد والتعاون العربي في حالات الطوارئ ومواجهة الحوادث التي قد تنجم عن هذه المفاعلات".
وشارك في الاجتماع خبراء من كل من مصر والكويت والبحرين والعراق وسلطنة عمان، ومثّل الهيئة في الإشراف على الاجتماع الدكتور فاخر العكور الذي قدم عرضا مفصلا حول مواضيع الاجتماع، وهي مصادر التلوث الإشعاعي للمنطقة العربية، ومحطة بوشهر النووية الإيرانية، ومفاعل ديمونة الإسرائيلي، والمخاطر البيئية، والآثار الإشعاعية، والأثر على الزراعة والبيئة، والآثار الاقتصادية، ومجابهة الطوارئ الإشعاعية، ومشاكل التلوث الإشعاعي العابر للحدود، والإجراءات العاجلة والآجلة لمتابعة التسرب الإشعاعي، ووضع الاقتراحات والتوصيات للحلول المناسبة وتوحيد الآليات المتبعة في عمليات الرصد الإشعاعي وتأثير المفاعلات الحدودية على المنطقة العربية، وقام الخبراء المشاركون باستعراض ما تقوم به دولهم على المستوى الوطني بشأن إجراءات الوقاية والأمان والطوارئ الإشعاعية.
وأصدر معدّو التقرير، ومنهم العالم المصري الراحل، 13 توصية، بينها اتخاذ الإجراءات السياسية والدبلوماسية للضغط على الدول التي لديها مفاعلات نووية من أجل التوقيع على اتفاقية الأمان النووي "CNS"، ووضع آليات لتنفيذ ومراقبة التلوث الإشعاعي الناتج عن المفاعلات الحدودية من خلال عمليات النمذجة المتبعة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتعميمها على الدول العربية.
وطالب التقرير بإعداد مقترح أولي لمشروع متكامل لعملية النمذجة، على أن يشمل ذلك الهدف والمدد الزمنية والميزانية المالية اللازمة لتنفيذه والطلب من الهيئة العربية للطاقة الذرية السعي لإيجاد مصادر تمويل من الجهات المانحة المختلفة، وإعداد مسودة دليل إرشادي شامل بجميع خطوات وآليات وعمليات تنفيذ الطرق الخاصة بمراقبة التلوث الإشعاعي بالاستعانة بالدليل الإرشادي للوكالة الدولية من خلال وثيقة مرجعية موحدة من الهيئة العربية للطاقة الذرية، فضلا عن إعداد نظام متكامل لتقييم التأثير الإشعاعي للمنشآت النووية المختلفة على الإنسان والبيئة بنظام مماثل للمتبع في الوكالة الدولية، والعمل على تنفيذ دورة تدريبية حول نمذجة الانتشار والتشتت للنشاط الإشعاعي في الجو.
وأوصى التقرير بالعمل على تنفيذ دورة تدريبية حول البيئة البحرية والرسوبيات البحرية، والثناء على قيام الهيئة العربية للطاقة الذرية بإعداد الشبكة العربية للرصد الإشعاعي والإنذار المبكر وتقديمه للوكالة الدولية لطلب الدعم، مع تعميم نموذج العناصر المتكاملة لخطة الطوارئ النووية التي أعدتها الهيئة العربية للطاقة الذرية في مجال كيفية الاستعداد والاستجابة لحالات الطوارئ ومواجهة الحوادث النووية والإشعاعية، والدعوة إلى عقد ورشة عمل في المجال مع ضرورة دعوة الدول العربية غير المنضمة إلى الهيئة العربية للطاقة الذرية إلى الإسراع في الانضمام إلى عضوية الهيئة نظرا لأهمية موضوع التلوث الإشعاعي والبيئي على المنطقة العربية وحرصا على تكامل العمل العربي المشترك.
وشدد التقرير على "الطلب من جامعة الدول العربية السعي لتعزيز الموقف العربي لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية"، وكذلك الطلب من الدول العربية ومن خلال الهيئة دعوة الخبراء للاجتماع القادم 2019، مع مراعاة استمرارية حضور الخبراء الذين حضروا لهذا العام واستمرارية مثل هذه الاجتماعات لتحديث الدراسات وتطويرها.
وتجري حاليا تحاليل معمقة للعالم المصري للتأكد من وجود شبهة جنائية في وفاته أو عدمه، وقال السفير المصري في المغرب أشرف إبراهيم، إن نتيجة التحاليل المعمقة بعد تشريح جثمان العالم المصري أبو بكر إبراهيم والتي تمت بناء على أمر من النيابة العامة المغربية، ستصدر بعد أسبوع.
وتوفي العالم أبو بكر عبد المنعم رمضان، يوم الخميس الماضي في المغرب عن عمر يناهز 61 سنة، وأوضح السفير المصري بالمغرب، أنه أثناء الاجتماعات في إطار الورشة، شعر رمضان بإجهاد واستأذن للذهاب إلى غرفته، وزاد عليه التعب فأبلغ الفندق، والذي بدوره أبلغ المسؤولين عن الورشة، وتم نقله إلى المستشفى حيث وافته المنية.
ويعد عالم الفيزياء المصري، أبوبكر رمضان عبد المنعم رمضان، أول عميد مصري لكلية العلوم، وهو أحد علماء الفيزياء المصريين الذين اكتشفوا سر تفتت الذرة، كما شغل منصب رئيس الشبكة القومية للرصد الإشعاعي بهيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية، وشغل منصب مدير شبكة المراقبة المصرية بهيئة الطاقة الذرية بالقاهرة منذ عام 1994، ورئيس قسم تحديد المواقع والبيئة منذ عام 2006، وباحث رئيسي ببرنامج أبحاث الغلاف الجوي والتعاون الألماني المصري بهيئة الطاقة الذرية منذ عام 1990.
وأصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا قالت فيه "تتابع وزارة الخارجية ومن خلال سفارة مصر بالمملكة المغربية إجراءات شحن جثمان الدكتور، الذي وافته المنية بمدينة مراكش بالمغرب مساء يوم الخميس الماضي، وذلك خلال مشاركته في ورشة عمل تنظمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول التلوث البحري".