العائدون من الخليج يفاقمون أزمة البطالة في الأردن

29 يناير 2017
ارتفعت البطالة إلى مستويات قياسية في الأردن (Getty)
+ الخط -
تتصاعد حدة أزمة البطالة في الأردن مع انتظام قوافل العائدين من الخليج في صفوف الباحثين عن عمل، مما يضع الحكومة أمام تحديات جديدة لم تكن في الحسبان، في وقت يعجز الاقتصاد فيه عن استيعاب قرابة مائة ألف طالب عمل جديد سنويا.

وارتفع عدد البطالة في الأردن إلى مستويات قياسية بلغت 15.8% العام الماضي، وما زاد من هذا التحدي هو عودة آلاف الأردنيين العاملين في الخليج إلى بلدهم، بسبب الاستغناء عن خدماتهم أو تخفيض رواتبهم والامتيازات الوظيفية، التي تمتعوا بها لسنوات في ظل أزمة بلدان الخليج المنتجة للنفط، فضلا عن اندماج مئات آلاف اللاجئين السوريين في سوق العمل في الأردن.

ويعتقد مراقبون أن نسبة البطالة في الأردن مرشحة لمزيد من الارتفاع خلال العام الجاري والأعوام اللاحقة، خاصة مع استمرار ضعف معدلات النمو الاقتصادي وتراجع إقبال دول الخليج على تشغيل الأيدي العاملة الأردنية، باستثناء مجالات محددة كالمهن الطبية والخدمات المساندة لها.

وقدّر رئيس المرصد العمالي الأردني، أحمد عوض، لـ "العربي الجديد"، أن أعداد الأردنيين الفاقدين وظائفهم في دول الخليج العربي العام الماضي بـ "عدة آلاف"، مضيفا أنه لا توجد إحصائيات رسمية لعدد العائدين من الخليج حتى الآن من قبل وزارة العمل ودائرة الإحصاءات العامة المعنية بالمسوحات.

وقال إن أعدادا تقدر بالآلاف من الأردنيين تواصل عودتها للمملكة بسبب الاستغناء عن خدماتها في الخليج، مع تعثر الأوضاع المالية لبعض الشركات هناك، وإلغاء مشروعات حكومية كبرى، إضافة إلى تخفيض أجور غالبية العمال.

وتقدر أعداد الأردنيين العاملين في الخارج بنحو 800 ألف غالبيتهم في دول الخليج العربي.
وقال عوض إن العائدين من الخليج سيشكلون ضغطا اقتصاديا واجتماعيا إضافيا على الأردن بلا شكّ، حيث أن قدرة الاقتصاد الوطني على توليد فرص عمل تراجعت بشكل ملموس في السنوات الماضية.

وأظهرت نتائج مسح فرص العمل المستحدثة لعام 2015، الذي تجريه دائرة الإحصاءات العامة الحكومية، أن صافي فرص العمل الجديدة خلال عام 2015 بلغ حوالى 48.1 ألف فرصة، مقابل 53.3 ألف فرصة في عام 2014.

ويعتبر الخبير الاقتصادي، أحمد زكريا صيام، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن أزمة الخليج الاقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط، بدأت تنعكس على الأردن من حيث تراجع فرص تشغيل الأردنيين في العديد من القطاعات، مما يساهم في ارتفاع معدل البطالة وزيادة الضغوط على الاقتصاد الأردني، خاصة مع تراجع تحويلات المغتربين في الخارج المالية.

ويعتقد صيام أن التركيز يجب أن ينصب على الاستثمار لتوفير فرص العمل، وأهمية الاستمرار في تطبيق سياسة الاحالة على التقاعد لكل من بلغ سن الستين في السلك الحكومي، لإتاحة المجال لغيرهم من العاطلين عن العمل.

وقال إنه لا بد من التوسع بسياسات التشغيل في القطاع الخاص، وتحفيز الشباب على إقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعظيم الاستفادة من خبراتهم المتراكمة وخاصة العائدين من الخليج.

وقال البنك المركزي الأردني إن إجمالي تحويلات الأردنيين، العاملين في الخارج، انخفضت بنسبة 2.9% خلال الأحد عشر شهرا الأولى من العام الماضي، حيث بلغت قرابة 3.4 مليارات دولار.

وقالت دراسة أجراها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية إن 79.5% من إعلانات الوظائف في الأردن خلال عام 2016 كانت للعمل داخل الأردن، بينما بلغت نسبة إعلانات الوظائف للعمل في الخارج 20.5% غالبيتها الكبيرة في دول الخليج.

وتوصلت الدراسة إلى أن الوظائف المعلن عنها في الأردن خلال العام الماضي، والأكثر طلباً في دول الخليج، كانت مهنة الأطباء والمهن الطبية المساعدة والمعلمين، فيما تراجع الطلب بشكل كبير على المهن الهندسية وتكنولوجيا المعلومات وقطاع الإنشاءات والوظائف العادية.

في المقابل، قال مسؤول في وزارة العمل الأردنية، لـ "العربي الجديد"، إن هناك اتفاقيات عمالية موقعة مع دول خليجية بشأن توفير فرص العمل للأردنيين في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن هناك طلبا على بعض الاختصاصات مثل المهن الطبية والتعليمية.

وأضاف أن الحكومة من جانبها تعمل على توفير مزيد من فرص العمل لاستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل، مستبعدا أن تعود أعداد كبيرة من الأردنيين العاملين في الخليج نظرا للحاجة إليهم.

من جانبه، قال رئيس جمعية الصرافين الأردنيين، علاء ديرانية، لـ "العربي الجديد"، إن انخفاض تحويلات المغتربين تؤثر مباشرة على أداء شركات الصرافة، التي تعتمد بشكل كبير على تلك الأموال لتنشيط أعمالها.

وبين أن جزءا كبيرا من الأموال المحولة للداخل الأردني تأتي من العاملين في دول الخليج، لكن تحويلاتهم المالية شهدت تذبذبا العام الماضي.
وقال إن المؤشرات الاقتصادية في دول الخليج تبعث على القلق بالنسبة للمغتربين الأردنيين، واحتمال عودة بعضهم للمملكة.
المساهمون