يقارب عدد الطلاب اللاجئين الفلسطينيين في جامعات لبنان عشرة آلاف طالب، يتوزعون على الجامعة اللبنانية أولاً، بعدد يقارب الألفين، والباقون على 42 معهداً وجامعة خاصة. يحرم القانون الذي تمّ إقراره من جانب مجلس إدارة الجامعة اللبنانية طلابها الفلسطينيين من حق الترشح والانتخاب للاتحاد الوطني لطلاب الجامعة، ما أدى إلى وصفه من بعض الهيئات الطالبية اللبنانية بأنه عنصري لكونه يحرم الطلاب من غير اللبنانيين حقوقهم كطلاب.
ينتمي الطلاب الجامعيون الفلسطينيون إلى المجتمع الفلسطيني المقيم في 12 مخيماً و156 تجمعاً، يضاف إليهم من يقيمون في المدن والقرى اللبنانية التي لم يشملها التعداد الذي أشرفت عليه لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني ونفذه جهازا الإحصاء اللبناني والفلسطيني في عام 2017. الجامعة اللبنانية تعامل الطالب الفلسطيني كاللبناني لجهة الرسوم المطلوبة وتفتح أبوابها في معظم الكليات أمامهم ضمن شروطها التي تحصر عدد الطلاب الأجانب بما لا يتعدى الـ 2 في المائة من طلاب الكلية أو الفرع.
لكنّ مشكلة هؤلاء الطلاب لا تتمثّل في هذه المسألة، على أهميتها، خصوصاً أنّ أقساط الجامعات الخاصة ملتهبة، وأن معظم أبناء الشعب الفلسطيني هم من الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل مع بعض الاستثناءات من الميسورين الذين يؤمنون لأبنائهم الأقساط في أغلى الجامعات كاللبنانية الأميركية والأميركية وغيرهما، بينما يظل هاجس معظم الطلاب هو كيفية تدبير الأقساط عن أعوامهم الدراسية في ظل انهيار مداخيل أسرهم. رغم هذا الضغط الذي تمثله معضلة تدبير الأقساط فالمشكلة هي في مكان آخر. فما زال قانون العمل اللبناني وقوانين نقابات معظم المهن الحرة التي تشترط الانتساب إليها لمزاولة المهنة محصورة باللبنانيين (طب، محاماة، هندسة وما يشابه) دون سواهم، ما يمنع الكفاءات الفلسطينية من العمل في تخصصاتهم. لذلك يمكن أن ترى مهندساً يعمل وكيل ورشة أو خريجاً يعمل مدرّساً في مدرسة خاصة أكاديمية أو مهنية. خلال التحركات التي شهدتها المخيمات احتجاجاً على خطة وزير العمل في "مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية" كان طلاب الجامعات الفلسطينيون في طليعة المتظاهرين، مطالبين بحق الحصول على حقوقهم المدنية، بما فيها حق العمل والتملك... بالطبع لم يتحقق هذا المطلب أو سواه من مطالب، من جرّاء انفجار الانتفاضة الواسعة من أقصى لبنان إلى أقصاه ودخول البلاد في أزمة عميقة.
تختلف صورة الطالب الفلسطيني في الأردن عما هي عليه في لبنان، فالغالبية من اللاجئين تتمتع بالحقوق التي حصل عليها المواطنون الأردنيون، نتحدث هنا عن قرابة مليونين، إن لم نقل أكثر، إذ يستطيع هؤلاء كخريجين العمل في المهن التي اختاروها، كما أنهم يستفيدون من مؤسسات الدولة الصحية والاجتماعية وخدماتها، أي أنهم يحصلون على كامل حقوق المواطنين. ولكن هناك فئة من اللاجئين القادمين من غزة أو ممن يحملون رقماً وطنياً لدى السلطة الفلسطينية في رام الله يقارب وضعهم وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بمعنى حرمانهم من الحقوق الأولية، وحصر ما يحصلون عليه من خدمات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
قبل الختام، لا بد من أن نشير إلى أن الحياة الطالبية الفلسطينية، سواء في لبنان أو الأردن أو الضفة الغربية وقطاع غزة والتي تعاني الانقسامات، تعيش حالاً من القلق الوجودي نتيجة مشاريع مثل صفقة القرن وما يتفرع عنها. والحصيلة ليست سوى أزمة بنيوية عميقة تقود إلى ما يشبه اليأس.
*باحث وأكاديمي