الطفل راني التميمي... ضحية الاستهداف الإسرائيلي على أبواب العيسوية

05 أكتوبر 2015
تعرض راني لحروق من الدرجة الثانية (الانترنت)
+ الخط -
"وحدها العناية الإلهية حالت دون أن يقتلوه، ولولا قذفي القنبلة برجلي وإبعادها عنه لكان قتل من شظاياها". بهذه العبارات يختصر نعيم التميمي، والد الطفل راني، تفاصيل الإصابة التي تعرض لها نجله في مدينة القدس المحتلة، بعدما كان الوالد قد حضر برفقة أطفاله وزوجته في ساعة متأخرة من مساء يوم الجمعة الماضي لزيارة والدته المريضة والتي تقطن في قرية العيسوية شمالي القدس المحتلة.
يومها ركن التميمي، على غرار عدد من أهالي العيسوية، سيارته إلى جانب محطة للوقود بعدما كان قد اصطدم بحاجز لشرطة الاحتلال أغلق المدخل الرئيس لقرية العيسوية، قبل أن يعتدي جنود الاحتلال عليهم.

اقرأ أيضاً: المستوطنون يصعّدون هجماتهم ضد الفلسطينيين بعد عملية القدس المحتلة 

 
يوضح التميمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، تفاصيل إصابة طفله راني ابن الثماني سنوات بحروق شديدة من الدرجة الثانية في رقبته وكتفه ووجهه، نتيجة شظايا قنبلة ألقاها عليه أحد جنود الاحتلال مستهدفاً إياه بينما كان يقف بجواره. 
يروي نعيم بغضب كيف تصرف الجنود معه ومع ولده بهمجية، قائلاً "غادرت السيارة أنا وراني، وكنا على المدخل الرئيس لمحطة الوقود، ولم نكد نقف بالقرب منها حتى ألقيت علينا قنبلة صوتية نتج منها صوت شديد وشظايا تطايرت لتصيب راني في وجهه وعنقه، مسببة له العديد من الحروق، ولولا أن قذفت القنبلة بعيداً بينما كانت تتدحرج نحونا لكانت قتلت ولدي، وأصابتني أيضاً". في ذلك الوقت كان صراخ راني يملأ المكان مردداً "بديش أموت، بديش أموت...". ويتابع الوالد قائلاً "حاولت التحدث لأحد الجنود الإسرائيليين بأن طفلي قد أصيب بالقنبلة، لكنه صرخ في وجهي روح من هون... ولد مش ولد أنا ما بعرف".
انسحبت العائلة المحزونة والمرتعبة خوفاً على ولدها إلى مستشفى المقاصد، وهناك بدأ راني بتلقي العلاج، حيث أخبرهم الأطباء بأنه أصيب بحروق من الدرجة الثانية.
يشير نعيم إلى أنه اضطر إلى مغادرة المكان خشية أن يقوم جنود الاحتلال بإلقاء المزيد من قنابل الصوت باتجاهه وأفراد أسرته، ولو فعلوا ذلك لربما تسببوا بتفجير محطة الوقود الواقعة قرب الحاجز، وبالتالي آثروا جميعا المغادرة.
يخشى الوالد التوجه لتقديم شكوى ضد تصرف جنود الاحتلال. فهو أولاً لا يثق بالقضاء الإسرائيلي ولا بأجهزته التنفيذية كالشرطة المسؤولة عن تصرفات أفرادها. كما أنّ التجارب مع قسم الشكاوى في وزارة القضاء الإسرائيلية والمسمى "ماحش" تشير إلى أن الضحية تصبح في نهاية التحقيق متهمة بالاعتداء على عناصر الشرطة أو معوّقة لعمل أفرادها، وبالتالي تجري مساومتها: قضية مقابل قضية أو سحب الشكوى، ما يضطر الضحية إلى سحب شكواها.
أما الأمر الثاني الذي يخشاه والد الطفل المصاب، فهو أن تفتح وزارة الداخلية الإسرائيلية عليه أبواب جهنم، عبر عدم منح زوجته، حاملة بطاقة هوية الضفة الغربية، الإقامة الدائمة، بعدما أعطيت أخيراً إقامة مؤقتة. وبالتالي هو يفضل عدم تقديم شكوى، لكنه يؤكد توجهه إلى محام لاستشارته حول جدوى الشكوى وما إذا بإمكانه تقديمها من دون أن تكون لذلك نتائج سلبية على زوجته وحقها في الإقامة.
حادثة القنبلة الصوتية التي أصابت راني يوم الجمعة، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل المواجهات المتواصلة التي تشهدها العيسوية، بما في ذلك ما حدث أمس الأحد، عندما وقعت عشرات الإصابات ما بين حالات اختناق وإصابات بجروح بالرصاص المطاطي، خلال المواجهات التي اندلعت عقب اقتحام قوات الاحتلال العيسوية، وهي مسقط رأس الشهيد فادي علون، الذي استشهد فجر الأحد برصاص الاحتلال الإسرائيلي في حي باب العامود بالقدس المحتلة. ودهم الجنود منزل الشهيد واعتقلوا والده لساعات قبل الإفراج عنه.

وقد سبق ذلك بأيام إصابات بالرصاص الحي لأربعة شبان، اعتقل اثنان منهم، وكان استخدام الذخيرة الحية ضد رماة الحجارة في العيسوية تطوراً دراماتيكياً، علماً بأن إصابة بالذخيرة الحية في ذات البلدة سجلت الأسبوع المنصرم أيضاً. كما أصيب طفل في الخامسة من عمره بعيار مطاطي في الفخذ، ويعاني في هذه المرحلة من الهلع والتردي في حالته النفسية، كما تقول عائلته، ويتطلب متابعة من قبل طبيب مختص.
يقول ناشطون مقدسيون لـ"العربي الجديد" إن بلدة العيسوية باتت في دائرة الاستهداف الإسرائيلي اليومي، فهي تخضع لحصار شبه دائم، وينكل بأبنائها المعتقلين، ويعتدى على النساء والأطفال بالغاز الخانق داخل منازلهم كما حدث يوم الجمعة.
بدوره، يشير المواطن المقدسي، أحمد داري، الذي يقطن قريباً من مسجد الأربعين وسط قرية العيسوية، إلى ما تعرض له منزله وكذلك المسجد للرش بالمياه العادمة والكريهة، والتي طاولت أيضاً المدارس والمنشآت الصحية، في وقت كان فيه الرصاص يخترق النوافذ وخزانات المياه. وكانت سحب الغاز الخانق المسيل للدموع تغطي سماء القرية بعدما أمطرها الجنود بوابل من قنابلهم قبل أن ينسحبوا منها.

اقرأ أيضاً:  الاحتلال يعزل القدس والأقصى ويهدّد باجتياح الضفة

المساهمون