27 ابريل 2016
الطريق المسدودة و"مغبّة" الانعطاف
في الجلسة الافتتاحية لدورة المجلس الثوري الرابعة عشرة لحركة فتح؛ طلب الرئيس محمود عباس من أعضاء الإطار الذي ينبغي أن يمارس صلاحياته كـ "برلمان" للحركة ويحسم؛ أن يبت و"يقرر" في مسألتين، إحداهما بدت مقررة سلفاً، هي التوجه إلى مجلس الأمن، والأخرى التوجه بعد الاصطدام بالنقض الأميركي، للالتحاق بالمنظمات والمعاهدات الدولية!
سنصرف النظر هنا، عن مفارقةٍ طريفة، ارتسمت ربما للمرة الثانية على امتداد عمل المجلس منذ انتخابه، وهي أن يُطلب منه أن "يُقرر". وهذه مفارقة ذكّرتنا بما يحدث في بعض بلدان الشرق أو الجنوب، عندما يعلو فجأة شأن الدستور ويطفو اسمه على السطح، في حالات الموت الذي يقتضي إحلالاً في الرئاسة، أو في مناسبات التجديد للأحياء. فالمجلس الثوري لحركة "فتح" ظلّ على امتداد زمنه، عندما يوصي أو يُقرر، كمن يرقُم على الماء، مثلما قالت العرب، بل إنه، في بعض الملفات، مُنع من فتح فمه، لكي يوصي أو يحذر.
لكننا سنعرض لمفارقة أخرى، أكثر طرافة. فقد نبّه الرئيس عباس أعضاء المجلس إلى "مغبّة" التوجه إلى المنظمات الدولية، ومنها محكمة الجنايات، وشرح التبعات المتوقعة، وبعضها أحيطت به الفصائل التي تتبنى المقاومة علماً، وكان ما أحيطت به حقيقياً، وهو أن محكمة الجنايات الدولية ستتلقى شكاوى من طرفي الصراع، وستلاحق المشكو عليهم وستطلبهم للتحقيق، وربما تحاكمهم حضورياً أو غيابياً. ويتعلق مكمن الطرافة بصيغة تنبيه الفتحاويين من هذه "المغبّة"، إذ تضمنت افتراضين، واحداً يصلح للأعضاء الفقراء الذين يعتمدون على رواتبهم الشهرية، وآخر للميسورين الذين يمكن أن تؤلمهم تدابير عقابية أخرى. كان على الأولين أن يعلموا أن التوجه إلى المنظمات الدولية، يتهدد مرتباتهم التي هي مقومات عيشهم، عند انسداد أنبوب "الجليكوز" مصدر الطاقة الرئيسي للكائنات الحية، ومصدر الحلاوة الضامنة لجريان عملية التمثيل الضوئي للنبات. أما الأخيرون، وهم الميسورون بما "كسبت" أيديهم؛ فإن إيلامهم في "المغبّة" هو بسحب بطاقات "الشخصيات المهمة جداً" وإحالتهم عند السفر عبر الجسر، إلى حافلات خلق الله، أو منع مرورهم ووصولهم إلى مواضع مغلقة على الناس في وطنها!
واقع الأمر، أننا وصلنا إلى طريق مسدودة. صحيح ما يُقال، الآن، عن ضرورة الانتقال إلى مستوى آخر من العمل السياسي، يختلف تماماً عن المفاوضات العقيمة. لم يعد أمامنا سوى الذهاب إلى مجلس الأمن، ولدينا فيه ثلاث محطات، الأولى محاولة جمع الأصوات التسعة اللازمة لتقديم طلب إصدار قرار ملزم بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67، والثانية اجتياز مرحلة التصويت لصالحنا، والثالثة الوصول إلى "الفيتو" الأميركي المتوقع. بعدها، ستكون أمامنا مرحلة أخرى من فصلين، الأول الذهاب للانضمام إلى جميع المنظمات والمعاهدات الدولية، بما فيها محكمة الجنايات، والثاني مواجهة ردود أفعال الأميركيين ودولة الاحتلال، وكانت هناك افتراضات تتعلق بطابع هذه الردود للأفعال ومصاعبها، وهذا كله صحيح!
كلام كثير يمكن أن يُقال عن البُنية التي ينبغي أن تكون عليها الحركة الوطنية، من القمة إلى القاعدة. وجرى، في هذا الإطار، حديث عن انعقاد المؤتمر العام السابع لحركة فتح في شهر يناير/كانون الثاني المقبل، توخياً للتجديد وإعادة بناء العلاقة مع القاعدة الاجتماعية للحركة الوطنية.
ظهرت صيغة جديدة للدعوة إلى حل السلطة، لا تختلف في المعنى، قوامها دعوة الاحتلال لكي يتحمل كلفة احتلاله. وما نعلمه أن إسرائيل لن تتصبب عرقاً ولن تعجز عن إيجاد البدائل، في ظل وضع فلسطيني مأزوم ومخترق، ويتسم بالترهل. ونعلم، أيضاً، أن المقتضى الذي يساعد على حل السلطة، كما يساعد على إبقائها، هو الشروع في عملية إصلاح ديموقراطي شامل، لمنظمة التحرير و"فتح" والسلطة الفلسطينية!
سنصرف النظر هنا، عن مفارقةٍ طريفة، ارتسمت ربما للمرة الثانية على امتداد عمل المجلس منذ انتخابه، وهي أن يُطلب منه أن "يُقرر". وهذه مفارقة ذكّرتنا بما يحدث في بعض بلدان الشرق أو الجنوب، عندما يعلو فجأة شأن الدستور ويطفو اسمه على السطح، في حالات الموت الذي يقتضي إحلالاً في الرئاسة، أو في مناسبات التجديد للأحياء. فالمجلس الثوري لحركة "فتح" ظلّ على امتداد زمنه، عندما يوصي أو يُقرر، كمن يرقُم على الماء، مثلما قالت العرب، بل إنه، في بعض الملفات، مُنع من فتح فمه، لكي يوصي أو يحذر.
لكننا سنعرض لمفارقة أخرى، أكثر طرافة. فقد نبّه الرئيس عباس أعضاء المجلس إلى "مغبّة" التوجه إلى المنظمات الدولية، ومنها محكمة الجنايات، وشرح التبعات المتوقعة، وبعضها أحيطت به الفصائل التي تتبنى المقاومة علماً، وكان ما أحيطت به حقيقياً، وهو أن محكمة الجنايات الدولية ستتلقى شكاوى من طرفي الصراع، وستلاحق المشكو عليهم وستطلبهم للتحقيق، وربما تحاكمهم حضورياً أو غيابياً. ويتعلق مكمن الطرافة بصيغة تنبيه الفتحاويين من هذه "المغبّة"، إذ تضمنت افتراضين، واحداً يصلح للأعضاء الفقراء الذين يعتمدون على رواتبهم الشهرية، وآخر للميسورين الذين يمكن أن تؤلمهم تدابير عقابية أخرى. كان على الأولين أن يعلموا أن التوجه إلى المنظمات الدولية، يتهدد مرتباتهم التي هي مقومات عيشهم، عند انسداد أنبوب "الجليكوز" مصدر الطاقة الرئيسي للكائنات الحية، ومصدر الحلاوة الضامنة لجريان عملية التمثيل الضوئي للنبات. أما الأخيرون، وهم الميسورون بما "كسبت" أيديهم؛ فإن إيلامهم في "المغبّة" هو بسحب بطاقات "الشخصيات المهمة جداً" وإحالتهم عند السفر عبر الجسر، إلى حافلات خلق الله، أو منع مرورهم ووصولهم إلى مواضع مغلقة على الناس في وطنها!
واقع الأمر، أننا وصلنا إلى طريق مسدودة. صحيح ما يُقال، الآن، عن ضرورة الانتقال إلى مستوى آخر من العمل السياسي، يختلف تماماً عن المفاوضات العقيمة. لم يعد أمامنا سوى الذهاب إلى مجلس الأمن، ولدينا فيه ثلاث محطات، الأولى محاولة جمع الأصوات التسعة اللازمة لتقديم طلب إصدار قرار ملزم بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67، والثانية اجتياز مرحلة التصويت لصالحنا، والثالثة الوصول إلى "الفيتو" الأميركي المتوقع. بعدها، ستكون أمامنا مرحلة أخرى من فصلين، الأول الذهاب للانضمام إلى جميع المنظمات والمعاهدات الدولية، بما فيها محكمة الجنايات، والثاني مواجهة ردود أفعال الأميركيين ودولة الاحتلال، وكانت هناك افتراضات تتعلق بطابع هذه الردود للأفعال ومصاعبها، وهذا كله صحيح!
كلام كثير يمكن أن يُقال عن البُنية التي ينبغي أن تكون عليها الحركة الوطنية، من القمة إلى القاعدة. وجرى، في هذا الإطار، حديث عن انعقاد المؤتمر العام السابع لحركة فتح في شهر يناير/كانون الثاني المقبل، توخياً للتجديد وإعادة بناء العلاقة مع القاعدة الاجتماعية للحركة الوطنية.
ظهرت صيغة جديدة للدعوة إلى حل السلطة، لا تختلف في المعنى، قوامها دعوة الاحتلال لكي يتحمل كلفة احتلاله. وما نعلمه أن إسرائيل لن تتصبب عرقاً ولن تعجز عن إيجاد البدائل، في ظل وضع فلسطيني مأزوم ومخترق، ويتسم بالترهل. ونعلم، أيضاً، أن المقتضى الذي يساعد على حل السلطة، كما يساعد على إبقائها، هو الشروع في عملية إصلاح ديموقراطي شامل، لمنظمة التحرير و"فتح" والسلطة الفلسطينية!