الطريق إلى القدس
ألقى قائد الانقلاب، المشير عبد الفتاح السيسي، يوم الإثنين 7 يوليو/تموز 2014، كلمة وجهها للشعب المصري، بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، في العاشر من رمضان 1973، قال فيها "هذه المناسبة كان يجب أن تغطى بكلمة توجه لجميع أفراد الشعب"، موضحاً أن 60% من المصريين لم يشهدوا تلك الحرب. لكن العجيب أن السيسي لم يذكر إسرائيل بكلمة، بل لم ينطق باسمها أصلاً، وكأن تلك الحرب قيدت ضد مجهول، أو أن قائد الانقلاب يخشى من إزعاج حليفته إسرائيل، حتى من مجرد ذكر اسمها في خطاب يتحدث عن حرب مع الأعداء.
وبعد ساعات على كلمة السيسي، أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم التالي، عن بدء عملية عسكرية جديدة ضد قطاع غزة، أطلق عليها اسم "الجرف الصلب"، وشنّت طائرات حربية إسرائيلية سلسلة غارات على عدة أهداف في قطاع غزة.
على الرغم من استبسال رجال المقاومة في غزة وشجاعتهم، وصواريخ حماس التي زلزلت تل أبيب ومناطق عديدة في فلسطين المحتلة، وأجبرت آلاف الإسرائيليين على الاختباء في الملاجئ، وكذلك العمليات النوعية التي نفّذتها قوات "الكوماندوس" الخاصة، في كتائب عز الدين القسام، إلا أن الرد المصري العسكري على قصف قطاع غزة، بوابة مصر الشرقية ومفتاح أمنها القومي، والرد على قتل وإصابة عشرات من أشقائنا في فلسطين المحتلة، جاء أسرع من المتوقع؛ حيث أعلن المتحدث العسكري، العميد محمد سمير، أن القواتِ المسلحة تمكنت من اكتشافِ وتدمير 19 نفقاً على طول المنطقة الحدودية مع قطاع غزة.
وواصلت السلطات المصرية إغلاق معبر رفح البري مع القطاع أمام المرضى والحالات الإنسانية، والإصابات التي سقطت جراء القصف الصهيوني للقطاع منذ بدء الغارات. وصرح مصدر مسؤول في معبر رفح البري، أن المعبر مغلق لأجل غير مسمى، حتى ترد إشارة من القيادة العسكرية في القاهرة بإعادة فتحه.
تأتي هذه التصريحات، وما تجرّ من إجراءات، بالتزامن مع فتح منفذ طابا البري مع إسرائيل بدون أي قيود، للإسرائيليين الفارين من صواريخ المقاومة، والراغبين بقضاء إجازة ممتعة، حيث استقبل المنفذ 1332 إسرائيلياً قادمين من مدينة "إيلات" المحتلة.
قبل ساعات من إعلان إسرائيل عمليتها العسكرية على قطاع غزة، كشفت إذاعة إسرائيل، صباح يوم الإثنين، عن زيارة قام بها رئيس المخابرات المصرية، اللواء محمد فريد تهامي، إلى إسرائيل، من أجل التنسيق الأمني، وذلك قبيل القصف الصهيوني المتتابع على قطاع غزة.
في صباح يوم الثلاثاء، طالعتنا كبرى الصحف الإسرائيلية بأخبار القصف الإسرائيلي على غزة، ونبرة التشفي في قتلى فلسطين وحركة حماس بادية في عناوينها، وكذلك بمقال للأمير السعودي، تركي الفيصل، عن مبادرة السلام العربية، وكلامه عن حل الدولتين أنه الحل الوحيد الذي يمكن أن يلبّي طموحات الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وحتى اللحظة، لا تزال دماء أشقائنا في غزة تسيل، مرة بأيدي صهاينة إسرائيل، وأخرى بأيدي التواطؤ العربي، من بعض الحكام الخونة من جماعة كامب ديفيد. لذلك، تزداد القناعة بأن الطريق إلى الأقصى يبدأ من قصر الاتحادية، ولا أمل لتحرير القدس، قبل أن تتحرر عواصمنا العربية من الديكتاتوريات.