الطب البديل: هل هي حقّاً أدوية؟

08 فبراير 2017
( باتريسيا سافيريس)
+ الخط -

الأدوية والعقاقير، علمٌ قائمٌ له مُتخصّصوه، وهو دقيق جدًا لأنه يحتّك بحياة البشر بصورة مباشرة، فهو قادر إمّا على شفائك، أو زيادة مرضك سوءًا، لذلك يتوخّى العلماء الدقّة الشديدة في اختبار الأدوية الجديدة.

فعلى سبيل المثال؛ يتمّ اختبار أي علاج مُقترح على الحيوانات أولًا للتأكّد من عدم وجود أعراض جانبية خطيرة قد تُهدّد الحياة، وإن نجح العلاج في هذا الاختبار، تتم التجربة مرّة أخرى على عدد قليل من البشر الأصحّاء، فإن تمّ التأكد أنّه آمن لاستخدام البشر، ينتقل إلى المرحلة التالية، حيث يتمّ تجريبه على المرضى هذه المرّة، ويُراعى أن يكونوا ما بين 100 و300 شخص، من مختلف الأجناس والأعمار وحتى الأعراق، لأن الجينات تلعب دورًا مهمًّا في فعالية العلاج فيتمّ التجريب على العرق الآري والآسيوي والأفريقي مثلًا، وعلى نساء حوامل ورجال مُدخّنين، لمحاولة حصر أقل نتائج خاطئة، قد تودي بحياة المريض.

بعدها يتمّ الانتقال إلى المرحلة الأهم، وهي اختبار العلاج على عددٍ كبير من المرضى، تصل أعدادهم لحوالي الألف مريض، لكن في هذه المرحلة، يُعطى بعضهم علاجًا زائفًا (غير حقيقي) – دون علم المرضى بالطبع – حتى يتمّ التأكد أن العلاج هو الذي يعمل، وليس التأثير النفسي للمريض الذي قد يجعله يشعر بتحسّن "تأثير البلاسيبو".

وبعد أن يتخطّى العلاج المراحل الثلاث هذه، يتمّ تصنيفه رسميًا كعلاج صالح للاستخدام من قبل المرضى من البشر، مع مراعاة متابعة الحالات التي تمّ تقديم العلاج إليها بشكل دوريّ. والآن، هل ما زلت تعتقد أن عطّارًا ما، يمكنه شفاؤك بوصفة سمعها من أجداده الذين لم يعرفوا المنهج العلمي في اختبار الأدوية؟

حتى لو كان الأجداد يتبعون منهجًا تجريبيًا – والأمر مُستبعد – ما الذي يضمن أن وصفتهم وصلت للعطّار بالشكل الصحيح دون تحريف؟ ما الذي يضمن النتائج الإحصائية إذ قد يكون مات بسبب هذا العلاج الشعبي الكثيرون؟ لكلّ شيء تخصصّه، والأمر لا يتعلّق فقط بحياة الإنسان، لكن هل تستطيع أن تطلب من عامل يسمع عن مواد البناء، أن يبني لك مُجمعًا سكنيًا وأنت تنام فيه قرير العين ولا تخاف من انهياره؟

الموضوع معقّد أكثر مما يتصوّر البعض، بمجرّد وصف دواء معيّن يجب الأخذ بالحسبان نوعية الأعراض والتأكّد من التشخيص والحرص على عدم وجود أدوية تتداخل مع بعضها أو تؤثّر على حساسيات معيّنة في الجسم.

الأمر الآخر هو بساطة وصفات تلك الأعشاب، على سبيل المثال، عقار "ديلتيازيم" المسؤول عن تخفيض ضغط الدم (مديد التأثير)، يتم وزنه إلكترونيًا بالملي غرامات، بحيث يتم التأكّد أن الجرعة مُناسبة، وإلا ستكون النتائج كارثية بانخفاض ضغط الدم أكثر من اللازم وتعريض حياة المريض للخطر.

فهل تعتقد حقًا أن المكيال الذي يستخدمه "العطّار" الذي يعتمد على الفنجان وكف اليد ليصف لك علاجك، هو أمر آمن لصحتك؟

يُقبل العديد من الناس في الوقت الحالي، على شراء الوصفات العشبية أو وصفات "الطب البديل" من على الإنترنت ومواقع التسوّق، مُعتقدين بأمانها وسلامتها، لكن على العكس، دراسة تمّ إجراؤها في جامعة بوسطن أن حوالي خُمس الأدوية العشبية المنتشرة للبيع في المتاجر الإلكترونية والإنترنت، ملوّثة بمواد ومعادن سامّة مثل الرصاص والزرنيخ وحتى الزئبق.

حيث أثبتت الدراسة أن حوالي 20% من هذه الأدوية العشبية، تحتوي على أضعاف الجرعة اليومية المسموحة من هذه المعادن السامة التي تؤدّي إلى هلاك المريض.

المصيبة الكبرى، أن التجارة بدأت تتوسّع في أوطاننا العربية، وانتقلت من مجرّد محلّ صغير لبيع المواد العشبية البسيطة، إلى مراكز كاملة يقف وراءها أشخاص فاحشوا الثراء، ويتاجرون فيها بمواد مجهولة المصدر ومستوردة من أماكن غير مرخّص لها ببيع المواد التي لها علاقة بصحّة الإنسان، هؤلاء يزيدون ثراءهم بالضحك على البسطاء وأصحاب العقول الجاهلة، لإيهامهم بإمكانية علاج الأورام السرطانية والتهاب الكبد الفيروسي والأمراض المستعصية، بل إن هنالك حالات وفيات كثيرة سُجّلت لأمراض كان بإمكان الطب الحديث علاجها ببساطة، لكن الضحايا فضّلوا أن ينساقوا إلى هؤلاء السماسرة عديمي الضمير.

أصبحت الحاجة مُلّحة لوضع تشريعات وقوانين صارمة وحقيقية، لمقاومة هذا الداء الذي انتشر بسرعة قياسية، وإجبار المراكز التي تبيع المواد العشبية بالخضوع لفحص المواد الدوري للتأكّد من سلامتها وإمكانية استخدامها من قِبل المرضى، مثل ما يحصل مع الأدوية الحديثة من اختبارات، الهدف منها هو ليس إيقاف أرباح المتاجرين بها، بل الحفاظ على صحّة المرضى من النصب والخطورة التي يتعرّضون لها من حيث لا يعلمون.

حتى لو كان الأجداد يتبعون منهجًا تجريبيًا – والأمر مُستبعد – ما الذي يضمن أن وصفتهم وصلت للعطّار بالشكل الصحيح دون تحريف؟ ما الذي يضمن النتائج الإحصائية التي قد يكون مات بسبب هذا العلاج الشعبي الكثيرون. لكلّ شيء تخصصّه، والأمر لا يتعلّق فقط بحياة الإنسان، لكن هل تستطيع أن تطلب من عامل يسمع عن مواد البناء، أن يبني لك مُجمعًا سكنيًا وأنت تنام فيه قرير العين ولا تخاف من انهياره؟

الموضوع معقّد أكثر مما يتصوّر البعض، بمجّرد وصف دواء معيّن يجب الأخذ بالحسبان نوعية الأعراض والتأكّد من التشخيص والحرص على عدم وجود أدوية تتداخل مع بعضها أو تؤثّر على حساسيات معيّنة في الجسم.

الأمر الآخر هو بساطة وصفات تلك الأعشاب، على سبيل المثال، عقار "ديلتيازيم" المسؤول عن تخفيض ضغط الدم (مديد التأثير)، يتم وزنه إلكترونيًا بالملي غرامات، بحيث يتم التأكّد أن الجرعة مُناسبة، وإلا ستكون النتائج كارثية بانخفاض ضغط الدم أكثر من اللازم وتعريض حياة المريض للخطر.

فهل تعتقد حقًا أن المكيال الذي يستخدمه "العطّار" الذي يعتمد على الفنجان وكف اليد ليصف لك علاجك، هو أمر آمن لصحتك؟

يُقبل العديد من الناس في الوقت الحالي، على شراء الوصفات العشبية أو وصفات "الطب البديل" من على الإنترنت ومواقع التسوّق، مُعتقدين بأمانها وسلامتها، لكن على العكس، دراسة تمّ إجراؤها في جامعة بوسطن أن حوالي خُمس الأدوية العشبية المنتشرة للبيع في المتاجر الإلكترونية والإنترنت، ملوّثة بمواد ومعادن سامّة مثل الرصاص والزرنيخ وحتى الزئبق.

حيث أثبتت الدراسة أن حوالي 20% من هذه الأدوية العشبية، تحتوي على أضعاف الجرعة اليومية المسموحة من هذه المعادن السامة التي تؤدّي إلى هلاك المريض.

المصيبة الكبرى، أن التجارة بدأت تتوسّع في أوطاننا العربية، وانتقلت من مجرّد محلّ صغير لبيع المواد العشبية البسيطة، إلى مراكز كاملة يقف وراءها أشخاص فاحشو الثراء، ويتاجرون فيها بمواد مجهولة المصدر ومستوردة من أماكن غير مرخّص لها ببيع المواد التي لها علاقة بصحّة الإنسان، هؤلاء يزيدون ثرائهم بالضحك على البسطاء وأصحاب العقول الجاهلة، لإيهامهم بإمكانية علاج الأورام السرطانية والتهاب الكبد الفيروسي والأمراض المستعصية، بل إن هنالك حالات وفيات كثيرة سُجّلت لأمراض كان بإمكان الطب الحديث علاجها ببساطة، لكن الضحايا فضّلوا أن ينساقوا إلى هؤلاء السماسرة عديمي الضمير.

أصبحت الحاجة مُلّحة لوضع تشريعات وقوانين صارمة وحقيقية، لمقاومة هذا الداء الذي انتشر بسرعة قياسية، وإجبار المراكز التي تبيع المواد العشبية بالخضوع لفحص المواد الدوري للتأكّد من سلامتها وإمكانية استخدامها من قِبل المرضى، مثل ما يحصل مع الأدوية الحديثة من اختبارات، الهدف منها هو ليس إيقاف أرباح المتاجرين بها، بل الحفاظ على صحّة المرضى من النصب والخطورة التي يتعرّضون لها من حيث لا يعلمون.

المساهمون