يقول أبو مصطفى، وهو أحد السكان لـ"العربي الجديد": "تلقيت اتصالاً هاتفياً من رقم مجهول. كانت المكالمة عبارة عن سيل من الشتائم والتهديد. وقد طلب مني المتصل، الذي بدا أنّه يعمل ضمن مليشيات متنفذة، بمغادرة المدينة مع عائلتي خلال مدة لا تتجاوز أسبوعاً بعد العيد، ولأسباب طائفية".
من جهته، يحذر الشيخ، علي فيصل، وهو من سكان المقدادية، في حديث مع "العربي الجديد"، "من انهيار تام للأمن في البلدة بسبب الخروقات الأمنية للمليشيات، والتي خلقت حالات تشنج حادة بدأت تأخذ إطاراً سلبياً، خصوصاً بعد الحملات المستمرة لها بحرق البساتين في قرية بابلان وتهجير سكان قريتي نهر الإمام والمخيسة والقرى المحيطة بمركز المقدادية (شهربان)، وكذلك، تهديد عائلات معروفة ومطالبتها بالمغادرة، مما جعل سكان البلدة يقبعون في بيوتهم حتى خلال أيام العيد، التي من المفترض أن تكون أيام فرح ومرح للأطفال والعائلات".
ويشير إلى أنّ الخروقات الأمنية التي ضربت بشكل متكرر مناطق عدة من القضاء خلال الأشهر القليلة الماضية، خلقت نوعاً من الخوف والحذر الشديدين لدى عائلات المقدادية، خصوصاً أنّ سكان المدينة لهم معرفة طويلة بما تقوم به المليشيات بعد أي تفجير يحدث داخل مدن العراق الأخرى، سواء في العاصمة بغداد، (الكرّادة أخيراً)، أو البصرة أقصى الجنوب العراقي، إذ لا بد أنّ يكون للمقدادية وسكانها نصيب من ردة الفعل السلبية. وعلى غرار ذلك تبدأ حملات التصفية والاعتقالات بحجة أنّ الإرهابيين آتون من محافظة ومن المقدادية تحديداً.
وينوّه إلى أنّ تداعيات الأحداث اليومية خلقت ثورة من الغضب نتيجة الوضع الأمني المتردي. وأصبحت لها دلالة واضحة في خلق قلق شعبي متنام أدى إلى نزوح عدد كبير من العائلات حتى أثناء أيام العيد.
يقول محسن الربيعي، وهو أحد وجهاء المقدادية، إنّ المدينة تعيش أزمة حقيقية ووضعاً دائم التشنج، وغالباً ما يقع السكان ضحية لعمليات ثأر وتصفية. ويشير إلى أنّ الأزمة المستمرة هذه يمكن أن تحلّ عبر وضع استراتيجية وفاق اجتماعي ومصالحة حقيقية تساهم فيها جميع الأطراف السياسية والأمنية والقوى العشائرية. كما يؤكد على أهمية مساهمة الأجهزة الأمنية في احتواء الأزمة لإعطاء الثقة والاطمئنان لسكان تلك المناطق.
ويوضح الربيعي أنّ المسلحين الإرهابيين في المقدادية يسيطرون على البلدة، ويمارسون عمليات القتل والتهديد وحرق البساتين وتهجير الناس من بيوتهم بشكل دائم، من دون إحداث ضجة إعلامية قد تلفت الأنظار وتؤجج الرأي العام ضدهم، مما جعل البلدة أشبه بساحة للنزاع المجتمعي. ويعلق: "هي ليست كذلك لأنّ سكان المقدادية متصاهرون في ما بينهم، والإرهابيون والمليشيات الطائفية التي تحمل السلاح خارج إطار الدولة ترتكب هذه الأعمال من أجل خلط الأوراق وإشعال الفتنة الطائفية".