يضحك السوريون كثيراً. رغم الظروف الصعبة التي عايشوها، ما زالوا قادرين على الضحك وسرد المعاناة بأساليب مختلفة، قد تكون طريفة. هذا ما يلاحظه بعض الألمان، الذين يضحكون مع السوريّين
يجلس توماس برفقة صلاح. يخبره الأخير عن صعوبة فصل النفايات في ألمانيا، لافتاً إلى أن البلديّة لم تأخذ كيس القمامة الأخير الذي وضعه في الخارج، بل أنّها لم تأخذ جميع الأكياس التي وضعها منذ أن استقرّ في البيت الجديد. لماذا؟ يسأل توماس، من دون أن يكون لدى صلاح أي جواب، رغم أنّه يضعها في الكيس الأصفر المخصّص لها. يضيف: "تركوها وألصقوا هذه الورقة على الكيس". يستغرب توماس. "أين القمامة الآن"؟ يقول صلاح إنه وضعها في الحاوية القريبة من المخيّم حيث كان يسكن. ولماذا احتفظت بالقصاصة الورقية؟ لا أعرف.
ويستمرّ النقاش. ماذا سيفعل صلاح بالقصاصة التي أبقاها في المنزل؟ هل يذهب في اليوم التالي سراً كما فعل في البداية ويرميها في حاوية النفايات؟ هل يحتفظ بها؟ لكن أين يضعها؟ عليه أن يتخلّص منها. اقترح عليه توماس أن يلصقها على باب غرفة مديرة المخيّم التي لطالما أثارت غضبه قبل أن يحصل على الإقامة. ويضحكان طويلاً. تعلق سارة: "لا يمكنني أن أتخيل صلاح على دراجته صباحاً مع كيس القمامة الأصفر. بماذا فكر الألمان حين رأوه؟ هذا لا يمكن أن يحدث أبداً". توماس وصلاح وسارة وغيرهم من السوريين والألمان كانوا يتبادلون الأحاديث ويضحكون.
يقول أحد الكتّاب إن "الشعب السوري يحبّ الضحك". ماذا عن الألماني؟ تشير الدراسات إلى زيادة نسبة الضحك في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة، وإن كان يفضّل عدم المبالغة، علماً أن 20 في المائة من الضحك هو نتيجة قول نكتة. ويوضح موقع "اي دي آر" الألماني أنّ الضحك يرتبط بالمواقف اليوميّة.
هل ساهم التواصل مع السوريّين في رفع مستوى الضحك في ألمانيا؟ يقول مارتين لوتس، وهو عامل في مجال الهجرة واللجوء: "لاحظت من خلال عملي أن السوريين يضحكون كثيراً، وهو أمر نادر لدى الألمان. وحين يأتون برفقة مساعدين ألمان للترجمة، قد يكونون أصدقاء أو متطوعين، تحدث أخطاء ناتجة عن سوء فهم في اللغة، وتجعل الطرفين يضحكان كثيراً، خصوصاً حين لا يعرف السوري الورقة المطلوبة أو يكون قد نسيها. حينها، يبدأ التفاهم بلغة الإشارة، أو من خلال استخدام الإنكليزية والعربية والألمانية.. والضحك".
اقــرأ أيضاً
وبحسب تقرير لـ "اي دي آر"، الضحك وسيلة للاتصال. في هذا السياق، يقول الشاب الألماني فولف، والذي باتت له صداقات كثيرة مع السوريين، إنه حين سأل مجموعة من الشباب السوريّين عن كيفيّة وصولهم إلى ألمانيا، كان قد هيّأ نفسه لسماع قصص مؤلمة "لكنّهم راحوا يروون قصصهم بأسلوب فكاهي، فبدأت أضحك وقد تبدل مزاجي ونظرتي إلى هذا الشعب القادر على سرد المأساة بطريقة مضحكة". أخبره أحدهم كيف نسي صديقه في بلغاريا، فعاد لينقذه واعتقلته الشرطة. ومنهم من أضاعوا بعضهم بعضاً في الغابات. سقط هاتف أحدهم في البحر، فكاد زميله أن يضحي بنفسه لإنقاذه. وتمكّن آخر من الاحتفاظ بذكرى واحدة من سورية، هي حذاؤه المثقوب الذي عبر به جميع البلدان.
الأمر ليس على هذا النحو بالنسبة لكثير من السوريين، الذين يؤكدون، أنه عندما يضحك الألمان مع بعضهم بعضاً، لا يفهمون الأسباب التي تضحكهم. وإن فهموا، فإن ما قد يضحك الألمان لا يضحكهم. وتقول تولينا لوزين، وهي روسيّة متزوّجة منذ عشرين عاماً من رجل ألماني، وتعمل في مكتب الاندماج في مقاطعة نورنغن، إن الضحك بين أشخاص ينتمون إلى ثقافات مختلفة يحتاج وقتاً طويلاً، مشيرة إلى أن الأمر يتطلّب معرفة التفاصيل التي تضحك الألمان مثلاً، والتعرّف على المجتمع بعمق. تتابع: "ما زلت أذكر سنوات زواجي الأولى. لم أكن أضحك كثيراً مع زوجي وعائلته. إلا أن الأمر اختلف مع مرور الوقت، وصرت أضحك كثيراً". في الوقت نفسه، تشير إلى أن الأمر يتعلق أيضاً بالأشخاص أنفسهم، من دون أن يتعلّق الأمر بالثقافات دائماً.
إلى ذلك، يذكر الموقع الألماني أن عالم النفس الأميركي روبرت بروفينه وجد بعد 15عاماً من إجرائه أبحاثاً عن الضحك، أن الضحك عادة ما يكون نتيجة تفاعل اجتماعي مكثف للغاية، موضحاً أنه إحدى أدوات الاتصال وإن لم يع الأشخاص الأمر.
تجدر الإشارة إلى أنّ في ألمانيا نوادي للضحك تسمّى يوغا الضحك، وتسعى إلى التدريب على الضحك. وعادة ما يحثّ المدرّبون المشاركين على الضحك وإن كان لا يوجد سبب، لتنتهي الجلسة بالكثير من الضحك الحقيقي.
اقــرأ أيضاً
يجلس توماس برفقة صلاح. يخبره الأخير عن صعوبة فصل النفايات في ألمانيا، لافتاً إلى أن البلديّة لم تأخذ كيس القمامة الأخير الذي وضعه في الخارج، بل أنّها لم تأخذ جميع الأكياس التي وضعها منذ أن استقرّ في البيت الجديد. لماذا؟ يسأل توماس، من دون أن يكون لدى صلاح أي جواب، رغم أنّه يضعها في الكيس الأصفر المخصّص لها. يضيف: "تركوها وألصقوا هذه الورقة على الكيس". يستغرب توماس. "أين القمامة الآن"؟ يقول صلاح إنه وضعها في الحاوية القريبة من المخيّم حيث كان يسكن. ولماذا احتفظت بالقصاصة الورقية؟ لا أعرف.
ويستمرّ النقاش. ماذا سيفعل صلاح بالقصاصة التي أبقاها في المنزل؟ هل يذهب في اليوم التالي سراً كما فعل في البداية ويرميها في حاوية النفايات؟ هل يحتفظ بها؟ لكن أين يضعها؟ عليه أن يتخلّص منها. اقترح عليه توماس أن يلصقها على باب غرفة مديرة المخيّم التي لطالما أثارت غضبه قبل أن يحصل على الإقامة. ويضحكان طويلاً. تعلق سارة: "لا يمكنني أن أتخيل صلاح على دراجته صباحاً مع كيس القمامة الأصفر. بماذا فكر الألمان حين رأوه؟ هذا لا يمكن أن يحدث أبداً". توماس وصلاح وسارة وغيرهم من السوريين والألمان كانوا يتبادلون الأحاديث ويضحكون.
يقول أحد الكتّاب إن "الشعب السوري يحبّ الضحك". ماذا عن الألماني؟ تشير الدراسات إلى زيادة نسبة الضحك في ألمانيا خلال السنوات الأخيرة، وإن كان يفضّل عدم المبالغة، علماً أن 20 في المائة من الضحك هو نتيجة قول نكتة. ويوضح موقع "اي دي آر" الألماني أنّ الضحك يرتبط بالمواقف اليوميّة.
هل ساهم التواصل مع السوريّين في رفع مستوى الضحك في ألمانيا؟ يقول مارتين لوتس، وهو عامل في مجال الهجرة واللجوء: "لاحظت من خلال عملي أن السوريين يضحكون كثيراً، وهو أمر نادر لدى الألمان. وحين يأتون برفقة مساعدين ألمان للترجمة، قد يكونون أصدقاء أو متطوعين، تحدث أخطاء ناتجة عن سوء فهم في اللغة، وتجعل الطرفين يضحكان كثيراً، خصوصاً حين لا يعرف السوري الورقة المطلوبة أو يكون قد نسيها. حينها، يبدأ التفاهم بلغة الإشارة، أو من خلال استخدام الإنكليزية والعربية والألمانية.. والضحك".
وبحسب تقرير لـ "اي دي آر"، الضحك وسيلة للاتصال. في هذا السياق، يقول الشاب الألماني فولف، والذي باتت له صداقات كثيرة مع السوريين، إنه حين سأل مجموعة من الشباب السوريّين عن كيفيّة وصولهم إلى ألمانيا، كان قد هيّأ نفسه لسماع قصص مؤلمة "لكنّهم راحوا يروون قصصهم بأسلوب فكاهي، فبدأت أضحك وقد تبدل مزاجي ونظرتي إلى هذا الشعب القادر على سرد المأساة بطريقة مضحكة". أخبره أحدهم كيف نسي صديقه في بلغاريا، فعاد لينقذه واعتقلته الشرطة. ومنهم من أضاعوا بعضهم بعضاً في الغابات. سقط هاتف أحدهم في البحر، فكاد زميله أن يضحي بنفسه لإنقاذه. وتمكّن آخر من الاحتفاظ بذكرى واحدة من سورية، هي حذاؤه المثقوب الذي عبر به جميع البلدان.
الأمر ليس على هذا النحو بالنسبة لكثير من السوريين، الذين يؤكدون، أنه عندما يضحك الألمان مع بعضهم بعضاً، لا يفهمون الأسباب التي تضحكهم. وإن فهموا، فإن ما قد يضحك الألمان لا يضحكهم. وتقول تولينا لوزين، وهي روسيّة متزوّجة منذ عشرين عاماً من رجل ألماني، وتعمل في مكتب الاندماج في مقاطعة نورنغن، إن الضحك بين أشخاص ينتمون إلى ثقافات مختلفة يحتاج وقتاً طويلاً، مشيرة إلى أن الأمر يتطلّب معرفة التفاصيل التي تضحك الألمان مثلاً، والتعرّف على المجتمع بعمق. تتابع: "ما زلت أذكر سنوات زواجي الأولى. لم أكن أضحك كثيراً مع زوجي وعائلته. إلا أن الأمر اختلف مع مرور الوقت، وصرت أضحك كثيراً". في الوقت نفسه، تشير إلى أن الأمر يتعلق أيضاً بالأشخاص أنفسهم، من دون أن يتعلّق الأمر بالثقافات دائماً.
إلى ذلك، يذكر الموقع الألماني أن عالم النفس الأميركي روبرت بروفينه وجد بعد 15عاماً من إجرائه أبحاثاً عن الضحك، أن الضحك عادة ما يكون نتيجة تفاعل اجتماعي مكثف للغاية، موضحاً أنه إحدى أدوات الاتصال وإن لم يع الأشخاص الأمر.
تجدر الإشارة إلى أنّ في ألمانيا نوادي للضحك تسمّى يوغا الضحك، وتسعى إلى التدريب على الضحك. وعادة ما يحثّ المدرّبون المشاركين على الضحك وإن كان لا يوجد سبب، لتنتهي الجلسة بالكثير من الضحك الحقيقي.