الصين وروسيا: موعد على طريق الحرير

15 ابريل 2015
بدأت الصين مشروعاً لإحياء طريق الحرير التاريخي (أرشيف/Getty)
+ الخط -

تربط موسكو وبكين مصالح جيواقتصادية بعيدة المدى، ففي حين أن الصين بادرت إلى تأسيس بنك "بريكس" للتنمية والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وصندوق طريق الحرير الذي يستهدف تعزيز التجارة مع أوراسيا، فإن روسيا تعقد آمالا على حاجة الصين إلى عبور أراضيها نحو أوروبا، وإلى مصادر الطاقة الروسية.

وتكاد المصالح المشتركة تجعل البلدين حليفين سياسيين رغم التزام بكين بعدم الدخول في تحالفات.

وأوراسيا هي كتلة أرضية مساحتها 54 مليون كيلو متر مربع وهي مكونة من قارتي أوروبا

وآسيا، ويطلق عليها بعض الجغرافيين مسمى قارة.

إحياء المعبر الأوراسي

واقترح وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الأسبوع الماضي، بناء ممر اقتصادي صيني-منغولي- روسي، يعبر القارة الأوراسية كلها. ويقول المراقبون، إن بناء هذا الممر الاقتصادي، يعني دمج الفكرة الصينية "حزام واحد- طريق واحد"، والتي تتعلق بإنشاء حزام طريق الحرير الاقتصادي الذي يمرر تجارة الصين للمنطقة الأوراسية، مع الفكرة المنغولية " طريق السهوب" والفكرة الروسية "بناء ممر عابر لأوراسيا". وهي خطط تتشارك في ذات هدف طريق الحرير الصيني.

وطريق الحرير، مجموعة من الطرق المترابطة كانت تسلكها القوافل والسفن التي تنقل التجارة الصينية، لا سيما الحرير، إلى قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا. وعُرف هذا الطريق قبل ثلاثة آلاف عام من الميلاد وحتى القرن الخامس عشر بعد الميلاد، وتسعى بكين لإحيائه مجددا.

وكان البنك المركزي الصيني، قد وافق على إنشاء صندوق طريق الحرير في الصين برأسمال قدره 40 مليار دولار، مخصصة لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبيرة في إقليمي أوراسيا والمحيط الهادئ. وأعلنت بكين استعدادها لتمويل المشاريع الصينية الروسية المشتركة ومن أكبرها مشروع خط الحديد السريع موسكو- بكين.

ووفق بيانات رسمية نشرها الموقع الإليكتروني للكرملين، فقد توصلت روسيا والصين في العامين الأخيرين إلى 107 اتفاقية للتعاون، 55 منها تم إنجازها، و 21 منها تخص مشاريع بعيدة المدى، و31 يتم إنجازها حاليا.

وكان لي هوي، سفير الصين في موسكو، قد أعلن أثناء محاضرة ألقاها في جامعة موسكو الحكومية لسكك الحديد، في فبراير/شباط الماضي، أنّ الرئيس الصيني، شي جين بينغ، طرح أثناء زيارته لكازاخستان وإندونيسيا، في سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2013، مبادرتين هامتين حول بناء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و "طريق حرير القرن الحادي والعشرين" مع الدول الجارة، وبتعبير آخر "حزام واحد وطريق واحد". وكانت بعض مراحل طريق الحرير، تاريخيا، تمر في الأراضي الروسية.

وفي بداية العام الماضي، على هامش الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي، ناقش الرئيسان الروسي والصيني هذه المسألة، وأعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، حينها أن بلاده أثناء طرحها لفكرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير تولي اهتماما كبيرا لرأي روسيا.

وقد أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن روسيا مهتمة جدا بالتصور الصيني وتأمل أن

يكون ممكنا إيجاد نموذج للتعاون نحو إطلاق المشاريع المشتركة بين روسيا والصين في الطريق العابر لسيبيريا وطريق بايكال-آمور.

وكان الرئيس الروسي، قام بزيارة للصين، في مايو/أيار 2014، وتم الإعلان وقتها أن روسيا تدعم الفكرة الصينية عن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وأن المبادرة الروسية لإنشاء الاتحاد الاقتصادي الأوراسي شكلت أرضية مهمة لتعاون متعدد الأطراف في الإقليم.
 
وفي السادس عشر من مارس/آذار الماضي، أعلن وزير خارجية الصين، وانغ يي، نية الصين وروسيا توقيع اتفاق حول التعاون في إطار "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير". علما بأن البلدين فعّلا في الفترة الأخيرة تعاونهما في مجال إقامة بنية تحتية عابرة للحدود بينهما، حيث يتم بناء خطوط نقل أوراسية جديدة: منها سكة حديد " تشونغتشينغ- شينجيانغ -أوروبا"، طريق "أوروبا الغربية- غرب الصين"، وهما يمران عبر روسيا.

كما أن البلدين يتعاونان بفاعلية في بناء الجسور والموانئ ومشاريع أخرى في شمال شرق الصين والشرق الأقصى الروسي.

وأما بخصوص المرحلة المنغولية من الممر الأوراسي، فقد أكدت لجنة الدولة للتنمية والإصلاح في الصين، السبت الماضي، أن الصين ومنغوليا يمكن أن يتخذا قرارا حول الممر الاقتصادي أثناء قمة منظمة شنغهاي التي ستعقد في مدينة أوفا بجمهورية باشكورتوستان الروسية، في يوليو/تموز القادم.

علاقات بالأرقام

مع بقائها عند مستويات مرتفعة، تفيد بيانات إدارة الجمارك الروسية لانخفاض التبادل التجاري بين روسيا والصين عام 2014 بنسبة 0.5% إلى 88.4 مليار دولار، في حين سجلت الصادرات الروسية إلى الصين نموا بلغ 5.3% إلى 37.5 مليار دولار، مع تراجع الواردات الروسية من الصين بمعدل 4.3% إلى 50.9 مليار دولار. في حين يتوقع الخبراء

أن يُضاعف إنجاز مشروع "حزام واحد، طريق واحد" حجم التجارة بين الصين وروسيا إلى 200 مليار دولار مع نهاية العام 2020.

وأمّا مع منغوليا، فمنذ نهايات تسعينيات القرن الماضي، شغلت الصين المرتبة الأولى بين شركاء العاصمة أولان باتور التجاريين. وفي العقد الأخير، راح التبادل التجاري يزداد والاستثمارات الصينية في منغوليا تنمو.

ففي حين لم تتجاوز الاستثمارات الصينية في منغوليا سنة 2006 رقم 456 مليون دولار، فإنها وصلت في العام 2014 إلى 2.3 مليار دولار، وهذا الرقم يعادل تقريبا نصف إجمالي الاستثمارات الأجنبية هناك. وارتفع التبادل التجاري بين الصين ومنغوليا، من 524 مليون دولار عام 2002 إلى 6.6 مليار دولار في 2013.

وتشير بيانات منغولية إلى أن رؤوس الأموال الصينية تساهم في نحو سبعة آلاف مشروع داخل البلاد.


اقرأ أيضاً:
الصين تهزم ألمانيا وفرنسا وتصبح ثالث أكبر مصدر للأسلحة

دلالات
المساهمون