كشفت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، عن تلقي النظام المصري صدمة كبيرة، بسبب موقف كل من الصين وروسيا من أزمة سدّ النهضة الإثيوبي، قائلةً إنّ اتصالات مصرية جرت على مدار الأسبوع الماضي مع كل من بكين وموسكو، باعتبارهما من الدول الخمس الكبار في مجلس الأمن الدولي، وذلك للتباحث بشأن إمكانية لعبهما دوراً ضاغطاً على إثيوبيا في أزمة السد، وكذلك إمكانية تقديمها يد العون للقاهرة حال تم اللجوء مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي، إلا أنّ الاتصالات المصرية قوبلت بموقف روسي وصيني رافض لإصدار أي قرارات لصالح مصر، أو ملزمة لإثيوبيا في أزمة سد النهضة.
وقالت المصادر إنّ الصين بخلاف أنّها تعدّ أكبر مستثمر في إثيوبيا، إلا أنّ هناك بُعداً آخر تشترك فيه مع دوافع الجانب الروسي بشأن الموقف الرافض لدعم مصر في تلك الأزمة، يتمثل في كون الدولتين تعدان من الدول التي تمثل منبعاً لعدد من الأنهار، وصدور قرار دولي من مجلس الأمن في قضية سدّ النهضة، ربما سيكون استرشادياً في أي أزمة قد تنشأ مستقبلاً ويكون طرفها إحدى دول منابع الأنهار.
الدولتان تمثلان منبعاً لعدد من الأنهار
وحول خلاصة الموقف المصري ومسارات التحرّك، وفقاً لما ترصده تقارير المتابعة الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، قالت المصادر إنّ "صانع القرار المصري في مأزق بالغ". وأوضحت أنّ آمال الأخير باتت معلّقة على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي وعد الرئيس عبد الفتاح السيسي أخيراً، خلال اتصال جرى بينهما، باتخاذ موقف قوي يساعد في التوصل إلى حلّ، عقب الانتهاء من الانتخابات الأميركية، مضيفةً أنّ ترامب طالب السيسي بمزيدٍ من الانخراط في المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي إلى حين فراغه من السباق الانتخابي.
ووصفت المصادر التعلُّق بوعد ترامب بغير المضمون، في ظلّ تراجع فرص الأخير في سباق الانتخابات الرئاسية، وفق ما أظهرته استطلاعات رأي جرت أخيراً، وهو ما يجعل الرئيس المصري يتعلق بـ"أحبال مهترئة"، على حدّ تعبير المصادر.
وأشارت المصادر إلى أنّ النظام المصري سبق أن طلب العون من إسرائيل التي تربطه بها علاقات قوية في الفترة الراهنة، وكانت هناك وعود من جانب سلطات الاحتلال بلعب دور في الأزمة، قبل أن تبلغ القاهرة أخيراً بوصول جهودها للوساطة غير المعلنة مع أديس أبابا إلى طريق مسدود.
يذكر أنّ الصين يوجد بها أكثر من 1500 نهر، ولكل نهر حوض مساحته أكثر من 1000 كيلومتر مربع، وتجري معظم الأنهار من الغرب إلى الشرق أو الجنوب، وتصب في غرب المحيط الهادئ، في حين أنّ بعض الأنهار، مثل نوجيانغ ويارلونغ زاغبو، تصرّف إلى أنهار جنوب آسيا التي تصبّ في المحيط الهندي، ويجري نهر أيرتكس في شينجيانغ نحو الشمال ويتجاوز الحدود الصينية ليصب في المحيط المتجمد الشمالي.
ترامب طالب السيسي بمزيد من الانخراط في المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي إلى حين فراغه من السباق الانتخابي
ولنهر اليانغتسي الذي ينبع من جبال تانغقولا بمقاطعة شينغهاي حوض تبلغ مساحته أكثر من 1.8 مليون كيلومتر مربع وطوله 6300 كيلومتر، وهو أطول نهر في آسيا وثالث أطول نهر في العالم. ويفرغ نهر اليانغتسي سنوياً 1000 مليار متر مكعب من المياه في بحر الصين الشرقي بعد اختراق مقاطعات شينغهاي وسيتشوان ومنطقة التبت ذاتية الحكم ويوننان وهوبي وهونان وجيانغشي وآنهوي وجيانغسو.
أمّا النهر الأصفر، فهو ثاني أطول نهر في الصين ينبع أيضاً من مقاطعة شينغهاي ويبلغ طوله 5500 كيلومتر وله حوض تبلغ مساحته أكثر من 750 ألف كيلومتر مربع، ويجري في الجزء الشمالي الشرقي من هضبة شينغهاي والتبت ومنغوليا الداخلية وهضبة اللويس في شمال غرب الصين وسهل شمال الصين قبل أن يصب في خليج بوهاي.
يأتي هذا فيما تمتلك روسيا عدداً هائلاً من الأنهار، يعدّ أهمها نهر الفولغا، وهو أحد أكبر الأنهار في العالم والأكبر في أوروبا. ويحتل حوض الفولغا حوالي ثلث الجزء الأوروبي من روسيا ويتدفق على أراضي 11 مقاطعة و4 جمهوريات. وله أهمية اقتصادية كبيرة، إذ يستخدم كطريق سريع للنقل ومصدر للطاقة الكهربائية.
كذلك تضمّ الأراضي الروسية نهر أمور؛ الرمز الرئيسي للشرق الأقصى، في منطقة البايكال، ويمرّ في أراضي ثلاث دول؛ هي روسيا ومنغوليا والصين، ويتدفق في بحر أوخوتسك، إضافة إلى نهر لينا في سيبيريا، الذي يعدّ واحداً من أطول الأنهار في العالم، إذ يبدأ مجراه المائي بالقرب من بحيرة البايكال، وينعطف باتجاه ياكوتسك، ثمّ يندفع شمالاً ويتدفق إلى بحر لابتيف ليشكل دلتا واسعة، ويبلغ طوله 4400 كيلومتر، فيما تبلغ مساحته 2490000 كيلومتر مربع، مما يجعله ثالث أكبر نهر في روسيا. وكذلك نهر أوب في غرب سيبيريا، الذي يعد أطول نهر في روسيا، بطول يصل إلى 5400 كيلومتر، وثاني أطول نهر في قارة آسيا.
وباتت القاهرة في مأزق حاد بعدما أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، خلال القمة الأفريقية المصغرة برئاسة جنوب أفريقيا أخيراً، انتهاء بلاده من الملء الأول للسد بكمية تصل لـ 4.9 مليارات متر مكعب من المياه، وذلك من دون التوصل إلى اتفاق مسبق مع مصر والسودان.