الحرب التجارية بين واشنطن وبكين تواصل تداعياتها في السوق النفطية، وتزيد من التعقيدات أمام فرص تسويق إيران جزءاً من نفطها في آسيا، كما كانت تأمل في السابق.
في هذا الصدد، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن الصين توقفت تماماً عن شراء النفط من إيران مع سريان العقوبات الأميركية. وهو ما يعد ضربة قاصمة للاقتصاد الإيراني، كون الصين أكبر مستورد لخام إيران وكانت طهران تعقد عليها آمالا في كسر الحظر الكامل على شراء النفط الإيراني.
وقالت صحيفة "وول ستريت" في تقرير اليوم الثلاثاء، نقلاً عن مصادر في قطاع النفط الإيراني، إنه بعد أن أعلنت واشنطن قرارها عدم تمديد الاستثناءات الممنوحة لبعض الدول لاستمرارها في شراء النفط من إيران، توقفت الصين إلى جانب دول أخرى مثل الهند وتركيا وكوريا الجنوبية واليابان بشكل تام عن الشراء المباشر للنفط الإيراني.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه تمت في أواسط مايو/أيار الجاري، تعبئة ناقلة صينية في مصب النفط في جزيرة "خرج" الإيرانية.
وذكر مصدر إيراني طلب من الصحيفة عدم كشف اسمه، أنه "يوجد لدى الصين العدد الكافي من المشاكل مع الجانب الأميركي، ولذلك تراها لا ترغب في منح واشنطن ذريعة جديدة لتعقيد العلاقات الثنائية أكثر".
وقال رحيم زاري عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني، إن هذه الدول الخمس وتايوان واليونان وإيطاليا، قامت في مارس/آذار الماضي بشراء 1.6 مليون برميل من النفط الإيراني يومياً.
وأضاف زاري: "هذه الدول تلتزم فعلاً بالعقوبات الأميركية، في الوقت الراهن".
وقال وسيط إيراني خاص، يعمل في بيع النفط إلى الصين، إنه يتفاوض على بيع ما يصل إلى مليوني برميل لمصفاة صغيرة صينية، وذكر أنه لم يتلق بعد موافقة حكومتي الصين وإيران.
إلى ذلك، بدأت شركات آسيوية تعويض النفط الإيراني بسهولة، حيث زادت أكبر شركة طاقة في كوريا الجنوبية "إس كيه إنوفيشن" وارداتها من النفط الروسي ودول أخرى أخيراً، وذلك لتعويض فاقد النفط الإيراني.
وقال الرئيس التنفيذي في الشركة تشوي نام كيو، إن "حصة المكثفات الإيرانية مرتفعة، لكن جرى استبدالها بنفط خام من روسيا وكازاخستان. وننوع مصادر نفطنا".
وكان على كوريا الجنوبية العثور على موردين جدد بعد الجولة الأخيرة من العقوبات الأميركية ضد طهران، والتي استهدفت قطاع النفط الإيراني، حيث تسعى واشنطن لخفض صادرات إيران النفطية إلى الصفر.
وفي أسواق النفط، تراجعت أسعار النفط الثلاثاء، على الرغم من الدعم الذي يتلقاه الخام من خفض الإمدادات بقيادة "أوبك" والعقوبات الأميركية على إيران وفنزويلا، ولكن مخاوف الحرب التجارية بين أميركا والصين وتداعياتها على الطلب العالمي تطغى على مخاطر نقص الإمدادات.
وفي التعاملات الصباحية في لندن، وبحسب رويترز، سجلت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 69.99 دولارا للبرميل، منخفضة 12 سنتاً بما يعادل 0.2% مقارنة بالإغلاق السابق عندما ارتفع برنت 2.1%.
كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 40 سنتاً أو 0.7% إلى 59.03 دولارا للبرميل، مقارنة بإغلاق يوم الجمعة. ولم تُتداول العقود يوم الإثنين بسبب عطلة عامة في الولايات المتحدة.
وكان محللون يعتقدون أن التوترات في منطقة الشرق الأوسط الغنية بالنفط سترفع أسعار النفط في الأسواق الدولية، ولكن التصريحات الصادرة من واشنطن رجحت عدم وجود نية لدى الجانبين، الإيراني والأميركي لخوض حرب.
وفسر محللون إرسال واشنطن أعداداً متزايدة من ترسانتها العسكرية إلى المنطقة، بأنه جاء تحسباً لأي رد فعل عسكري إيراني على العقوبات الاقتصادية التي تخنق اقتصاد طهران.
وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تعهدت بتخفيض صادرات إيران من النفط إلى "الصفر" بعد أن ألغت الإعفاءات الممنوحة لـ8 دول تعتمد على النفط الإيراني، من العقوبات التي فرضت على طهران.
وأكدت أميركا أنها ستغطي إلى جانب السعودية والإمارات النقص الذي سيخلفه غياب النفط الإيراني عن الأسواق العالمية.
وتفادت غالبية المصارف الاستثمارية المضاربة على العقود المستقبلية زيادة مشترياتها، وسط التوتر التجاري بين الصين وأميركا.
وبنت المصارف الاستثمارية حساباتها على أساس أن طلب الصين على النفط سينخفض بسبب زيادة التباطؤ في النمو الاقتصادي الذي ربما ينخفض إلى نحو 6.0%، بحسب التقديرات الأخيرة التي نشرتها منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي.
من جانبها، ترى نشرة "أويل برايس" الأميركية، أن أسعار النفط تتجه إلى الانخفاض خلال الشهور المقبلة، ربما لا يتمكن فصل الصيف الذي يرتفع فيه الطلب على المنتجات المكررة بسبب السفر والسياحة، من إنقاذ الأسعار.
ومن بين العوامل الأخرى التي تدعم انخفاض الأسعار خلال العام الجاري، زيادة إنتاج النفط الأميركي المصحوب بانخفاض حجم الاستهلاك العالمي.