تتعرض الطيور المهاجرة نحو الأهوار في جنوب العراق لحملة شرسة من الصيد الجائر، تهدّد بانقراض 200 نوع من الطيور، وسط مناشدات باتخاذ خطوات حكومية تمنع الصيد العشوائي وتحاسب المخالفين.
وانتعشت الأهوار في جنوب البلاد أخيراً، بعد هطول كميات كبيرة من الأمطار. وهاجرت نحوها أنواع كثيرة من الطيور، وبدأت تتكاثر فيها، كما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي أخيرا صورا ومقاطع فيديو، تظهر عمليات ذبح عشوائي جماعي للطيور المهاجرة في أحد تلك الأهوار.
وقال مدير الشرطة البيئية العميد فراس سليم علي، في بيان صحافي، إنّ "العراق يعدّ ممرا آمنا للطيور، حيث يقع ضمن مسارات الهجرة للعديد من الطيور المهاجرة المحرم صيدها، والتي تعمل البشرية بأسرها على حمايتها، لأنها ثروة عالمية لا يملكها أحد، إذ إنها ملك الجميع، وإنّ عمليات الصيد الجائر للطيور المهاجرة تتزايد بشكل مستمر، من دون أي رادع".
وأعرب عن خشيته من "أن يستمر القتل الجائر والمكثّف لأكثر من 200 نوع من الطيور، فالكثير منها معرض لخطر الانقراض عالميا، وهي تعد من الموارد الأساسية للحياة"، معتبرا أنّ "الصيد الجائر وعمليات الذبح العشوائية والمجازر الكبرى للطيور، تدل على همجية وعبثية من قبل الصيادين".
من جهته، قال عضو مجلس مدينة ميسان عباس البطاط، إنّ "الصيد الجائر يطاول يومياً مئات الطيور، لأنّ الصيادين لا يعرفون معنى حماية الطيور، فهم يعرفون فقط قطع رؤوسها وبيعها في الأسواق"، مؤكدا، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أنّه "بعد توجيهات حكومية بمنع الصيد الجائر، تمكنت السلطات المحلية في ميسان من اعتقال نحو 17 صيادا متورطا في الصيد الجائر ضد الطيور في الأهوار".
وأكد أنّ "المحافظة بالتنسيق مع مديرية حماية البيئة نظمت حملات للتوعية، بخطورة الصيد الجائر، الذي يهدد بانقراض أنواع كثيرة من الطيور".
ويتخوف ناشطون في مجال حماية الأهوار، من عدم توفير الحماية لها، ما قد ينتج من ذلك انقراض الطيور، في موسم التكاثر.
قال أحد الناشطين في حماية الأهوار، ويدعى علي الربيعي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأهوار في جنوب البلاد، بدأت تنتعش بعد موجة الأمطار الأخيرة التي هطلت على عموم محافظات البلاد، وساهمت برفع مستوى المياه وعادت معها أنواع مختلفة من الطيور المهاجرة لتستوطن فيها، ولكنّ الصيد الجائر يعرّضها للانقراض".
وأضاف أنّ "ما تم تداوله من صور ومقاطع فيديو عن مجازر جماعية لتلك الطيور، يعد جريمة بحق هذه الطيور التي تأتي في كل موسم للتكاثر والتنوع البيئي"، مبينا أنّ "الصيد الجائر وذبح الطيور داخل الشباك ينمان عن عدم وعي وجهل بأهمية هذه الطيور". ودعا الجهات المسؤولة إلى "اتخاذ خطوات تمنع الصيد الجائر، وتحاسب المخالفين".
وكانت الأهوار العراقية تعاني الجفاف المتزايد الذي تسبب بنفوق الآلاف من الماشية والطيور، ما ساهم باختفاء مظاهر الحياة فيها خلال السنوات السابقة، كما تسببت مشاريع بناء السدود على منابع نهري دجلة والفرات في تركيا في انخفاض حصة العراق من مياه النهرين، وانعكس ذلك سلباً على كميات المياه المتدفقة على الأهوار.
يشار إلى أن مساحة الأهوار تفوق 16 ألف كيلومتر مربع على حدود العراق وإيران. إلا أن الجزء الأكبر منها داخل العراق، وتشكل حواجز جغرافية على تخوم مدن جنوبية كالناصرية والعمارة والبصرة. ووفقاً لبعض التقديرات فإن مساحة المناطق، التي ما زالت مغمورة بالماء، تقلّ عن 30 في المائة من مساحة المنطقة على أحسن تقدير.