وقال رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الصومال، جاستين برادي، في بيان اليوم الجمعة، إنّ "آليات التكيف في الصومال أقل بكثير من آليات البلدان المجاورة. لذلك، فإن تأثير الفيضانات والجراد وكوفيد-19، ليس ببسيط إنسانياً، ولكن هذا البلد لديه القدرة، على عكس بعض المكاسب السياسية والأمنية التي استثمرها المجتمع الدولي على مدى العقد الماضي".
وأضاف برادي: "نحتاج إلى مواصلة العمل معاً وتوسيع التنسيق مع القطاع الخاص والمجتمع المدني وزيادة التفاعل مع الشتات".
ووفقاً لبيان الأمم المتحدة، فقد شُرّد ما يقرب من 500 ألف شخص؛ بسبب الفيضانات الأخيرة في مناطق وسط الصومال، بينما تتعامل البلاد أيضاً مع غزو الجراد الشديد الذي يهدد الأمن الغذائي والتغذية للكثيرين. في الوقت نفسه، يستجيب الصومال لتفشي جائحة فيروس كورونا.
وأوضح برادي أن تحذير الأمم المتحدة يأخذ في الاعتبار نقاط الضعف الهيكلية المتأصلة في الصومال، مما يجعل البلاد أكثر عرضة للخطر من الدول الأخرى في المنطقة، ودعا الجميع إلى مد يد المساعدة لتفادي الأسوأ.
Twitter Post
|
وتعمل الأمم المتحدة بشكل وثيق مع السلطات المحلية والشركاء، منذ نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، لتحديد وتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للصوماليين المتضررين من الفيضانات، بما في ذلك إرسال إمدادات الطوارئ وتوفير الخدمات المنقذة للحياة من خلال الشركاء على أرض الواقع. والمساعدة مستمرة حتى الآن، وفق البيان.
وأشار رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الصومال، إلى أنّ "الأمم المتحدة تعكف على توفير المأوى والمواد غير الغذائية، فضلاً عن النظر في إمكانية الإصابة بالأمراض المعدية، مثل الإسهال المائي الحاد والكوليرا وسوء التغذية، التي تظهر غالباً أثناء الفيضانات".
فيضانات ونزوح
وبينما نزح حوالي نصف مليون شخص، تضرر أكثر من مليون شخص إجمالاً، نتيجة الفيضانات والسيول النهرية في الصومال. وواحدة من أكثر المناطق تضرراً هي بيليت وين، التي تعرضت لأول مرة لفيضانات شديدة، في أواخر العام الماضي، عندما فجر نهر شابيلي ضفافه بسبب الأمطار الغزيرة.
وأشار عبد الكريم حسين عبدي، مدير برنامج شبكة العمل التنموي، وهي منظمة غير حكومية محلية تستجيب لاحتياجات المجتمعات المتضررة، إلى أنه "لدينا حوالي 240 ألف شخص نزحوا من منازلهم". وأضاف: "غمرت الفيضانات أسواق الناس وتعطلت أعمالهم، مما ترك الكثير من الناس من دون أي مصدر للدخل. وارتفعت أسعار السلع بشكل كبير، وتدمرت المحاصيل، أما الغذاء القليل الذي يأتي إلى السوق فهو باهظ التكاليف".
وطلبت حواء جدي، وهي أم لأربعة أطفال، من خلال حديثها في مخيم للنازحين في سيل جالي في بيليت وين، المزيد من المساعدة للعديد من الأسر التي دُمرت سبل عيشها.
وقالت: "لقد شردت من الفيولا قودة بسبب الفيضانات واستقريت هنا في سيل جالي. نحن ممتنون للوكالات الإنسانية لتزويدنا بالمياه والاحتياجات الأساسية الأخرى، لكننا بحاجة إلى مزيد من الدعم. نحن بحاجة إلى الطعام، ليس لدينا ما نأكله".
ومنذ عام 1990، شهد الصومال 30 حادثاً متعلقاً بالمناخ و12 حالة جفاف و18 فيضاناً، أي أكثر بثلاث مرات من عدد المخاطر المتعلقة بالمناخ التي حدثت بين عامي 1970 و1990. في عام 2017، ترك الجفاف الشديد الصومال على حافة المجاعة. وفي عام 2019، أدى موسم الأمطار المتأخر وغير المنتظم إلى أفقر محصول منذ مجاعة وفيضانات عام 2011.
كورونا أيضاً
ومثل العديد من البلدان الأخرى، كان الصومال يستجيب لفيروس كورونا داخل حدوده. وقد سجل أول حالة للفيروس في مارس/ آذار الماضي، وشهد منذ ذلك الحين زيادة في عدد الحالات، مع الإبلاغ عنها من جميع الولايات.
وأدت هذه الجائحة إلى اضطرابات اجتماعية واقتصادية بالغة في جميع أنحاء الصومال، بما في ذلك، انخفاض في التحويلات المالية من المغتربين، وهو في حد ذاته أساس للعديد من الصوماليين، وأيضاً انخفاض في فرص العمل بسبب القيود التي يفرضها فيروس كورونا، مما يصعب عملية التأقلم على الكثيرين.
وقامت منظمة الصحة العالمية، بالتعاون الوثيق مع حكومة الصومال الاتحادية ومجموعة من الشركاء الثنائيين، بإنشاء ثلاثة مراكز اختبار في هرجيسا في أرض الصومال، وغاروي في بونتلاند، وفي العاصمة الصومالية مقديشو، ووضعت خططاً لزيادة عدد مراكز الاختبار.
بالإضافة إلى ذلك، تدعم المنظمة إدارة المرضى والحالات في جميع مراكز العزل الصحي، وتوفر رواتب للعاملين الجدد في مجال الرعاية الصحية، وتبذل جهوداً لتعزيز التعبئة والمشاركة المجتمعية، لا سيما في مجال الكشف عن الحالات وتعقبها.
وقال برادي، "لدينا حالة حيث تفاقم مشكلتي الفيضان وكوفيد-19 الأثر على السكان، ثم لدينا الجراد. ونتوقع أن نشهد خسارة جزء من المحاصيل هذا العام بسبب غزو الجراد، مما سيؤدي إلى تفاقم حالة الأمن الغذائي والتغذية للعديد من الصوماليين".
ويحذر المُمثل القُطري لمنظمة الأغذية والزراعة في الصومال، إتيان بيترشميت، من أنه من المحتمل، بحلول شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، أن يتزايد عدد الصوماليين الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي أو الجوع الشديد بمقدار نصف مليون، وذلك بسبب التأثيرات المترتبة على انتشار الجراد الصحراوي الحالي في الصومال.
وقد وصف كل من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية الفيضانات والجراد وجائحة فيروس كورونا بأنها "تهديد ثلاثي" غير مسبوق، ويحتاج إلى تمويل كاف من أجل المكافحة.
وحذر ممثل منظمة الصحة العالمية الدكتور مأمون الرحمن مالك الصومال من أنه "ما لم نتمكن من زيادة عمليات الاستجابة بسرعة وما لم نحصل على التمويل الكافي من الجهات المانحة، فلن نتمكن من الاستجابة لهذه الحاجة من الحكومة، وتلك السانحة ستفوت سريعاً".