عانى الفنان محمد الزمر (30 عاماً) الأمرين خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة عام 2009، حاله حال معظم الغزيّين. لكنه مع الوقت، نجح في التغلّب على آثاره وتحويل مخلفات الأسلحة إلى لوحات فنية. يمضي ساعات طويلة في البحث بين الأنقاض عن بقايا صواريخ الطائرات، وقذائف المدفعية، وقنابل الغاز السامة، والأعيرة النارية المختلفة. يحضر ما يجمعه إلى فناء خلفي خصصه للعمل. يختار لكل منها لوناً خاصاً، لتخرج من بين يديه تحفة فنيّة.
حقّق الزمر شهرة واسعة في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد افتتاح معرضه الصغير في منزله وسط مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة. إنه يسعى من خلال لوحاته إلى بثّ رسالة "حب وسلام" إلى العالم، تنقل معاناة الشعب الفلسطيني وتجسد صورته الحقيقية المحبة للحياة. وأكثر من ذلك، يريد للعالم أن يعرف أن "غزة التي تتعرض لعدوان متواصل هي مساحة للأمل، تقاوم جرائم المحتل بالفن والإبداع".
لم يلتحق الزمر بكلية الفنون الجميلة كما كان يحلم، بسبب ظروفه المادية الصعبة. لكنه اليوم راضٍ عن الفن الذي يقدمه. يشتري الألوان والأدوات اللازمة لإتمام لوحاته رغم أجره البسيط، علماً أن أسعارها تشهد ارتفاعاً كبيراً بسبب الحصار الخانق المفروض على القطاع.
كتب على إحدى القذائف المدفعية: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة". لا يكتفي بتلوين هذه المخلّفات، بل يعمد في كثير من الأحيان إلى كتابة عبارات للشعراء والكتاب الفلسطينيين، أمثال محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زّياد، "تعكس صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته للمحتل الغاصب".
يقول الزمر إن "البحث عن الشظايا والمخلفات هو أصعب مرحلة في العمل"، مضيفاً أنه يقصد جميع الأماكن التي استهدفتها الصواريخ، ويستمع إلى شهادات المواطنين الذين اختبروا الاعتداءات، ما يساعده على إيجاد أفكار لتحفه ولوحاته.
لاقت أعماله استحساناً حكومياً من قبل الشرطة الفلسطينية في غزة، ما فتح باب التعاون بينه وبين قسم هندسة المتفجرات، الذي زوده بعدد من المخلّفات لتحويلها إلى لوحات فنية. ويعكف بالتنسيق معه حالياً على إقامة معرض مشترك لجميع الأعمال الفنية التي أنجزها.
ويطمح الزمر إلى إقامة معرض دائم يستقطب الغزيين وزوار القطاع العرب والأجانب، بهدف فضح جرائم الاحتلال وكشف حقيقة ادعاءاته الباطلة بحق المدنيين.