كشف بحث حديث عن أشكال متباينة لتأثر المواطنين السوريين بالصراع المتواصل في البلاد، وإصابة العلاقات الأسرية والعلاقات بين الأصدقاء بنوع من الشقاق الواسع، سواء في الداخل السوري أو في بلدان المهجر.
واستطلعت مؤسسة "صدى" للأبحاث واستطلاع الرأي، مدى تأثر العلاقات داخل العائلة التي تشكل الدعامة الرئيسية لتماسك المجتمع السوري في مواجهة الأوضاع القائمة، وأكد البحث أن استمرار الصراع قد ينتج وضعاً مجتمعياً يستعصي على التصحيح وعلاقات كراهية وتباين قد لا يتمكن الجيل الحالي من تجاوزها.
وتم إجراء المسح في الفترة بين 5 مارس/آذار، و5 إبريل/نيسان الماضي، في ثلاث مدن سورية هي حلب وإدلب ودمشق، وثلاث مدن تركية هي إسطنبول وغازي عنتاب وشانلي أورفا، وشمل 1200 عينة، وكانت نسبة الإناث 40 في المائة، وتراوحت أعمار العينة بين 18 إلى 60 سنة.
وأظهرت نتيجة المسح أن الصراع السوري أحدث شقاً حاداً أفضى إلى نوع من القطيعة بين أفراد الأسرة بنسبة 43 في المائة من الذي أجابوا على الاستبيان، بينما أحدث شقاقاً بسيطاً بنسبة 33 في المائة، وبلغت النسبة التي لم تتأثر 18 في المائة.
وعلى مستوى الأصدقاء، بلغت نسبة القطيعة التامة 49 في المائة، و30 في المائة أجابوا بحدوث خلافات بسيطة، بينما بلغت نسبة الذين لم يحصل بينهم شقاق 12 في المائة.
وأكد 22 في المائة من العينة انتهاء المشاكل في حال توقف الحرب، و27 في المائة أجابوا أن ذلك قد يحدث، بينما توقع 32 في المائة أنها لن تنتهي على الأغلب، وقال 16 في المائة إن ذلك يتوقف على نتائج الحرب، و3 في المائة قالوا إن الأمر متروك للزمن.
واعتبر 54 في المائة أن لهذا الشقاق المجتمعي أثراً سلبياً على مستقبل السلم الاجتماعي في سورية، ورجّح 23 في المائة انتهاء أثره بانتهاء الحرب، وقال 18 في المائة إن ذلك منوط بطريقة معالجة المرحلة، وأكّد 6 في المائة أن الأمر يصعب توقعه.
وحسب النتائج، فقد أثرت الشقاقات الأسرية على الحياة المالية والاجتماعية لـ33 في المائة من الأشخاص بشكل كبير، و28 في المائة بشكل بسيط، و23 في المائة لم تؤثر عليهم أبداً، و16 في المائة تأثروا بسبب طول فترة الصراع.
وأشار 56 في المائة إلى أن المواقف المجتمعية الحادة انتقلت إلى جيل الأبناء في الوسط العائلي، و29 في المائة رأوا أنها انتقلت بشكل طفيف، بينما يرى 10 في المائة أنها ظلت محصورة في الكبار.
وقال 58 في المائة إن الهجرة الداخلية والخارجية كان لها دور في تعميق الشقاق واستمراره بشكل كبير، ورأى 29 في المائة أنها أثرت في بعض الحالات، بينما رأى 8 في المائة أن لا أثر للهجرة على الأمر.
ولفت 72 في المائة أن مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت بقوة في تعميق هذا الشقاق وإظهاره للعلن، ورأى 16 في المائة أنها أسهمت بقدر بسيط، بينما قال 6 في المائة إنها أثرت في العلاقات إيجاباً، و6 في المائة لم يروا لها أثراً إيجابياً أو سلبياً.
واندلعت احتجاجات سلمية في سورية خلال مارس/آذار 2011، وشارك فيها عدد كبير من السوريين، إلا أن استخدام النظام للقمع أدى إلى تراجع البعض ووقوف آخرين على الحياد، وحمل آخرين للسلاح، وكل هذه العوامل أسهمت في تقسيم المجتمع إلى فئات وظهور التباينات الاجتماعية.