الصراع الكردي ـ الكردي يستعر في تركيا

31 ديسمبر 2014
من الاشتباكات الكردية ـ الكردية (إيلياس أكينغين/فرانس برس)
+ الخط -
تراوحت ردود الفعل تجاه الاشتباكات التي حصلت أخيراً في ولاية شرناق التركية ذات الأغلبية الكردية، بين كل من أنصار حزب "العمال" الكردستاني، وحزب "الدعوة الحرة" (كردي سلفي)، والتي أدت إلى سقوط 3 قتلى و3 جرحى، حسب مصادر حكومية.

وبدأت الأحداث، عندما نظّم أنصار "العمال" تظاهرة توجهت نحو حي نور في مدينة جيزرة، المحسوب على "الدعوة الحرة"، إثر قدوم أربع جثث لمقاتلين تابعين لـ"العمال"، من أبناء المدينة، قُتلوا في اشتباكات ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قرب مدينة سنجار في العراق، فاندلعت الاشتباكات.

وفي الوقت الذي حمّلت فيه الصحف الموالية للحكومة، المسؤولية لـ"العمال" على هذا الهجوم، هاجمت الصحف المعارضة الحكومة، واتهمتها بالتقصير في التدخّل السريع لمنع سقوط قتلى. واتهمت المعارضة، ممثلة بحزب "الحركة القومية"، الحكومة بـ"الفشل في السيطرة على المناطق الشرقية، وتسليمها للعمال ليعلن فيها حكمه الذاتي، ويبدأ عمليات التصفية". واعتبر زعيم الكتلة النيابية لـ"الحركة القومية"، أوكتاي فورال، أن "الدولة نائمة اليوم، فالتنظيم الإرهابي (العمال الكردستاني) يقيم محاكمه وقواته الأمنية، بل ويجمع المال من السكان. حتى إنه يتم الإعلان الآن عن الحكم الذاتي".

لكن اللافت في الأمر، أن طرفي النزاع، أي "العمال" و"الدعوة الحرة"، بالإضافة إلى الحكومة، أكدوا على نظرية "المؤامرة". غير أن لكل طرف رؤيته الخاصة لـ"المؤامرة". فاتهم القيادي في "الدعوة الحرة"، حسين يلماز، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده، بعض الدوائر داخل العمال، قائلاً "كلما حصلت خطوات إيجابية، فيما يتعلق بعملية المصالحة، يستخدم بعض الدوائر في حزب العمال العنف ضد حزبنا، كأداة لتخريب عملية السلام".
ووافقه نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج، قائلاً "اتضح لنا أن الجهات التي تغذت على الإرهاب لسنوات طويلة، وترى فيه مصدر دخل لها، لن تستطيع التخلي عن عاداتها القديمة. واتضح لنا كذلك، أن هناك كيانات عميقة داخل العمال، أزعجتها المراحل المتقدمة التي تم إحرازها في مباحثات مسيرة السلام الداخلي". وأضاف أرينج أن "هذه الكيانات العميقة لم تستطع تحمل صوت ولون مغاير لما تريده هي (في إشارة إلى حزب الدعوة الحرة)، ويرفضون أي توجّه آخر مغاير لتوجههم".

أما عن "العمال"، فقد أكد "خطيب دجلة"، الرئيس المشارك لـ"مجلس المجتمع الديمقراطي" (أحد التنظيمات التابعة للعمال الكردستاني) وعضو اللجنة الوسيطة في عملية التسوية صلاح الدين ديميرطاش ، أن "هناك قوة ثالثة". ووصفها بأنها "هي أيضاً كيان موازٍ تحاول تخريب العملية". وأشار إلى أنه "ربما يوجد قوة رابعة، قد يكون داعش أو استخبارات أجنبية". وكشف أنه "يمتلك الكثير من الأدلّة التي لم يكشف عنها".

ويرى كثيرون أن من الطبيعي أن إنهاء الصراع بين أنقرة و"العمال"، سيُواجه الكثير من المعارضة في بعض التيارات التي كانت مستفيدة منه، سواء في الدولة التركية أو في العمال، بما أن الحديث يدور عن قضية يتجاوز عمرها الثلاثين عاماً.

والخلاف بين "العمال" و"الدعوة الحرة" قديم، ويمتد إلى التسعينيات، عندما تلاقت مصالح الدولة في الحرب على "العمال"، أو ما أطلقت عليه "المنظمة الإرهابية" مع "حزب الله" التركي (الأب الشرعي للدعوة الحرة)، الذي كان يريد بدوره محاربة "الكفار".

في المقابل، حارب "العمال"، ما أطلق عليه حينها "القوى الإمبريالية والرجعية"، ووقعت مجازر ارتكبها الطرفان ضد بعضهما. وعلى الرغم من أن عملية السلام بدأت في العام 2012، فإنه لم يتمّ اشراك "الدعوة الحرة" فيها، حتى إن قيادته اشتكت مرارا من إقصاء الحكومة له، على الرغم من أنه إحدى القوى الكردية المعنية بالعملية بشكل مباشر.

ولم يبذل أي من الطرفين الكرديين أي جهود لتحقيق المصالحة بينهما، لتتفجر العداوات القديمة مرة أخرى بعد هجوم "داعش" على المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات "الحماية الشعبية" التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" (جناح العمال في سورية)، فيتم اتهام "الدعوة الحرة بمساندة داعش".

في محاولة من "العمال" لتصفية التيار السلفي الكردي، والاستئثار بالساحة الكردية، فوقعت أثناء احتجاجات مؤيدة لمدينة عين العرب السورية في بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي اشتباكات بين الطرفين، أسفرت عن مقتل ما يقارب 40 مواطناً تركياً وجرح العشرات، وإعلان حالة الطوارئ ومنع التجوال في عدد من الولايات التركية.

المساهمون