لبنان اعتبر طرفا مهما في هذا الفصل من الصراع كونه يتعلق بثلاثة من مواطنيه، كانت الاستخبارات الأميركية تحاول الوصول إليهم وإحضارهم إلى أميركا بأي ثمن، للاشتباه بوجود علاقة لهم أو لبعضهم على الأقل بالجهاز الأمني التابع لـ"حزب الله" اللبناني.
المطلوبون الثلاثة، وإن كانوا يحملون جنسيات بلدان أخرى، إلا أن جميعهم من أصل لبناني، وهم فوزي جابر من آل جابر في جنوب لبنان، وعلي طعان من أسرة آل فياض، وخالد المرعبي من منطقة عكار في شمال لبنان.
بدأت الوقائع العلنية في هذا الفصل من الصراع الخفي في أبريل/ نيسان من عام 2014 باعتقال اللبنانيين الثلاثة في جمهورية التشيك، بتدبير من إحدى الوكالات الاستخبارية الأميركية المسموح لها بالنشاط الخارجي، وربما عن طريق التنسيق مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي).
وفي صيف العام التالي 2015، تطورت الوقائع إلى اختفاء أو اختطاف خمسة مواطنين تشيك في لبنان قبل العثور عليهم وإعادتهم إلى بلادهم لاحقا، في إطار صفقة كان هدفها على ما يبدو إنقاذ المعتقلين اللبنانيين في جمهورية التشيك. وفي 2016 انتهت آخر حلقات هذا الفصل من الصراع بنجاة اثنين من اللبنانيين الثلاثة مما رسمته لهم الوكالة الاستخبارية الأميركية، فيما وقع الثالث بيدها محققا لها فوزا ناقصا أو ثلث انتصار، حيث وافقت السلطات التشيكية، في فبراير/ شباط الماضي على تسليم المواطن اللبناني جابر للولايات المتحدة، فيما رفضت تسليم فياض والمرعبي، وقررت إعادتهما في الشهر ذاته إلى لبنان.
ورغم أن نبأ تسليم اللبناني فوزي جابر تأخر الكشف عنه إلا أن المعلومات المتوفرة لـ"العربي الجديد" تؤكد أن التسليم تم قبل شهور، وأن السلطات الفدرالية الأميركية تكتمت على الخبر كونه ذا صلة بالعمليات السرية في الخارج، واكتفى الأميركيون بالبيان الاحتجاجي الذي أصدرته السفارة الأميركية في براغ عندما تم الإفراج عن فياض والمرعبي.
وفي معرض تأكيد الشرطة التشيكية السبت تسليمها جابر للولايات المتحدة، لم تشر إلى حيثيات الموافقة على الطلب الأميركي، أو ما إذا كان قد تم في إطار شروط معينة تتعلق بمحاكمته.
ومن المستبعد أن يواجه جابر عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة، لكن الادعاء الفدرالي بإمكانه أن يطالب بإنزال عقوبة السجن المؤبد كعقوبة قصوى إذا ما كانت التهم الموجهة إلى جابر تسمح بذلك.
وكانت الخطة التي رسمتها الاستخبارات المركزية الأميركية، بالتآزر مع الوكالة الأميركية لمكافحة الاتجار بالمخدرات، للإيقاع باللبنانيين الثلاثة في براغ عام 2014، قد اعتمدت على تنكر عناصر استخبارية أميركية على أنهم من متمردي القوات الثورية المسلحة في كولومبيا "فارك".
وطبقا لما تطرقت إليه الصحافة التشيكية واللبنانية في حينه فقد استُدرج اللبنانيون الثلاثة إلى شرك تزويد المتمردين الكولومبيين بأسلحة مصدرها أوكرانيا، وهو ما وفر للسلطات التشيكية الغطاء القانوني لاعتقالهم وللسلطات الأميركية المبرر القانوني للمطالبة بتسليمهم. وأضافت السلطات الأميركية إلى قائمة التهم الموجهة إليهم تهمة التحضير لاغتيال مسؤولين في الحكومة الأميركية ومحاولة استخدام صاروخ مضاد للطائرات، بحسب وكالة "فرانس برس".