الصداع النصفي يؤلم الإيرانيين

26 سبتمبر 2016
لا بدّ من الدقّة في الفحص (بهروز مهري/فرانس برس)
+ الخط -
في مؤتمر طبي وطني عقد في طهران أخيراً، تناول أطباء مشاركون إحصاءات تقريبية تتعلق بمعدّلات الإصابة بالصداع النصفي، أو الشقيقة في البلاد، واصفين إياها بالمقلقة. تلك المعدلات تتخطّى متوسّط معدلات الإصابة في دول العالم الأخرى، بحسب ما لفت بعضهم.

قدّمت الطبيبة، منصورة تقا، خلال الدورة الثالثة والعشرين لمؤتمر طب الأعصاب السريري، تقريراً ما زالت تتبادله بعض المواقع الإيرانية التي رأت أنّ في الأمر ما يعكس ضرورة تطوير التشخيص وأساليب العلاج، فضلاً عن ضرورة معالجة الأسباب التي تؤدّي إلى هذه المعدلات العالية. وقد لفتت تقا إلى أنّ دراسات أخيرة أجراها أطباء إيرانيون تؤكد أنّ أكثر مراجعي عيادات المتخصصين بالأعصاب وجراحة الدماغ، يشكون من آلام مزمنة في الرأس. وأوضحت أنّ حالات عدّة مصابة بالصداع النصفي، وأخرى مصابة بنوع بالصداع الناتج عن التوتر. أضافت أنّ 90% من المراجعين يعانون من آلام متكررة، مشيرة إلى أنّ 10% من رجال إيران و20% من نسائها مصابون بالشقيقة. وقد شدّدت على أنّ هذه النسب تبقى تقريبية، بالتالي لا بدّ من التركيز على دراسات أعمق تغطّي كل أنحاء البلاد. فهذا يساعد بالنسبة إليها، على إيجاد حلول للوقاية وعلى اتباع سبل علاجية مساندة.

وقد علّقت تقا، وكذلك مشاركون ومتخصصون آخرون، على الأمر في تقارير نشرتها مواقع إيرانية في الفترة الأخيرة، مؤكدة أنّ لا مخاطر كبيرة قد تنجم عن ارتفاع هذه المعدلات، والسيئ هو تبعاتها على المصابين أنفسهم، إذ يتراجع أداؤهم لوظائفهم وأعمالهم في حياتهم اليومية، حيث يقضون وقتاً طويلاً في تحمّل الألم.

يعدّ الصداع النصفي اضطراباً عصبياً مزمناً، تتكرر خلاله حالة الصداع بين آلام متوسطة الحدّة أو شديدة. وهذا النوع من الصداع يؤثّر على نصف منطقة الرأس، ويستمرّ لمدة تتراوح من ساعتين إلى ثلاثة أيام عند البعض، وله عوامل وراثية وأخرى بيئية.



وكانت وكالة "مهر" الإيرانية قد نقلت عن الأستاذ المحاضر في كلية الطب البشري في جامعة طهران، مجيد غفار بور، قوله إنّ الإيرانيين يعانون من أنواع عدّة من الصداع، وأسبابها تعود إلى التوتر وأسلوب الحياة الخاطئ والمتعب، فضلاً عن عوامل أخرى منها نسب التلوّث المرتفعة والازدحام المروري وحتى ارتفاع درجات الحرارة صيفاً، في المدن الإيرانية الكبرى.
وأوضح غفار بور أنّ متوسط المعدلات في مجتمعات الدول الأخرى أقلّ من تلك الإيرانية، إذ إنّ نسب الإصابة بالشقيقة بين النساء فيها تتراوح من 10 إلى 15% وبين الرجال من 7 إلى 8%. وأضاف أنّ الصداع النصفي لا يتسبب بتبعات صحية خطيرة في العادة، لكنّه يؤدي عند البعض إلى خلل في الرؤية، وقد يتسبّب بالفالج في بعض الحالات المتفاقمة.

في هذا السياق، تؤكد الطبيبة المتخصصة في علاج الصداع النصفي، فرشته إسفندياري، أنّ أوجاع هذا النوع من الصداع تتسبب بالفعل في ارتفاع عدد المراجعين في العيادات. وتقول لـ "العربي الجديد" إنّ "ثمّة أنواعاً وأساليب علاجية في إيران، منها ما يُستخدم للوقاية من نوبات الشقيقة المتكررة، ومنها ما يستخدم في أثناء الإصابة بالألم".

وتشير اسفندياري إلى أنّ "ثمّة أنواع علاج خاصة باتت رائجة في إيران، منها حقن البوتوكس، التي لا تستخدم لأغراض تجميلية في هذه الحالة، بالإضافة إلى أنواع من الفيتامينات، التي تساعد المصابين على الوقاية من النوبات وتساهم في تباعد فتراتها". تضيف أنّ "الأهم من كلّ هذا هو تعاطي كلّ مصاب بطريقة صحيحة مع حالته، بالتزامن مع توعية المواطنين حول مسبّبات الصداع النصفي، ومن شأن ذلك أن يساهم في تقليل حالات الإصابة".

من ناحيته، يعزو الطبيب المتخصص في أمراض الدماغ والأعصاب، حسن مرادي، ارتفاع نسب الإصابة المسجلة أخيراً، إلى "تطوّر الطب ووسائل تشخيص الأمراض، بالإضافة إلى ارتفاع عدد المتخصصين وزيادة مستوى الوعي لدى المواطنين، الذين باتوا يراجعون الأطباء عند الشعور بأيّ ألم ويخضعون لتحليلات دورية. وهو ما يؤدي إلى الكشف عن مزيد من حالات الإصابة بالشقيقة وغيرها من الأمراض". يضيف مرادي لـ "العربي الجديد" أنّ هذه النسب قد تكون هي ذاتها قبل سنوات، لكنّ العوامل التي ذكرها أدّت إلى تسجيل عدد أكبر. وفي الوقت نفسه، لا ينفي "ارتفاع وتيرة مسببات هذا المرض، منها عوامل التوتّر والانشغال والانهماك في العمل لساعات طويلة. فكل هذا يزيد الوضع سوءاً".

ويشير مرادي إلى أنّه "لا يتوفّر علاج نهائي وقاطع للصداع النصفي. تحسّن حالة المصابين تعتمد على التشخيص الجيّد والمناسب، إذ ثمّة أنواع مختلفة من الصداع. والتشخيص الصحيح يساهم في تقديم العلاج الأنسب لكل حالة". ويتابع أنّ "على المصابين بآلام الشقيقة وغيرها من أوجاع الرأس، وحتى غير المصابين، أن يعملوا على تقليص التوتر والتشنج، بالإضافة إلى تغيير نمط الحياة. فثمّة أشخاص لا يشربون الماء كثيراً أو يتعرّضون بكثرة لأشعة الشمس القوية. كلّ هذا يزيد الأمر سوءاً". ويشدّد على أنّ "المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الأطباء أنفسهم. عليهم الاستفادة من تطوّر التكنولوجيا، وتطوير أنفسهم وتجربتهم الطبية باستمرار، وتشخيص الإصابة بدقة، والتعامل مع كل مريض على حدة. وذلك بدلاً من وصف الدواء نفسه لكلّ مصاب بالصداع النصفي، فكلّ حالة تختلف عن غيرها وكذلك تختلف مسبباتها".

دلالات
المساهمون