تصاعدت في الآونة الأخيرة وتيرة "هروب" الصحافيين والمراسلين الأجانب من مصر، إثر إجراءات قمعية تتعرض لها وسائل الاعلام، سواء المحلية أو العالمية.
يوم الثلاثاء الماضي، أعلنت إذاعة "إن بي آر" الأميركية أن مراسلتها بالقاهرة ليلى فاضل، التي تحمل الجنسيتين اللبنانية والأميركية، قد غادرتها بشكل نهائي.
وقالت الإذاعة الأميركية: "منذ أكثر من 5 سنوات، بدأت فاضل إرسال تقاريرها من القاهرة، ومرت بتحولات من لحظات التفاؤل التي كانت سائدة عند وصولها، مروراً بالمذبحة (فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة) التي مزقت المجتمع المصري".
وكتبت فاضل عبر حسابها على تويتر قبل 5 أيام: "أغادر القاهرة بعد أن مكثت هنا حوالى 6 سنوات، قطعت تذكرة ذهاب بلا عودة، سأفتقدكم". وأوضحت، خلال حوار مع الإذاعة الأميركية، "مساحة حرية التعبير كانت كبيرة قبل 4 سنوات"، مضيفة "الناس كانوا قادرين على التفوه بأمور تتجاوز كثيراً الموضوعات المعتادة لكن الأمور تغيرت الآن بشكل كبير، حرية التعبير التي كانت مزدهرة تختلف جداً عما يحدث حالياً حيث أصبحت خائفة من الخروج بميكروفوني في شوارع القاهرة".
ووصفت فاضل الحكومة المصرية بأنها مصابة بجنون العظمة، قائلةً "حكومة ودولة تبدو مصابة بقدر هائل من جنون العظمة، ولا يمكن التنبؤ بما يمكن أن تفعله"، مشيرة إلى "اضطرارها للهرب تحت صوت السلاح".
وقبل نحو عام، قال مراسل قناة "بي بي سي" البريطانية في القاهرة وائل حسين في أحد تقاريره: "مهمة الصحافيين في مصر محفوفة بالمخاطر على نحو متزايد".
وقال حسين إن "هناك تشريعاً جديداً ونهجاً أكثر صرامة تجاه الصحافيين، يجعل عملهم اليومي أكثر صعوبة وخطورة"، مشيراً إلى "قانون مكافحة الإرهاب" الذي أصدرته مؤخراً الحكومة المصرية. معتبراً أنه "أداة لقمع المعارضة وفرض قيود على الصحافة، إذ إنه ينص على غرامات باهظة، تصل إلى نحو 64 ألف دولار "لمن ينشر معلومات كاذبة" أو ينشر أخباراً تتناقض مع الروايات الحكومية في حالة وقوع "هجمات إرهابية". وأوضح: "بسبب القانون، لم يعد من الممكن للصحافيين الاعتماد على ما يشاهدونه أو المعلومات التي يحصلون عليها من المصادر في كتابة أي تقرير يتعلق بهجمات المسلحين، ويجب عليهم الانتظار لحين الإعلان عن الموقف الحكومي، إذا أعلن"، مشيراً إلى أن هذه التغييرات تجعل من الصعب بشكل خاص تغطية الأحداث في منطقة شمال سيناء المضطربة، التي أصبحت الآن منطقة عسكرية مغلقة".
اقــرأ أيضاً
كما سلطت معاناة الصحافية الهولندية رينا نيتجيس والصحافي الإسباني ريكارد غونزاليس اللذين هربا من مصر في العام 2014، الضوء على الواقع الذي يعيشه الصحافيون الأجانب والمصريون على حد سواء في مصر.
وتقول نيتجيس في روايتها التي نقلتها وسائل الاعلام مؤخراً إنها "واجهت اتهامات بالإرهاب لمجرد الوقوف نصف ساعة مع الصحافي محمد فهمي الذي عمل بقناة الجزيرة الإنكليزية".
وتضيف رينا "كانت اتهامات غير معقولة، وعندما علمت أني على قائمة الإرهاب لجأت إلى سفارة بلادي في القاهرة، واتصلت الحكومة المصرية بالسفارة وسألت عني من خلال صورة جواز السفر الخاص بي، لأنهم لم يكونوا يعلمون عني شيئاً".
ولا تزال الصحافية الهولندية، التي عملت مراسلة من القاهرة لجريدة هولندية وأخرى بلجيكية، تواجه اتهامات بالإرهاب، وتضع الحكومة المصرية اسمها ضمن ما بات يعرف إعلامياً بـ"خلية الماريوت". وعن رؤيتها لأوضاع المراسلين الأجانب في مصر، تقول إن بعض المراسلين الأجانب يعتبرون أن مصر أخطر من سورية، لأن الخطر يمكن أن يأتي من أي مكان، مضيفة: "لا أريد أن أعود للعمل في مصر مرة أخرى. كنت أحبها ولكن هل يكون هذا هو رد مصر علي؟".
وسبق أن كشف الصحافي الإسباني ريكارد غونزاليس، في مقابلة مع "الجزيرة"، عن تلقيه نصائح من الحكومة الإسبانية بمغادرة مصر "لأنني على وشك الاعتقال والحبس". وأضاف "هناك "شيطنة" للمراسلين الأجانب في الإعلام المصري، ومن قبل بعض مسؤولي الحكومة الذين يعتبرون كل الصحافيين الأجانب جواسيس ضد مصر، ويدعمون الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية". وأضاف أن الحكومة المصرية "تريدنا أن نكون خائفين منها ونعرف أنهم يراقبوننا"، مؤكداً أنه لا يرى أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر منظمة إرهابية، قائلاً إنها ليست مدرجة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في أوروبا.
واعتبر أن حالة العداء بين الإخوان والنظام في مصر لا تعني أن الإخوان يمارسون العنف والإرهاب، ولا يوجد دليل على أن هناك أمراً من قيادة الإخوان لاستخدام العنف. وكشف غونزاليس أن هناك العديد من المراسلين الأجانب غادروا مصر لصعوبة العمل فيها، وبسبب ضغوط تعرضوا لها "والتي تكون أحياناً بشكل غير مباشر".
وقال إن وضع الصحافيين المصريين أصعب بكثير من المراسلين الأجانب، خاصة الصحافيين الذين لا يؤيدون الحكومة والنظام. وأشار إلى أن وضع الصحافيين الأجانب كان أفضل أيام الرئيس محمد مرسي وعقب الثورة، وكانت الضغوط أقل على الصحافيين المصريين، مدللاً على ذلك بالإعلامي الساخر باسم يوسف الذي كان ينتقد مرسي بشكل كبير، وبعد 3 يوليو لم يقدم سوى حلقتين فقط.
انتهاكات متواصلة
وأصدرت منظمة "حرية الفكر والتعبير" تقريراً عن "أوضاع الصحافيين والمراسلين الأجانب في مصر في الفترة من 25 يناير حتى أكتوبر 2014"، رصد التحديات التي تواجه الصحافيين في مصر، والتي وصفها التقرير بـ"غير مسبوقة، في ظل انتشار خطاب معادٍ لحرية الصحافة والإعلام، تدعمه توجهات إدارات وسائل الإعلام لتأييد سياسات الدولة في إجراءات مكافحة الإرهاب، وهو ما ينعكس على رسم صورة نمطية في غاية السلبية عن دور الإعلام الأجنبي في مصر باعتباره إعلاماً منحازاً معادياً لتوجهات الدولة ولمصالح أمنها القومي".
ورصد التقرير تعرض الصحافيين الأجانب لـ184 انتهاكاً، وفق شهادات المراسلين الأجانب أنفسهم. وتنوعت الانتهاكات بين اعتداءات بدنية وجنسية، وحوادث قتل، ومصادرة لمعدات صحافية ومتعلقات شخصية بالصحافيين، ومداهمة مقار سكن الصحافيين ومنعهم من أداء عملهم.
وفي إبريل/ نيسان الماضي، أصدرت منظمة "مراسلون بلا حدود" تصنيفها السنوي لحرية الصحافة في العالم، والذي صنف مصر في الترتيب 159 من أصل 178 دولة، لتتراجع مرتبة واحدة عن العام الماضي، ما شكل تراجعاً كبيراً في حرية الصحافة عن وقت رئاسة الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث كانت مصر في المرتبة 127.
بينما تقدر مؤسسات حقوقية أخرى عدد الصحافيين المصريين المعتقلين بأكثر من 100 صحافي، بجانب عشرات المفصولين من العمل والمطاردين.
وقالت الإذاعة الأميركية: "منذ أكثر من 5 سنوات، بدأت فاضل إرسال تقاريرها من القاهرة، ومرت بتحولات من لحظات التفاؤل التي كانت سائدة عند وصولها، مروراً بالمذبحة (فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة) التي مزقت المجتمع المصري".
وكتبت فاضل عبر حسابها على تويتر قبل 5 أيام: "أغادر القاهرة بعد أن مكثت هنا حوالى 6 سنوات، قطعت تذكرة ذهاب بلا عودة، سأفتقدكم". وأوضحت، خلال حوار مع الإذاعة الأميركية، "مساحة حرية التعبير كانت كبيرة قبل 4 سنوات"، مضيفة "الناس كانوا قادرين على التفوه بأمور تتجاوز كثيراً الموضوعات المعتادة لكن الأمور تغيرت الآن بشكل كبير، حرية التعبير التي كانت مزدهرة تختلف جداً عما يحدث حالياً حيث أصبحت خائفة من الخروج بميكروفوني في شوارع القاهرة".
ووصفت فاضل الحكومة المصرية بأنها مصابة بجنون العظمة، قائلةً "حكومة ودولة تبدو مصابة بقدر هائل من جنون العظمة، ولا يمكن التنبؤ بما يمكن أن تفعله"، مشيرة إلى "اضطرارها للهرب تحت صوت السلاح".
وقبل نحو عام، قال مراسل قناة "بي بي سي" البريطانية في القاهرة وائل حسين في أحد تقاريره: "مهمة الصحافيين في مصر محفوفة بالمخاطر على نحو متزايد".
وقال حسين إن "هناك تشريعاً جديداً ونهجاً أكثر صرامة تجاه الصحافيين، يجعل عملهم اليومي أكثر صعوبة وخطورة"، مشيراً إلى "قانون مكافحة الإرهاب" الذي أصدرته مؤخراً الحكومة المصرية. معتبراً أنه "أداة لقمع المعارضة وفرض قيود على الصحافة، إذ إنه ينص على غرامات باهظة، تصل إلى نحو 64 ألف دولار "لمن ينشر معلومات كاذبة" أو ينشر أخباراً تتناقض مع الروايات الحكومية في حالة وقوع "هجمات إرهابية". وأوضح: "بسبب القانون، لم يعد من الممكن للصحافيين الاعتماد على ما يشاهدونه أو المعلومات التي يحصلون عليها من المصادر في كتابة أي تقرير يتعلق بهجمات المسلحين، ويجب عليهم الانتظار لحين الإعلان عن الموقف الحكومي، إذا أعلن"، مشيراً إلى أن هذه التغييرات تجعل من الصعب بشكل خاص تغطية الأحداث في منطقة شمال سيناء المضطربة، التي أصبحت الآن منطقة عسكرية مغلقة".
كما سلطت معاناة الصحافية الهولندية رينا نيتجيس والصحافي الإسباني ريكارد غونزاليس اللذين هربا من مصر في العام 2014، الضوء على الواقع الذي يعيشه الصحافيون الأجانب والمصريون على حد سواء في مصر.
وتقول نيتجيس في روايتها التي نقلتها وسائل الاعلام مؤخراً إنها "واجهت اتهامات بالإرهاب لمجرد الوقوف نصف ساعة مع الصحافي محمد فهمي الذي عمل بقناة الجزيرة الإنكليزية".
وتضيف رينا "كانت اتهامات غير معقولة، وعندما علمت أني على قائمة الإرهاب لجأت إلى سفارة بلادي في القاهرة، واتصلت الحكومة المصرية بالسفارة وسألت عني من خلال صورة جواز السفر الخاص بي، لأنهم لم يكونوا يعلمون عني شيئاً".
ولا تزال الصحافية الهولندية، التي عملت مراسلة من القاهرة لجريدة هولندية وأخرى بلجيكية، تواجه اتهامات بالإرهاب، وتضع الحكومة المصرية اسمها ضمن ما بات يعرف إعلامياً بـ"خلية الماريوت". وعن رؤيتها لأوضاع المراسلين الأجانب في مصر، تقول إن بعض المراسلين الأجانب يعتبرون أن مصر أخطر من سورية، لأن الخطر يمكن أن يأتي من أي مكان، مضيفة: "لا أريد أن أعود للعمل في مصر مرة أخرى. كنت أحبها ولكن هل يكون هذا هو رد مصر علي؟".
وسبق أن كشف الصحافي الإسباني ريكارد غونزاليس، في مقابلة مع "الجزيرة"، عن تلقيه نصائح من الحكومة الإسبانية بمغادرة مصر "لأنني على وشك الاعتقال والحبس". وأضاف "هناك "شيطنة" للمراسلين الأجانب في الإعلام المصري، ومن قبل بعض مسؤولي الحكومة الذين يعتبرون كل الصحافيين الأجانب جواسيس ضد مصر، ويدعمون الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية". وأضاف أن الحكومة المصرية "تريدنا أن نكون خائفين منها ونعرف أنهم يراقبوننا"، مؤكداً أنه لا يرى أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر منظمة إرهابية، قائلاً إنها ليست مدرجة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية في أوروبا.
واعتبر أن حالة العداء بين الإخوان والنظام في مصر لا تعني أن الإخوان يمارسون العنف والإرهاب، ولا يوجد دليل على أن هناك أمراً من قيادة الإخوان لاستخدام العنف. وكشف غونزاليس أن هناك العديد من المراسلين الأجانب غادروا مصر لصعوبة العمل فيها، وبسبب ضغوط تعرضوا لها "والتي تكون أحياناً بشكل غير مباشر".
وقال إن وضع الصحافيين المصريين أصعب بكثير من المراسلين الأجانب، خاصة الصحافيين الذين لا يؤيدون الحكومة والنظام. وأشار إلى أن وضع الصحافيين الأجانب كان أفضل أيام الرئيس محمد مرسي وعقب الثورة، وكانت الضغوط أقل على الصحافيين المصريين، مدللاً على ذلك بالإعلامي الساخر باسم يوسف الذي كان ينتقد مرسي بشكل كبير، وبعد 3 يوليو لم يقدم سوى حلقتين فقط.
انتهاكات متواصلة
وأصدرت منظمة "حرية الفكر والتعبير" تقريراً عن "أوضاع الصحافيين والمراسلين الأجانب في مصر في الفترة من 25 يناير حتى أكتوبر 2014"، رصد التحديات التي تواجه الصحافيين في مصر، والتي وصفها التقرير بـ"غير مسبوقة، في ظل انتشار خطاب معادٍ لحرية الصحافة والإعلام، تدعمه توجهات إدارات وسائل الإعلام لتأييد سياسات الدولة في إجراءات مكافحة الإرهاب، وهو ما ينعكس على رسم صورة نمطية في غاية السلبية عن دور الإعلام الأجنبي في مصر باعتباره إعلاماً منحازاً معادياً لتوجهات الدولة ولمصالح أمنها القومي".
ورصد التقرير تعرض الصحافيين الأجانب لـ184 انتهاكاً، وفق شهادات المراسلين الأجانب أنفسهم. وتنوعت الانتهاكات بين اعتداءات بدنية وجنسية، وحوادث قتل، ومصادرة لمعدات صحافية ومتعلقات شخصية بالصحافيين، ومداهمة مقار سكن الصحافيين ومنعهم من أداء عملهم.
وفي إبريل/ نيسان الماضي، أصدرت منظمة "مراسلون بلا حدود" تصنيفها السنوي لحرية الصحافة في العالم، والذي صنف مصر في الترتيب 159 من أصل 178 دولة، لتتراجع مرتبة واحدة عن العام الماضي، ما شكل تراجعاً كبيراً في حرية الصحافة عن وقت رئاسة الرئيس المخلوع حسني مبارك، حيث كانت مصر في المرتبة 127.
بينما تقدر مؤسسات حقوقية أخرى عدد الصحافيين المصريين المعتقلين بأكثر من 100 صحافي، بجانب عشرات المفصولين من العمل والمطاردين.
في نفس السياق، تأتي واحدة من أكثر القصص دلالة في مشهد هروب الصحافيين الأجانب من مصر، في فترة مابعد الانقلاب العسكري، وحتى الآن، فقد سافر، مدير مكتب وكالة رويترز في مصر، مايكل جورجي، نهاية شهر أبريل/ نيسان، الماضي، خوفاً من الملاحقات الأمنية المصرية، وذلك في أعقاب نشره خبر احتجاز الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في قسم الأزبكية، وبعد أن قدمت وزارة الداخلية المصرية، بلاغاً ضده، وأصدرت بياناً رسمياً بذلك، وفي هذا التوقيت، نشر موقع اليوم السابع، المقرب للأجهزة الأمنية، ومواقع أخرى مماثلة، خبراً غير صحيح، يفيد بهروب مايكل، فردت الوكالة بالنفي، وبنفي ما أشيع عن توجيه اللوم له، بسبب ما زعمته المواقع المحسوبة على الأجهزة الأمنية، من أنه تم توجيه اللوم له من جهة عمله، لأن خبر ريجيني غير صحيح.
مايكل ذو الأصول المصرية، عاش سنوات طويلة من عمره في مصر، وقد صارح المقربين من أصدقائه، عقب نشره لخبر احتجاز ريجيني، بأنه يخشى قيام أجهزة الأمن، باعتقاله، وهو الآن مستقر في لندن