الصحافة الساخرة في فرنسا تعاني أزمة وجودية

18 نوفمبر 2014
يكاد القارئ الفرنسي يبتعد عن الفكاهة في ظل الأزمات
+ الخط -
تعيش الصحافة الساخرة في فرنسا هذه الأيام أزمة اقتصادية تهدد وُجود كثير من العناوين في سوق الصحافة. والحقيقة أنّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها فرنسا، هذه الأيام، تلعب دوراً ما في هذا الركود الصحفي.
فمعنويات الفرنسيين ليست على ما يرام، وجيوبهم أيضاً. إضافةً إلى الدور المنافس للشبكة، حيث أصبح بالإمكان البحث عن وسائل أخرى للترفيه والسخرية، مجانية، أو أقل أسعاراً، ولا تؤثر كثيراً على القدرة الشرائية للمواطن. هذا بالإضافة إلى أنً ميل الفرنسيين للصحافة الفكاهية في زمن الأزمات غالباً ما يُصابُ بمقتل.

واضطرت أسبوعيّة "شارلي إيبدو" إلى توجيه نداء عاجل إلى المواطنين الفرنسيين طلباً للدعم المادي، وقدرت ما تتمنى جنيه بـ 1 مليون يورو. وأعلنت أنّها، لحد الساعة، استطاعت جني 30 ألف يورو، و نجحت في تحقيق 200 اشتراك جديد.
"شارلي في خطر"، كان هذا عنوان ندائها ليوم 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، معتبرةً أن صميم عملها هو "جهاد سلمي".
وأضاف النداء، معدداً أسباب الأزمة التي تعصف بالصحيفة: "كُلّما كانت مبيعاتنا أقلّ، كلما كان ثمن الطباعة أكثر تكلفة، ونكون، حينها، مضطرين لزيادة ثمن الصحيفة. الأزمة الأخرى، هي الأزمة الاقتصادية العجوز، التي تجفّف البيوت، والتي تنضاف إلى أزمة الصحافة، ذاتها".

وتعتبر "شارلي إيبدو" في المشهد الصحافي الفرنسي من أكثر الصحافة تحامُلاً على الإسلام، والتي يرى فيها الكثير من الباحثين والمتتبعين، عاملاً مُشجّعاً على الإسلاموفوبيا، خصوصا بعد إعادة نشرها للصور الكاريكاتورية عن النبي(ص)... إضافةً إلى موقفها من الحجاب في فرنسا، وإصدارها قبل سنوات كتاباً مستفزاً عن الرسول(ص) وفي يده سيف.
وقد تسبّبت مقالاتها في احتقان شديد لدى المسلمين، خصوصاً حين شُوهدت الطبقة السياسية الفرنسية (من ساركوزي إلى فالس) تتدافع إلى المحاكم وإلى مقرّ الصحيفة من أجل تأييد موقف الصحيفة من نشر الرسوم الكاريكاتورية، باسم حرية التعبير في فرنسا. 

ولم تستثنِ الأزمة الطاحنة صُحفاً فكاهية ساخرة أخرى... فها هي "سيني" الشهرية، تعاني من نفس الركود، ونفس الأزمات. وانتقلت من الصدور الأسبوعي إلى الصدور الشهري: "سيني الشهرية".  
والطريف في الأمر أنّها أيضاً وجّهت في نفس التاريخ، 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، نداء "ساندونا!" إلى قرائها ومشجعيها، تُذكِّرُهُم بأنها تعيش بفضل قرائها.
وقالت الصحيفة في النداء: "في السنة الماضية، في نفس الحقبة، صرخنا طلباً للمساعدة وأنقذتمونا بفضل مساعداتكم. وها نحن نعيد الكرة. وإذا لم يحدث شيءٌ ما فإن هذا العدد سيكون ما قبل الأخير. سندنا الوحيد هو أنتم".
وصحيفة "سيني إبيدو" تأسست في شهر أيلول/سبتمبر سنة 2008 بعد أن طُرِدَ الرسام والصحافي سيني، مؤسسها، من صحيفة "شارلي إيبدو"، التي تأسست في السبعينيات من القرن الماضي، بعد أن جاءت على أنقاض صحيفة ساخرة أخرى هي "هارا كيري"، التي أسسها الراحل فرانسوا كافانا بمعية البروفيسور شورون سنة 1960.
وتتميز صحيفة "سيني الشهرية" بخطّها السياسي المعادي للغطرسة الصهيونية وللاستيطان، وبمقالاتها اللاذعة ضد دولة الاحتلال التي يوقعها الإعلامي ميخايل شارشفكسي.  
المساهمون