الصدمة التي سرت في أوساط دور النشر والصحف والإذاعات، بمن فيها المستقلة وتلك المعروف عنها دفاعها الشرس عن حرية الرأي والتعبير والطباعة، كانت قد ألزمت الجميع بقرار حظر التوزيع ومنع النشر أو تداول محتويات الكتاب "سبع سنوات في خدمة جهاز الاستخبارات"، ولم تجرؤ على فعل الكثير طيلة ساعات نهار ومساء السبت.
صحيفة "بوليتيكن" الأوسع انتشارًا في البلد أخذت قرارها بإصدار ملحق خاص اليوم الأحد يحتوي على مواد الكتاب، ما عكس الصدمة نحو الجهاز الأمني ووزير العدل سورن بيند، الذي وقف خلف قرار المنع.
عمليا هذا الكسر الذي أقدمت عليه الصحيفة اليومية (وخصوصًا في عطلة نهاية الأسبوع، حيث تكثر قراءة الصحف) شكّل ضربةً موجعة لجهاز الاستخبارات الدنماركي صاحب النفوذ القوي في يوميات البلد. اضطر الجهاز أمام التحدي الصحافي إلى الاستسلام بإصدار بيان قبل ظهر اليوم الأحد بالتوقيت المحلي يقول فيه "لم يعد ممكنا عمليا إلزام أحد بقرار الحظر".
وذهب الجهاز إلى الاعتراف بتأثير الصحافة القوي في تحدي القرار بالقول: "لقد لاحظ الجهاز أن (صحيفة) بوليتيكن اختارت نشر الكتاب "سبع سنوات في خدمة الجهاز"، وبهذا لم يعد من الممكن الحفاظ على الأمر الزجري المانع للنشر". ولكي لا يبدو الجهاز الأمني وكأنه قد انهزم أمام الصحافة راح يؤكد في بيانه: "لم نكن في بي أي تي (جهاز الاستخبارات الدنماركي) نرغب بمنع نشر وتداول الكتاب، لقد كان هدفنا أن نتأكد بأنه لا يحتوي معلومات سرية تضر بعملياتنا وعلاقاتنا بشركاء نتعاون معهم وأن نضع حياة أشخاص في خطر".
وكان مؤلف الكتاب، مورتن سكيولدإيه، رفض رفضًا كاملاً إطلاع الاستخبارات على ما احتوته صفحات كتابه المؤلف بناء على حوارات مع رئيس الجهاز السابق، إلى قبل 3 سنوات، ياكوب شارف. وتذرع الجهاز بأن شارف قام بكسر واجب التزام الصمت بعد ترك منصبه، وهو أمر رفضه المؤلف وشارف.
رابطة الصحافيين الدنماركيين أصدرت بياناً تؤكد فيه دعمها المطلق لصحيفة "بوليتيكن" في اختيارها نشر الكتاب. وذكر نقيب الصحافيين لارس فيرغا أنه "ليس جهاز الاستخبارات من يجب أن يقرر وبدون قراءة الكتاب بأنه يجب نشره أو عدم نشره. المسؤولية الكاملة في النشر تقع على عاتق صحيفة بوليتيكن ودار النشر، ليس للسلطة الأمنية، ولا اية سلطات أخرى الحق في التدخل في هذه المسائل. فمنذ البداية كان خطأ فادح قد ارتكبه الجهاز بمنع النشر".