الصحافة الإسرائيلية: "أبو مازن وقع في الفخ"

17 مارس 2014
عباس امام مهمة صعبة في واشنطن (ارييل سينائي)
+ الخط -

لم تعوِل الصحافة الإسرائيلية الصادرة يوم الإثنين، كثيراً على لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره الأميركي باراك أوباما في واشنطن، رغم أن الأخير ذكر أنه سيطالب عباس باتخاذ قرارات مصيرية.

واختار الصحافي المخضرم والمعلق السياسي في "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنيع لتعليقه اليوم عنوان: "أبو مازن يقع في الفخ"، وزاد في العنوان الداخلي عنواناً يقول فيه "ملابس أبو مازن الجديدة"، ليذهب إلى القول إنه وفقاً للمثل القديم، فإنه يوجد في كل رهان طرفان؛ الأول نصاب والثاني غبي. وفي حالة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني فإن الأخبار السارة التي يمكن نقلها هي أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ليس بالطرف الغبي في هذه المعادلة.

وبحسب برنيع، فإن أبو مازن سيمثل أمام أوباما البيت الأبيض لتلخيص تسعة أشهر من المفاوضات. لكن تلخيصها سيء ويبعث على اليأس؛ اذ لا يوجد حالياً اتفاق إطار ولا إطار للاتفاق. ويضيف أن "الأمر الوحيد الذي يمكن أن يعزينا هو استعداد الطرفين مواصلة المفاوضات. وقد يكون تنازل صغير هنا وآخر هناك، لكن المهم هو عدم الوقوع في الهاوية. هذا كل ما حققه كيري خلال تسعة أشهر من العمل الدؤوب".

ويصف برنيع هذه الفترة بأنها كانت فترة حمل، رافقه انتفاخ في البطن وتقيوء، وآلام مخاض، غير أن الوالدين كانا يعلمان أنه حمل كاذب. وهو يرى أن المرحلة القادمة ستكون موزعة على وجهين؛ الوجه الأول، توزيع الاتهامات، والثاني المحافظة على المفاوضات، بشكل متواز. وبموجب هذه اللعبة سيهدد أبو مازن باللجوء للأمم المتحدة، وعندها سيتصدع الإطار القانوني المتوفر حالياً للاحتلال، وستتضرر إسرائيل. وسيطلب وزير الخارجية الأميركي جون كيري من عباس الانتظار، وبموازاة ذلك سيطالب نتنياهو بالتنازل، وسيقول الأخير إن اليمين يضغط عليه وإنه يواجه صعوبات، لكنه سيكسب في غضون ذلك مزيداً من الوقت.

ومع أن برنيع يشير إلى أن لب المشكلة هو الاستجابة لمطلب نتنياهو بالاعتراف بيهودية إسرائيل، إلا أنه يعيد للأذهان أن هذا المطلب كان من بنات أفكار الوزيرة تسيبي ليفني خلال عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل ارئيل شارون، كخطوة ترافق التوقيع على الاتفاق الدائم. وإذا كان شارون أهمل الفكرة لإيمانه بالخطوات الأحادية الجانب، "فإن نتنياهو، الذي ذكرنا أنه ليس غبياً، التقطها بعدما أدرك مخزونها وحولها إلى مطلب وشرط مسبق وليس كخطوة أخيرة، ولاحقاً إلى خط أحمر".

وبحسب برنيع، فقد وقع أبو مازن في الفخ، وبدلاً من أن يقول إن "الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، معلمي وزعيمي اعترف ووافق وأنا أسير على خطاه"، فقد سلك سلوك زعماء الشرق الأوسط، وقال "لا" في البداية فسقط في الفخ. وفيما تبنى اليمين الإسرائيلي بلهفة مطلب نتنياهو، تبنى اليمين في الطرف الفلسطيني الرفض بدرجة كبيرة. وخلص الى أنه "كانت هذه ملابس أبو مازن الجديدة، لذلك لم يكن مفاجأ أن يصل إلى واشنطن عارياً".

في المقابل أبرزت صحيفة "هآرتس" تحليلا لمراسلها السياسي، براك رابيد، الذي اعتبر أن مبادرة السلام الأميركية التي انطلقت قبل ثمانية أشهر، بدأت تحتضر، وأن هناك فجوات أساسية وكبيرة ومطالب علنية هدفها بالأساس التشدد في المواقف وزيادة عدم الثقة بين الجانبين، مما يؤدي إلى الحاجة لـ "معجزة طبية" لإنقاذ هذا المريض (العملية السلمية).

ويرى رابيد أن لقاء عباس _ أوباما لن يخرج بنتائج جديدة؛ فعباس يصل إلى واشنطن بهدف رفض المقترحات الأميركية، بعدما أقنعه مستشاروه أن بمقدوره هو الآخر أن يقول لا، على الرغم من أنه بذل طيلة العام الماضي جهوداً لمنع الشرخ مع الولايات المتحدة. وفقط بعد انتهاء اللقاء في واشنطن بين عباس وأوباما، ستدرك واشنطن شيئا فشيئا أنه لا يمكن التوصل لاتفاق إطار، وعندها سيكون أمام الأميركيين 11 يوماً لبلورة خطة بديلة. وإذا لم يتم بلورة هذه الخطة لغاية الـ 28 من الشهر الجاري، فستمتنع إسرائيل عن تطبيق الدفعة الرابعة من الإفراج عن أسرى ما قبل أوسلو. وستكون المسافة قصيرة للغاية بين تلك النقطة وبين انهيار العملية كلها، بحسب رابيد.

ويعتبر رابيد أن هذا سيضع أمام الجميع خيارين لا ثالث لهما؛ إما أن ينتزع الأميركيون من عباس التزاماً بعدم التوجه للأمم المتحدة، مقابل تعهد من نتنياهو بإطلاق سراح المزيد من الأسرى، وتجميد البناء في المستوطنات، مع تمديد المفاوضات من دون اتفاق إطار. ستقود هذه الخطوة إلى دحرجة "العلبة" إلى آخر الشارع وتأجيل الأزمة لتسعة أشهر مقبلة ولا شيء غير ذلك.

أما الخيار الآخر فهو أن يقدم الأميركيون عرضاً شاملًا تحت باب "الكل أو لا شيء"، وهو ما قد يحقق انطلاقة جديدة، لكنه يحوي في طياته أيضا خطر رفض الطرفين للخطة كلياً، وعندها لن يكون أمام إدارة أوباما سوى التسليم بالفشل ورفع يديها عن العملية السلمية. ويخلص رابيد إلى القول إنه عندما يبدأ البيت الأبيض ببلورة الخطة البديلة عليه أن يأخذ بالحسبان أن نتنياهو وعباس لا يرغبان عملياً بانهيار العملية السلمية، ولا بتحمل مسؤولية الفشل، بل يريدان الحفاظ على الوضع القائم، وبالتالي على الأميركيين أن يوضحا للطرفين، وخصوصا لعباس تبِعات الفشل على علاقاتهما مع الولايات المتحدة.

المساهمون