الشيوخ المصري: مجلس صوري للترضيات

13 يوليو 2019
بهاء أبو شقة يحظى بثقة السيسي (فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر برلمانية مصرية مطلعة أنّ رئيس حزب الوفد، بهاء الدين أبو شقة، الذي يشغل رئاسة اللجنة التشريعية في مجلس النواب، هو الأقرب لتولي رئاسة مجلس الشيوخ، الصورة المكررة من مجلس الشورى الذي ألغاه دستور عام 2014، وأعيد إلى الحياة مجدداً من دون صلاحيات تشريعية أو رقابية، بموجب التعديلات الدستورية الأخيرة.
وقالت المصادر، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ أبو شقة يحظى بثقة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي عينه في مجلس النواب، نظراً لخبرته القانونية التي تمتد لسنوات طويلة. كما أنّ نجله، محمد أبو شقة، هو أحد المحسوبين على الدائرة المقربة للرئيس الحالي، ويشغل منصب مستشاره القانوني بشكل غير مُعلن.

في موازاة ذلك، لا تزال مسألة البحث عن ترضية مناسبة لوزير الدفاع السابق صدقي صبحي، محلّ مشاورات متواصلة داخل مؤسسة الرئاسة، في ظلّ الإعلان الوشيك عن عدد من النواب لرئيس الجمهورية، في أعقاب التعديلات الدستورية الأخيرة التي تم إقرارها في استفتاء شعبي مثير للجدل. وبحسب مصادر مقربة من دوائر صناعة القرار المصري، فإنّ بعض الآراء داخل مؤسسة الرئاسة تحاول طرح اسم صبحي الذي يشغل في الوقت الراهن منصب مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية، والذي يعدّ بمثابة منصب شرفي، إلى مقعد رئيس مجلس الشيوخ عقب الانتهاء من إجراء الانتخابات الخاصة به.
وقالت المصادر إنّ هذه الآراء تعمل على إقناع السيسي بأنّ "الاستقرار على اختيار صبحي لمنصب رئيس مجلس الشيوخ، سيكون ترضية مناسبة له، على اعتبار أن هذا المجلس سيكون الغرفة التشريعية الثانية، وفي الوقت نفسه هو منصب لن يمثّل أي قلق للنظام الحالي بحكم طبيعة الرجل بالمؤسسة العسكرية". وبحسب المصادر، فإنه "بعد ذلك، سيكون من السهل اختيار شخصية مثل مساعد رئيس الجمهورية لشؤون المشروعات القومية، رئيس الوزراء السابق شريف إسماعيل، نائباً للرئيس ضمن مجموعة من النواب سيتم الإعلان عن أسمائهم قريباً".
وكانت مصادر سياسية مصرية قد استبعدت في حديث سابق مع "العربي الجديد"، اختيار صدقي صبحي لمنصب نائب الرئيس، في أعقاب تسريبات روّجت لاسمه في هذا المنصب. وأكدت المصادر وقتها أنّ "اختيار وزير الدفاع السابق وشريك السيسي في انقلاب الثالث من يوليو/ تموز 2013، أمر مستحيل، وذلك لإدراك الأخير أنّ أي رجل يأتي من قيادة الجيش، يمثّل خطورة حقيقية عليه". في هذه الأثناء، كشفت المصادر أنّ أجهزة رقابية قدمت تقارير بشأن عدد من الشخصيات "غير المثيرة للجدل"، التي لا يشكل اختيار أيٍّ منها لمنصب نائب الرئيس أي قلق على المستوى السياسي، وفي مقدمة تلك الأسماء شريف إسماعيل، نظراً لانعدام أي طموح سياسي بالنسبة له، إضافة إلى حالته الصحية المتردية، نتيجة معاناته في فترة سابقة من مرض السرطان، وذلك إضافة لاختيار سيدة وشخصية قبطية.

في غضون ذلك، أوضحت المصادر البرلمانية أنّ انتخابات مجلس الشيوخ ستجرى في عام 2020 من خلال نظام الانتخاب المختلط، كمجلس النواب، بواقع 75 في المائة للقوائم المغلقة المطلقة، التي يفوز جميع أعضائها في حالة حصول القائمة على 50 في المائة + 1 من الأصوات، و25 في المائة للنظام الفردي، وهو ما يُنذر باتساع الرقعة الجغرافية للدوائر بشكل غير مسبوق.
وأفادت المصادر بأنّ السيسي يملك تعيين 60 عضواً على الأقل من أصل 180 في مجلس الشيوخ، بما يُعادل ثلث عدد أعضائه، موضحةً أن هذه التعيينات ستكون بمثابة ترضيات لفئات بعينها، من دون التركيز على مسألة الكفاءة القانونية، وستشمل على الأرجح غالبية رؤساء الأحزاب الموالية للنظام، مثلما كان يحدث بعهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وأوضحت المصادر أنّ "الترضيات" ستشمل رؤساء المجالس القومية للمرأة، وللأمومة والطفولة، ولشؤون الإعاقة، ولحقوق الإنسان، ورؤساء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، وجامعات القاهرة والإسكندرية وعين شمس وحلوان، فضلاً عن بعض القانونيين الموالين، مثل أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة صلاح فوزي، وأستاذ القانون الدولي بجامعة بني سويف أحمد رفعت.

وتابعت أنّ التعيينات ستشمل عدداً من العسكريين والشرطيين السابقين، مثل رئيس هيئة القضاء العسكري السابق، وأقدم أعضاء المجلس الأعلى للشرطة، مستبعدة إمكانية تعيين أسماء بارزة في مجلس الشيوخ، على غرار رئيس الأركان السابق محمود حجازي، أو رئيس المحكمة الدستورية السابق عدلي منصور، أو رئيس لجنة الخمسين لإعداد الدستور عمرو موسى.
ووفقاً للمصادر، فإنه يوجد اتجاه لدى مؤسسة الرئاسة لترضية بعض أعضاء برنامج الشباب الرئاسي، لتهدئة حالة الغضب التي انتابت أعداداً كبيرة من المنتسبين للدفعتين الأخيرتين، نتيجة عدم تعيين معظمهم في وزارات وجهات حكومية، كما حدث مع عدد من أبناء القيادات العسكرية المنتسبين للبرنامج في الدفعات نفسها.
ويسعى النظام الحاكم لاحتواء احتجاجات الشباب المنضمين للبرنامج، وبعضهم من أبناء شخصيات حكومية وسياسية وقضاة، من خلال الدفع بعدد منهم في انتخابات مجلس النواب، وتعيين البعض الآخر في مجلس الشيوخ، خصوصاً أن التعديلات الدستورية خفضت سن عضوية المجلس في المداولة الأخيرة لها من 40 إلى 35 عاماً.
وأشارت المصادر إلى أنّ الحكومة تعكف حالياً على إدخال تعديلات تشريعية على قانون مباشرة الحقوق السياسية، وإعداد مشروع قانون جديد بشأن تشكيل مجلس الشيوخ، وآخر لتقسيم الدوائر الانتخابية الخاصة به، لتقديمها إلى مجلس النواب مع بداية دور الانعقاد المقبل في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وهو دور الانعقاد الأخير للبرلمان الحالي.
وتوقّعت المصادر إجراء انتخابات مجلس الشيوخ بالتزامن مع انتخابات مجلس النواب في منتصف العام المقبل، بحيث يصوّت الناخب على اختيار أعضاء المجلسين معاً، ترشيداً للنفقات، وضماناً لتجنّب عزوف المواطنين عن الذهاب إلى الصناديق، في حال إجراء انتخابات مجلس الشيوخ بصورة منفردة في بداية العام.
وكانت التعديلات الدستورية قد أضافت باباً جديداً تحت عنوان "مجلس الشيوخ"، يمنح الغرفة البرلمانية الثانية اختصاصات صورية، مثل دراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بتوطيد دعائم الديمقراطية، دعم السلام الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا، دعم الحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطي وتوسيع مجالاته.
ونصّت التعديلات الدستورية على انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ بالاقتراع العام السري المباشر، وتعيين رئيس الجمهورية للثلث الباقي، على أن يُشكل المجلس من عدد من أعضاء لا يقل عن 180، بمدة عضوية تبلغ خمس سنوات من تاريخ أول اجتماع له، وإعادة انتخابه خلال الستين يوماً السابقة على انتهاء مدته.
ويؤخذ رأي مجلس الشيوخ في الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومعاهدات الصلح والتحالف، وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، ومشروعات القوانين المكملة للدستور التي تُحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، من دون أن يكون رأيه ملزماً.
كما يؤخذ رأيه في ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة، أو بسياستها في الشؤون العربية أو الخارجية، على أن يُبلغ "الشيوخ" رأيه في هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب، فيما يعدّ رئيس مجلس الوزراء، ونوابه، والوزراء، وغيرهم من أعضاء الحكومة، غير مسؤولين أمام مجلس الشيوخ.
ونصت المادة 251 من الدستور الجديد على أنه "يشترط في من يترشح لعضوية مجلس الشيوخ أو من يعين فيه أن يكون مصرياً، متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، حاصلاً على مؤهل جامعي أو ما يعادله على الأقل، وألا يقل سنه يوم فتح باب الترشح عن 35 عاماً، ويبين القانون شروط الترشح الأخرى، ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يُراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات، ويجوز الأخذ بالنظام الانتخابي الفردي أو القائمة أو الجمع بأي نسبة بينهما". بينما نصت المادة 252 على أنه "لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الشيوخ ومجلس النواب".

المساهمون