الشيمي: مسؤولية الأهل تهيئة أطفالهم لسنة أولى مدرسة

08 سبتمبر 2016
داليا الشيمي خبيرة في علم نفس الطفل (Getty)
+ الخط -
أطفال يلتحقون بالمدرسة لأول مرة، منهم من هو متشوق للحاق بها فقد أصبح ولداً كبيراً وعليه الذهاب أسوة بأخيه الأكبر، ومنهم من هو حزين، لأنه سيغادر حضن أمه للمرة الأولى.

كل هذا القدر من الساعات، كيف يمكن تأهيل وإعداد أطفال سنة أولى مدرسة، نفسياً وذهنياً وبدنياً كونهم أول مرة يدخلون عالم الدراسة المنتظم، فالانطباعات الأولى تدوم، ومن المهم ألا يكره الطفل المدرسة، بل يجب الحرص على أن يكون انطباعه الأول إيجابياً بما يجعلهم يقبلون عليها بنفس راضية مطمئنة.

وللإجابة عن أسئلتنا في ما يتعلق بالالتحاق بعالم الدراسة لأول مرة، كان هذا الحوار مع الخبيرة في علم نفس الطفل، الدكتورة داليا مصطفى الشيمي، مدير مركز "عين على بكرة" للمساندة النفسية والتنمية الأسرية، للاستشارات والاختبارات والتدريب النفسي والإداري.

- ما هي المعلومات والجوانب النفسية التي يجب أن نعرفها عن الأطفال ممن يلتحقون بالمدرسة لأول مرة؟

هناك بعض المعلومات التي يجب أن نعرفها، وأهمها من الناحية النفسية:

1- التعرف إلى ملامح الطفل "النفسية"، والتي تكونت خلال السنوات الأولى من عمره، إذ تعتبر الأسرة، "النواة" الأولى، التي توضع في صرح بناء "إنسان صحيح" أو "شخص سوي".
2- التعرف إلى عوامل "الدفع" الذاتية لدى الطفل، والتي تحرك طاقته، بل وتساعده على خلق مهارات جديدة، لذا يجب أن نفهم هذه الدوافع حتى تساعدنا في "تعليمه" أو "تأهيله" أو "تدريبه".
3- التعرف إلى مفهوم الطفل عن ذاته، وكيف يرى الطفل ذاتَه، فالطفل الذي يبكي عندما لا يحقق المركز الأول مفهومه عن نفسه أنه "الأول" أو "الأشطر".
4- التعرف إلى الطريقة التي اعتادها من أهله، في الثواب والعقاب، ومدى تفاعله معها.
5- التعرف إلى "مراكز القوة والضعف لديه"، في القدرات العقلية والسمات الشخصية.
6- التعرف إلى الطريقة التي ينفذ بها الطفلُ ما يُطلب منه، هل هي بـ"الحب"، أم بـ"العقاب"، أم بـ"العطاء"، أم بـ"الحرمان".

- وكيف نعالج خوف الطفل من المدرسة؟

خوف الأطفال من المدرسة، يأتي حينما لا نقوم بتهيئة الطفل لها، وعندما يحدث الفصل عن البيت إجباريًا، وفجأة من دون تمهيد، وخصوصا في الحالات التي يلتصق فيها الطفل بأمه، أو حتى جدته التي تقوم بتدليله. ومن بين أسباب ضيق الأطفال من المدرسة في أولى سنواتهم؛ الاستيقاظ مبكراً؛ لأن الطفل يربط بين المدرسة وبين الاستيقاظ المبكر، والبكاء بسبب ذلك.

لذا يجب على الوالدين أن يجهزا طفلهما للالتحاق بسنة أولى مدرسة، من خلال التالي:

1- تجهيز روح الطفل بالحديث عن المدرسة، وعن جمال أن تكون فيها، وما سوف يأخذه معه، وكيف سيحظى بأدوات خاصة، وأصحاب جدد.
2- يجب إلحاقه بالمدرسة تدريجياً؛ من خلال عدد ساعات قليلة بصحبة الأم، ثم تتركه تدريجيًا، حين يعتاد على الأمر.
3- تجهيز الطفل قبلها؛ بتعويده الاستيقاظ مبكراً، حتى ينتظم جهازه الفسيولوجي، وحتى لا يربط بين المدرسة والاستيقاظ السخيف من النوم.
4- الاهتمام بمشاركته في شراء الأدوات الخاصة به، وعمل خصوصية له، وتدريبه على الحفاظ عليها، وكأنها وظيفة جديدة، لها أدوات، مثل وظيفة والده.
5- الاتفاق مع المدرسة على تشجيعه، وعدم إلزامه بأمور شديدة في البداية، حتى يعتاد، على أن يأتي التعليم والالتزام تدريجيًا.
6- اهتمام الأسرة كلها بحكي الطفل عن خبراته كل يوم، وكأن له عالم ينقله إلينا.

- وما هو برأيك دور الأم في دعم أبنائها – تعليميًا- في "سنة أولى مدرسة"؟

لتؤدي الأم الدور المنوط بها، نقول لها:

1- مهمتك الأولى "أم"، فلا تنسيها أثناء المذاكرة لطفلك.
2- لا تحاولي إهانته أثناء التدريس له، وتذكري أن كلمات مثل: أنت غبي.. أنت لا تفهم شيئًا، هي كلمات تؤثر بالسلب عليه، وعلى "مفهومه عن نفسه".
3- أنهي علاقتك به "كمعلمة"، حين ينتهي وقت تدريسك له، ولا تستمري في تذكيره ببعض الأمور السلبية، أثناء جلسته العائلية.
4- لا تقارني ابنك بأخيه أو أحد أقاربه، لأن هذا لا يؤثر على نفسية الطفل فحسب، وإنما على أدائه العقلي.

- كيف تساعد الأسرة أطفالها على "التفكير الإبداعي" منذ نعومة أظفارهم؟

التفكير الإبداعي، أحد الأمور التي يمكن أن نُكسبها للطفل، فليس الإبداع– كما يعتقد البعض– فطرة يولد بها طفلٌ، ولا يولد بها آخر، إنما تأتي نقطة البداية في ظهور التفكير الإبداعي لدى الطفل، من الإحساس بمشكلةٍ ما تحدث حوله، ثم محاولة حلها، بالطرق المعتادة أو المتاح حوله. ثم محاولة إيجاد حلول جديدة لها، إذا لم تعط الحلول المعتادة النتيجة التي يريدها أو يتمناها. 

ويتمثل دور الأسرة في إظهار التفكير الإبداعي لدى الطفل، في "رفع حساسيته للمشكلات"، من خلال:

1- طرح ما يدور حوله من أمور (بطريقة بسيطة تتناسب مع قدراته).
2- توفير قدر معقول من المعلومات التي تُشغل عقله.
3- تقبّل كل ما يقوم بطرحه من أفكار مهما بدت غريبة.
4- تدريبه على فحص البدائل، ومدى قابليتها للتنفيذ، بعد أن ذكر أكبر عدد من الأفكار.
5- تدريبه على المفاضلة بين البدائل على أساس قابليتها للتنفيذ، بأقل تكلفة (جهد - وقت - مال).

- وما هي الأخطاء التي تقع فيها الأسرة، وتؤثر على التكوين الشخصي للطفل، في سنة أولى مدرسة؟

يمكن تلخيص هذه الأخطاء، في النقاط التالية:

1- الاهتمام بالكم على حساب الكيف: فبعض الأسر تهتم بكم المهارات والمهمات، التي يستطيع الطفل القيام بها، خاصة في الجانب الدراسي، مما يخلق لديه نظرة سطحية للأمور، تجعله يهتم بالكم وليس الجودة والكيف.
2- كثيراً ما تقوم بعض الأسر بتصنيف الطفل بكونه: عنيداً أو كسولاً أو شقياً أو غبياً أو ثرثارًا، أو لا يسمع الكلام، أو تنقصه الثقة بذاته ..إلخ، وهو ما يطلق عليه في علم النفس التربوي "الرسائل السلبية"، التي تُوجِه سلوك الطفل، مما يعطي الطفلَ انطباعًا عن نفسه، يدوم مدى الحياة، وما دامت الرسائل تؤثر فيجب علينا أن نمنح أطفالنا رسائل إيجابية، تزيد من ثقتهم في ذواتهم.

3- عدم إشراك الطفل في اتخاذ القرار: لأننا نعتقد أن الطفل دائماً لا يفهم، ولا يعرف، ولا يستطيع، ولا يستوعب، ولا يدرك ..إلخ، على الرغم من أن التربية على اتخاذ القرار هي من الأمور المهمة، وهو ما ينمي لديه الشعور بالمسؤولية، ويربيه على تحمل نتائج القرارات، ويمرنه على التعامل مع الواقع الخارجي، بحيث يكون قائدًا في المستقبل.



المساهمون