صلّى الفتى قصي العمور (17 عاما) صلاة العصر في المنزل، وشرب كأس ماء، ثم ودع أفراد عائلته وغادر. وفي الوقت ذاته كان جنود الاحتلال الإسرائيلي يستفزون شبان بلدة تقوع شرقي بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة، لحظة اقتحامها من الجهة الغربية.
"شهيد بإذن الله" هذا آخر ما قاله الفتى العمور لأفراد عائلته قبل أن يغادر المنزل، ويتوجه إلى منطقة المواجهات للرد على استفزازات الجنود، والذين كانوا يطلقون قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاه المنازل، ما دفع الشبان لمحاولة التصدي لهم.
"رحل المحبوب" يقول خال الشهيد يوسف العمور لـ"العربي الجديد" بصوت يقطعه الحزن على رحيله والغضب الشديد بفعل الجريمة المتعمدة التي ارتكبها جنود الاحتلال الإسرائيلي بحق شاب لا يحمل بيديه سوى الحجارة.
ويضيف "قصي الخلوق كان طالباً في الثانوية العامة في الفرع العلمي. متفوق في دراسته، وكان يستعد لأن يصبح محاسباً، كونه يحب عالم المال والأعمال والأرقام. لكن رصاصات الاحتلال الإسرائيلي الست التي اخترقت جسده حرمته من أحلامه الكبيرة التي كان ينوي تحقيقها ويخبر أفراد عائلته بها".
ويتابع خال الشهيد أنه "كان يحب مدرسته كثيرا، ويستعد لتحقيق النجاح في الثانوية العامة، فهو محب للعلم ويواظب على دروسه، لكنه كأي شاب فلسطيني لا يمكن أن يقلل العلم من حماسه للدفاع عن أرضه وبلدته ولو بالحجر".
يتمتع الشهيد العمور بعلاقة وطيدة مع أفراد عائلته الأحد عشر، وكان محبوباً جداً من أصدقائه وأفراد الحي الذي يعيش فيه. كان يتمتع بسمعة طيبة في بلدته تقوع.
ويخبر الخال عن قُصي المرح الذي "أحب الحياة كثيراً وتمسك بها، إلا أن الاحتلال يحب القتل أكثر من حب الفلسطيني لحياته، لذا لا يوفر فرصة لقتله وحرمانه منها، ما جعل تقوع بأكملها تفتقد اليوم مزاح العمور وحركاته الجميلة، والتي طالما تركت أثرا جميلا بين الناس".
كانت للشهيد هوايات كثيرة منها حبه الكبير لكرة القدم، وكان يحلم بأن يصبح لاعباً مشهوراً، والتحق، بحسب خاله، بفريق البلدة، كما أنه سبق له أن لعب مع فرق قرى وبلدات مجاورة في مدينة الخليل.
يخيم الحزن على جميع أفراد عائلته، خصوصاً أنهم شاهدوا الفيديو المصور لجنود الاحتلال وهم يطلقون النار عليه ويسحبونه مسافة ليست قصيرة باتجاه الآليات العسكرية، من دون أن يسمحوا لمن كانوا في المكان بتقديم المساعدة له أو إسعافه وإنقاذ حياته.
"إعدام وقتل عن سبق الإصرار" يختم يوسف العمور خال الشهيد حديثه لـ "العربي الجديد"، ويدعو العالم إلى محاسبة جنود الاحتلال وقادتهم الذين وثقت الصحافة بالصورة والفيديو جريمة القتل العمد أمام أعينهم.