الشهيد الفلسطيني مشاهرة ذهب لزيارة شقيقتيه ولم يعد

20 ابريل 2017
اتُهم بمحاولة تنفيذ عملية دهس للمستوطنين (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يكن يدري الشاب الفلسطيني صهيب مشاهرة (21 عاما) أن زيارته لشقيقتيه في مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، ستكون الأخيرة له، وأن الشوق الذي كان يعتريه لهما كان ما قبل الوداع الأخير، ولن يتمكن من رؤيتهما بعد ذلك.

توجّه الشاب، عصر أمس الأربعاء، من حي الشيخ سعد الذي يعيش فيه ببلدة السواحرة جنوب شرقي مدينة القدس، إلى بلدة دورا غربي مدينة الخليل لزيارة شقيقتيه اللتين تعيشان هناك، كونه يواظب على زيارتهما وصلة الرحم بشكل دائم.

وعلى مفترق "غوش عتسيون" الاستيطاني، الذي يقيمه الاحتلال ما بين مدينتي بيت لحم والخليل، أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص بشكل مباشر باتجاه مشاهرة الذي كان يقود مركبته هناك، ولفقوا له تهمة محاولة تنفيذ عملية دهس للمستوطنين، ما أدى إلى استشهاده.

يحظى صهيب بمكانة خاصة بين أشقائه، "آخر العنقود"، وفق ما يقول شقيقه مشهور مشاهرة لـ"العربي الجديد"، كان وفيا في تنفيذ وعده لشقيقتيه بزيارتهما، وعادة ما يزورهما ويمكث هناك يوما أو يومين، فعلاقة أفراد العائلة مبنية على الحب، وتبادل الزيارات، وكثرة السؤال عن بعضهم البعض.


يؤكد مشاهرة أن ما فعله الاحتلال هو عملية إعدام مع سبق الإصرار، فمفترق "غوش عتسيون" مفترق خطر ومربك، وأي فلسطيني معرض للموت هناك، كونه يعج بالعشرات من جنود الاحتلال الذين يؤمنون عددا من المستوطنين، لحظة انتظارهم حافلاتهم لتقلهم إلى مستوطناتهم المقامة على أراضي الفلسطينيين.

ما شاهده مشاهرة هو صور لمركبة شقيقه مرتطمة بحافلة إسرائيلية هناك، ما يرجح كفة أن ما وقع هو حادث سير طبيعي. الإرباك هناك وارد بكل الأحوال، فجنود الاحتلال يصوبون بنادقهم لقتل الفلسطينيين واستهدافهم بمجرد الشك فيهم، "حادث السير طبيعي، سواء مع الفلسطيني أو الإسرائيلي هناك، لكن التصرف مختلف جدا، فإطلاق النار على الفلسطيني غالب الحدوث".

يصف مشهور شخصية شقيقه بالبسيطة والهادئة، وبالشاب الذي يحب الحياة ويتمسك بها، ويحب والدته، ويعيش معها كونه الأصغر بين إخوته، وغير متزوج، ويبقى في المنزل في حال كان عاطلا عن العمل، يرافقها وينشر بروحه المرحة السعادة والابتسامة على جدران المنزل الذي ستبقى ذكرياته عالقة فيه.

يعمل صهيب في الأعمال الحرة، ويتقن مهنة تمديدات الكهرباء، ويحمل شهادة في الكمبيوتر من دار الأيتام التي التحق بها بعد وفاة والده، ولديه الكثير من الأحلام والمخططات في الزواج وتكوين أسرة، وغيرها، قتلتها رصاصات الاحتلال التي اخترقت رأسه.

يتمتع الشهيد الشاب بعلاقة طيبة تجمعه مع أبناء حيه، وهو هادئ بطبعه، ولا يتعامل مع الأحداث بردة فعل سلبية، ويتحمل مسؤولية نفسه، وكان يحب مساعدة العائلة ومشاركتها في مصروفها اليومي.

لصهيب علاقة قوية مع والدته، التي لم تستوعب صدمة استشهاده بعد، فتلك الأم التي لم تعي ما حدث، وتنتظر عودته من الخليل، بناء على آخر مكالمة هاتفية للتوجه إلى بعض المحال التجارية للتسوق منها، لكنه لم يعد ولن يفعل ذلك.