الشعور بالسعادة على الرغم من ألم الوشم

09 نوفمبر 2014
يبدو البعض كأنّهم يرتدون ثياباً منقوشة (Getty)
+ الخط -
يعود سبب الوشم أحياناً إلى التخلص من تشوّه خلقي، أو بهدف التميّز عن الآخرين، وبعضهم يرغب في لفت الانتباه إليه.
وعلى الرغم من الألم الذي يسبّبه الوشم إلاّ أنّ جيل الشباب يُقبل عليه باندفاع. ولا يقتضي الأمر على رسم وشم واحد بل يتعدّى أحياناً الأربعة وأكثر، ليبدو بعضهم كأنّهم يرتدون ثياباً منقوشة بالرسومات الملونة الخيالية. كما لم يعد الأمر مقتصراً على الشباب ليصل إلى الفتيات اللواتي يعتبر بعضهنّ الوشم تعبيراً عن موقف أو موضة أو تقليد المشاهير، متحدّين العادات والتقاليد التي تحرّمه وتحظره.

التقت "العربي الجديد" بعض الأشخاص الذين وشموا أجسادهم لوصف شعورهم اتجاه ما قاموا به. فقال حسن قبرصلي: "نقشت أوّل وشم على رقبتي عندما كنت في الـ 17 من عمري وكان الوشم اسم خطيبتي. في ذلك الوقت، شعرت بالفخر، أما الآن فأنا نادم. ليتني لم أدقّه".
وأشار قبرصلي إلى أنّه أثناء رسم الوشم لم يشعر بالألم، بل كل ما كان يفكّر به هو الشعور بالفخر أمام الأصدقاء أو الغرباء الذين كانوا ينظرون إلى الوشم بإعجاب.
أحمد حرب يبلغ من العمر (22 عاماً)، احترق جسده جراء وقوع مياه ساخنة عليه عندما كان يبلغ ثلاثة أشهر من عمره. تشوّه نصف جسده. وسبّبت له تلك الحادثة حالة نفسية صعبة. إذ كان يخجل من الظهور بثياب تبرزه شبه عارٍ أمام عائلته وأصحابه وخصوصاً عندما يذهب لممارسة رياضة السباحة مع أصدقائه. إلى أن أتى اليوم الذي قرّر فيه حرب التخلّص من هذا التشوّه، فتفاجأ بكلفة عملية التجميل التي تبلغ سبعة آلاف دولار أميركي، فقرّر استبدالها برسم الوشم. وعلى الرغم من الألم الشديد الذي ستسبّبه إبرة دقّ الوشم على الحرق، إلاّ أنّه الحلّ الوحيد للتخلّص ممّا هو عليه. ويعتبر أن شكله بات مختلفاً ولائقاً، فموّه الحرق برسومات تضمّنت أشكالاً مختلفة، فيما لم تزد كلفتها على 1500 دولار.

أما الخيّاط محمود عيد (32 عاماً) فيقول: "كنت في 17 من عمري عندما رسمت أوّل وشم على جسدي. شجّعني أصدقائي على ذلك، فقد كنا نتباهى أيّنا يحمل الوشم الأجمل! وعلى الرغم من شعورنا بألم شديد ونحن ندق الوشم، لكننا كرّرنا الأمر في عدّة أجزاء من أجسادنا". وأضاف: لم أندم يوماً أني رسمت الوشم على جسدي، بل على العكس لو لم أرسمه في ذلك الوقت، لفعلت ذلك اليوم. شعرت بارتياح كبير عندما وشمت جسدي، وأصبحت ثقتي بنفسي كبيرة، لدرجة أنّه حين يقصدني أحد الزبائن، يلفت انتباههم الوشم ويسألونني عنه، وتكون سعادتي لا توصف في هذه اللحظات، وينعكس ذلك بشكل إيجابي على نفسيتي".
منى عز الدين، حالة استثنائية في التعبير عن حبّها العميق الخالد، وجرأتها تخطّت قوة الرجال الجسديّة. دقّت خاصرتها بسلسال تدلّت منه صورة حبيبها الذي توفي بمرض عضال. ورسمت على كتفها خاتم خطوبتها وكأنها بذلك، تريد دمغ حياتها بذكرى خالدة، تقول: "فعلت ذلك لأعبّر عن حزني العميق على فراق حبيبي، وبذلك أتذكره في كل حين وكأنه يعيش معي حتى بأدق تفاصيلي".
وتضيف: "إن الوشم موضة وفن يُماشي العصر ويكتسب أهمية إضافية كونه يعبّر عن الحالة النفسية التي يعيشها الإنسان، من خلال نوعية الرسومات التي ينقشها على جسده، وقد باتت اليوم منتشرة بين جيلنا من الشباب والصبايا بعدما كانت نادرة في السابق، وخصوصاً لدى النساء".

هذه الحالات وإن دلّت على شيء، فعلى الحالة النفسيّة والظروف الحياتيّة التي يعيشها الفرد، فيتأثّر بها ويأتي الوشم للتعبير عمّا يجري داخل العقل والقلب فيتفجّر بشكل وشم جسدي لإرضاء الذات قبل إعجاب الآخر. أمام هذا الألم الجسدي، لم يعد للعادات والتقاليد أو حتى الدين أي دور ويبقى الشخص ذاته مسؤولاً عمّا فعله بجسده، إن كان سيولّد فيه ذلك شعوراً بالندم أو الفخر.
دلالات
المساهمون