لطالما أحاطت هالة من الجمال والغرابة بالشعر الفارسي، ورُبطت بتصوّرات عن الثقافة التي تعشق الحرير وتصنّع السجاد المطرّز والمنمنمات وتحكي عن المُدام والندماء والساقي، إضافة إلى الجانب الصوفي الذي امتزج على نحو شديد الخصوصية بالغزل.
يمثّل الشعر عموماً غرضاً ثقافياً محدداً، ويحمل الشعر الفارسي خصوصية في هذه المسألة. في الثقافة الفارسية، ليس الشعر مجرّد شكل من أشكال الفن، بل هو في الواقع تصوير للحياتيْن الدنيوية والأخروية، دون أن نغفل الجانب الفلسفي، وحضور الطبيعة وأنواع الطيور والورود، وطقوس الشراب والاحتفاء بالخمر، وفراق المحبوب وصدّه.
وقد أثّر الشعر الفارسي في الثقافات المحيطة فيه كالتركية وبلدان آسيا الوسطى، والبعيدة عنه مثلما فعل في غوته وبورخيس وإيمرسون وآرنولد وغيرهم كثري، وما يميّز الشعراء الفرس اختلافاتهم فالرومي لا يشبه حافظ ولا هذا يشبه الشيرازي، ولا الخيام يشبه أياً منهم.
لكن ثمّة كلمات ومعان نابعة من الثقافة نفسها وفهمها للتصوّف والحب، مثل الساقي الذي لا يرمز فقط إلى ساقي الخمر بل إلى المحبوب أيضاً، ومثل الحب الكوني، والحديث عن عالم الخلود المنتظر في الآخرة والمرتبط بالإيمان وحب الحياة والخير للوصول إليها.
عن هذه الثيمات، تنظّم مؤسسة "وحدة باراسول للفن المعاصر" في لندن عند السادسة والنصف من مساء الخميس ندوة بعنوان "لمحات الخلود: قراءة في الشعر الفارسي" تتزامن مع معرض جماعي للفن الإيراني يضمّ لوحات مستلهمة من شعر حافظ.
يحاضر في الندوة كلّ من سارة ستوارت، أستاذة دراسات الأدب الفارسي في "جامعة سواس"، وبروس وانيل الكاتب والباحث المستقل في الدراسات الشرقية والعربية، ونارغوس فارزاد أستاذة اللغة والثقافة الفارسية في "سواس".
تتناول المحاضرة الشعر الفارسي وتأثير الزرادشتية عليه، ثم تأثيرات الإسلام والشعر والثقافة العربية عليه، ويبحث المحاضرون في ثيمات القصيدة وأهمّ الشعراء واختلاف تجاربهم ومواضع التقائهم فيها.