الشباب في مهب الريح

15 ديسمبر 2014
تهجير الشباب العربي(وكالة الاناضول/ العربي الجديد)
+ الخط -
تشكل الفئات الشابة العربية أكثر من 50% من التعداد السكاني. وتعد هذه النسبة مقبولة مقارنة مع موارد هذه الدول. إلا أن هذه الفئة، وفي الكثير من البلدان العربية، لم تحقق المستوى الإنتاجي المطلوب.

اكثر من 50%
في بحث أجرته "العربي الجديد"، حول نمو الفئات العمرية الشابة في الدول العربية منذ عام 1994 إلى اليوم، أي خلال 20 عاماً، اتضح أن نسبة الفئات العمرية الشابة (أي التي تعتبر من ضمن القوى العاملة والقادرة على الإنتاج)، تزيد عن 50 % كنسبة وسطية. وتتصدر دول الخليج قائمة الدول الشابة، حيث يصل معدل الفئة العمرية ما بين 15 إلى 64 عاماً، إلى 76%. ففي قطر، تصل هذه النسبة الى 76.4%. في الكويت، تصل الى 71.4%، وفي البحرين تصل النسبة الى 70.8%. أما في المملكة العربية السعودية، فتصل الى 61%.

سياسات توظيف الطاقات
وتعد دول الخليج من أكثر الدول العربية التي تتمتع بفئات عمرية شابة، قادرة على تطوير معايير الإنتاج داخل الاقتصاد. وبحسب الخبير الاقتصادي الكويتي، فهد الشريعان، فإن ارتفاع الفئات العمرية الشابة في الخليج لم يسهم في تطوير الاقتصاد المحلي. ويقول لـ "العربي الجديد": " ما زالت دول الخليج تعتمد بشكل رئيسي على العائدات النفطية، وبالتالي لا توجد أية سياسات من قبل الحكومات لتوظيف هذه الطاقات الشابة والاستفادة منها في قطاعات إنتاجية".
ويعتبر أن "الاعتماد على الواردات النفطية ساهم في إضعاف قدرة الشباب على تنويع الاقتصاد الخليجي. من ناحية أخرى، فإنه خلال السنوات العشر المقبلة، سيرتفع حجم الإعالة على النفقات الصحية والخدمات الاجتماعية"، حيث تصل اليوم نسب الإنفاق في الخليج العربي على الصحة العامة إلى ما يقارب 3.5% من حجم الناتج المحلي، وبحسب الشريعان، سترتفع النسبة خلال السنوات المقبلة.
وبحسب الأرقام التي استقصتها "العربي الجديد" من التقارير الدولية والتقارير الرسمية العربية، فإن دول المغرب العربي، تتمتع بفئات عمرية شابة أيضاً، إذ تصل نسبة الشباب في تونس الى 71.6%، فيما تصل في الجزائر إلى 63.3%، وفي المغرب تصل إلى61%. الا أن غياب الاهتمام بهذه الفئات، يظهر من خلال ارتفاع نسبة البطالة، وازدياد معدلات الفقر، ففي تونس تصل نسبة البطالة إلى 17% وفي الجزائر إلى 9.7% من مجمل اليد العاملة، فيما يصل الإنفاق الصحي إلى 9% من الناتج المحلي الإجمالي.

الإهمال والتهجير
أما في العراق وليبيا واليمن، فتقل نسبة الشباب إلى 55%، إذ يتبين أن الفئات الشابة في العراق تصل الى 54%، وفي ليبيا تصل إلى 60%، وفي اليمن، تنخفض إلى 50.6%.
ويشير الخبير الاقتصادي، عمار الحسيني، لـ "العربي الجديد إلى أنه "بالرغم من ارتفاع الفئة العمرية الشابة في العراق، إلا أن الحكومة لم توظفها بالشكل الصحيح. ويؤكد أن أرقام البطالة التي تخطت 30% في بعض الدول أكبر دليل على أن هذه الفئات تعاني من التهميش، وتشكل عبئاً على موارد الدولة".
ويشير إلى أنه لا يمكن لهذه الدول الاستفادة من الطاقات الشابة إلا بتغيير السياسات المتبعة، وادماج الشباب في الاقتصاد عبر وضع تشريعات خاصة للعمل، والحماية الاجتماعية. ويحذر الحسيني من عواقب عدم الاستفادة من الشباب في تطوير الاقتصاد، إذ إن "الاستمرار في هذه السياسة، ستكبد خزينة الدولة نفقات إضافية خاصة على الصعيد الصحي".
فخلال السنوات العشر المقبلة، ستصبح هذه الفئات هرمة، مما سيزيد من الإنفاق الصحي، وزيادة الأعباء لتقديم الخدمات الاجتماعية.
أما لبنان والأردن ومصر وسورية، فهي دول عربية تتمتع بطاقات شابة، تصل إلى 60% من مجموع السكان. ويحتل لبنان المرتبة الأولى بين هذه المجموعة، حيث تصل نسبة الفئات الشابة إلى 64.9%، فيما تصل في مصر إلى 60.3%، وفي سورية تصل إلى 56.9%، وفي الأردن تصل النسبة إلى 58.5%.
وبحسب دكتور الأنتروبولوجيا في الجامعة اللبنانية، سعيد عيسى، فإن هذه المجموعة من الدول فشلت في احتواء الشباب، ويقول لـ "العربي الجديد:"إذا نظرنا إلى حجم الهجرة من لبنان، وسورية، والاردن، ومصر، نلاحظ أن الحكومات في هذه الدول، تخلت بشكل أساسي عن الشباب، بالرغم من قدرتهم على تحريك الاقتصاد، حيث لا تتم الاستفادة بأكثر من 10% من قدرات هذه الفئة".
ويضيف:" لبنان يتصدر المجموعة من حيث نسب الهجرة سنوياً، فهناك أكثر من 20 ألف شاب متخرج سنوياً يعمل في الخارج، فيما لو وضعت الحكومات المتعاقبة سياسات اقتصادية لتشغيل اليد العاملة اللبنانية الفتية، لكنا سنلاحظ ارتفاعاً ملحوظاً في نسب النمو، بالإضافة إلى تحقيق تنمية داخل الاقتصاد".
ويشير عيسى إلى أن الانعكاسات السلبية بدأت تظهر بشكل واضح في لبنان، وكذلك في الدول العربية المشرقية التي لا تعطي أي اهتمام للشباب، ولا تستثمر طاقاتهم الإنتاجية المرتفعة.
المساهمون