الشاعر مؤرّخاً

27 يناير 2015
شهريار أحمدي / إيران
+ الخط -

مثل المؤرّخ، يقوم عمل الشاعر على معرفة ممتازة بالماضي. وكلما اتسعت وتشعبت وتعمّقت هذه المعرفة زادت فرصته في تقديم إضافة نوعية إلى الفن الشعري. هو بشكل من الأشكال مؤرخ أو هكذا يشعر نفسه.

لم نسمع عن شاعر له قيمة لم يشغله الماضي، ماضي لغته وفنّه وثقافته، وماضي العالم في المجمل. بل إن الهوس بالماضي، على اختلاف تمظهراته، يكاد أن يكون المشترك بين الشعراء الأساسيين في معظم الثقافات. حتى "شاعر شاب" مثل رامبو؛ يشتمل شعره على تقصّيات مؤرّخ لزمنه.

ليس الشاعر مؤرّخاً لكون التاريخ مادة أساسية من مواده - أحياناً تكون القماش وأحياناً تكون الصباغ وأحياناً تكون الوجه - ولكنه مؤرخ لأن ميدان عمله الحكاية الجمعية، يعيد بناءها أو يجمع شظاياها. وحين يكون على قدر مسؤولياته فإنه كثيراً ما ينقذها من تلاعبات القوى والأيديولوجيات ومن هيمنة المنتصرين وإذعان المهزومين.

وكما ينقذ الحكاية الجمعية ويقدّم تأريخاً خاصاً أقرب إلى طبيعتها وأكثر وفاء إلى مستقبلها، فهو أيضاً أحد أهم مؤرّخي (ومنقذي) الحياة الخاصة. وكلّما اقتربت اللغة أو الحكاية الجمعية من موت ما، يأتي شاعر فيجدّد حياتها، وسرّ التجديد هو أن يتحدّث من داخلها، أي من ماضيها.

دلالات
المساهمون