الشارع مأوى آلاف الجزائريين... لكل منهم قصة

11 نوفمبر 2016
الشارع مأوى آلاف الأطفال (رياض قرمدي/فرانس برس)
+ الخط -


وجه آخر للعاصمة الجزائرية يمكن اكتشافه في محطة "الخروبة" لنقل المسافرين. هناك يقبع العشرات ممن يعيشون على هامش المجتمع، بعضهم مشردون والبعض الآخر قادمون من المدن الداخلية الفقيرة.

يقول محمد سحالي، وهو أحد عمال المحطة البرية لـ"العربي الجديد": "كثيرون هنا لا مأوى لهم يفترشون أرض قاعة الانتظار المفتوحة. منهم من انغمسوا في نوم عميق، ومنهم من وجدوا ضالتهم في مكان دافئ وسقف يحميهم".

عندما تسأل هؤلاء عن سبب تواجدهم هنا يفضلون الصمت: "المأوى يعتبر كرامة الإنسان"، حسب قول السيدة أم هاني (72 سنة)، والتي وجدت في المحطة أهلا وأصدقاء ومأوى بعدما فقدت كل شيء. تقول لـ"العربي الجديد": "أنجبت خمسة أولاد، لكن في النهاية وكأني لم أنجب. هذه الحقيقة المرة".

الأولاد نعمة وهبة من الله، لكنهم "في النهاية يتركوننا ضائعين وتائهين. لم أنتظر أن يتركني الأبناء. بات المسافرون في المحطة عائلتي" حسب أم هاني.

يعيش آلاف الجزائريين في الشوارع؛ شيوخ ونساء وأطفال دون مأوى يقيهم؛ يتوزعون عبر الشوارع الكبرى في العاصمة، وخاصة في ساحة الشهداء التي باتت ملجأ من لا مأوى لهم، وخصوصا في الأزقة الداخلية لمنطقة "القصبة" العتيقة وباب الوادي.


كثيرون يرفضون العيش في دور الرحمة القائمة في العديد من الولايات الكبرى، وهي مؤسسات تابعة لوزارة التضامن والأسرة الجزائرية، حيث يرون في حريتهم أفضل حل لمواصلة العيش، فلكل قصته التي دفعته للعيش في الشارع.

تقول السيدة نعيمة (49 سنة)، والتي رماها زوجها في الشارع بعد أن أنجبت له ولدين، إنها لم تجد الحل في العودة إلى بيت أهلها بعد الطلاق بسبب المشاكل الأسرية التي عاشتها مع إخوتها خلال الفترة التي أعقبت طلاقها، فلم تجد سوى الخروج إلى الشارع. "لقد رضيت بالشارع هربا من المشاكل وظلم الأقارب".

قصة أخرى لبعض الأطفال الصغار الذين رمت بهم الأقدار إلى الشارع. كثير منهم يختارون التسول من أجل الحصول على لقمة العيش، حيث ذكر هشام (9 سنوات) القادم من مدينة "عين الدفلى" غرب العاصمة الجزائرية، أنه خرج إلى الشارع بعد طلاق والديه وهربا من ظلم زوج أمه الذي عذبه كثيرا، على حد قوله، ويضيف أن "الظروف دفعته للقدوم إلى العاصمة كمدينة لا يعرفه فيها أحد".

وذكرت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، أن عدد المقيمين في الشارع تجاوز 200 ألف، معتبرة في تصريحات صحافية أن "الظاهرة صارت أزمة حقيقية يعيشها المجتمع الجزائري".

وكشفت بن حبيلس عن استراتيجية وضعتها الحكومة الجزائرية بالتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية، تتمثل في إعداد حصيلة وطنية للحالات بهدف تحديد المحتاجين الحقيقيين الذي يستحقون المساعدات من الهلال الأحمر، لافتة إلى أن الحكومة تسعى إلى التكفل بمختلف الحالات الموجودة في الشوارع، وخصوصا في المناطق الداخلية والمعزولة من أجل إعادتهم إلى حضن المجتمع.