كشفت الجمعة الثامنة للحراك الشعبي في الجزائر أمس عن توجّهين اثنين سيطبعان المرحلة المقبلة في البلاد، الأول إصرار الشارع على الاستمرار في التظاهر حتى رحيل كل رموز النظام السابق ورفض أي تراجع عن هذا المطلب، والثاني هو اختلاف تعاطي المؤسسة العسكرية والأمنية مع الحراك، مع بروز تشديد أمني وضغوط لمنع وصول المتظاهرين إلى قلب العاصمة أمس، على الرغم من أن قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح كان قد شدد مراراً على أن الجيش إلى جانب الشعب. لكن خطاب قايد صالح، الأربعاء الماضي، حمل تأييداً واضحاً لتولي عبد القادر بن صالح رئاسة الدولة وبقاء حكومة نور الدين بدوي، على الرغم من رفض الشارع والحراك والقوى السياسية المعارضة لذلك. ودفع ذلك الناشطين في الحراك إلى تنبيه المتظاهرين بضرورة التزام السلمية وعدم الانجرار إلى أي استفزازات من قبل قوات الأمن التي تتمركز وسط العاصمة، خصوصاً على خلفية ملاحظة تغيّر لافت في السلوك الأمني مع المتظاهرين منذ يوم الثلاثاء الماضي، بعد تنصيب بن صالح رئيساً للدولة.
"الشعب تحرر من الخوف وعلى السلطة أن تدرك ذلك"، هذه الجملة التي قالها المواطن حمدي سفيان، الذي يقطن في حي بلكور الشعبي وسط العاصمة الجزائرية، لـ"العربي الجديد"، تعبّر عن آلاف الجزائريين الذي أصرّوا أمس على الوصول إلى وسط العاصمة، في الجمعة الثامنة للحراك، رافعين شعارات تطالب برحيل رموز النظام السابق، على الرغم من محاولة السلطات منع وصول المتظاهرين القادمين من الولايات والمدن القريبة إلى العاصمة. وعلى الرغم من المخاوف من التشدد الأمني، أصرت عائلات بأكملها على المشاركة في المسيرات، رفضاً لبقاء رموز النظام وعدم تحقق المطالب الشعبية المرفوعة. وقال سفيان، لـ"العربي الجديد": "سمعنا منذ الخميس الكثير من الشائعات عن وجود تشدد أمني، لكن ذلك لم يخفنا، وهي مجرد محاولة لإخافة الجزائريين"، مضيفاً "ابنتاي تصران كل جمعة على الخروج إلى التظاهرات، وفي كل ليلة تسبق المسيرات تُحضّران الأعلام ومعدات التظاهر، وتنتظرانني صباحاً للخروج إلى الشارع".
ولوحظ منذ ليلة الخميس وجود تعزيزات أمنية كبيرة كانت تسيّج وسط العاصمة، قبل أن تقرر السلطات سحب قوات الشرطة إلى شارع محمد الخامس المقابل لساحة أودان، لكنها عادت بعد ذلك إلى وضع شاحنات نقل الشرطة ومدرعات في قلب شارع ديدوش مراد وبالقرب من ساحة أودان، في خطوة وصفها ناشطون ومتظاهرون بالمستفزة. وأدى ذلك إلى احتكاك بين متظاهرين وقوات الشرطة التي أطلقت الغاز وخراطيم المياه لإبعاد المتظاهرين الذين حاصروا سيارات الشرطة. وطالب المتظاهرون عناصر الشرطة بالانضمام إلى الحراك، وعدم تطبيق أوامر يعتقد أنها صدرت للتشدد مع المتظاهرين بخلاف الجمع السبع الماضية التي لم تشهد احتكاكاً بين الشرطة والمتظاهرين. وفي السياق، قامت السلطات الجزائرية بتعطيل كامل للنقل بالقطارات التي تربط العاصمة بالضواحي والمدن القريبة، وأوقفت خدمة مترو الأنفاق المؤدي إلى وسط العاصمة، وكذلك خطوط التراموي الذي يربط الضاحية الشرقية بوسط العاصمة. وفي المدخل الجنوبي للعاصمة، نشرت السلطات تعزيزات أمنية كبيرة وأبقت على مساحة سير ضيقة تسمح لها بمراقبة السيارات وحافلات النقل العام لمنع مرور متظاهرين.
وقال الناشط والإعلامي محمد ايوانغان لـ"العربي الجديد"، إنه من الواضح أن السلطة لديها مخاوف جدية في مسيرات الجمعة الثامنة، مضيفاً "أعتقد أن هناك ارتباكاً لافتاً في القرار الأمني وهو متصل بارتباك في القرار السياسي، عندما تُقدِم السلطات على نشر قوات أمن وسط العاصمة ثم سحبها ثم إعادة نشرها، وأيضاً هناك محاولة لاستدراج الحراك الشعبي إلى لحظة مواجهة"، متابعاً أن "المتظاهرين متفطنون لذلك، ويرفضون الدخول في مواجهة مع الشرطة".
لكن المئات من المتظاهرين تنقلوا من الضواحي مشياً على الأرجل. وكان متظاهرون قد وصلوا إلى العاصمة ليل الخميس قادمين من ولايات أخرى، بعد تمكّنهم من اجتياز الحواجز الأمنية، وتجمّعوا في ساحة البريد المركزي وساحة أودان، وهتفوا بشعارات مناوئة للنظام. وقال متظاهرون قدموا من مدينة بجاية شرقي الجزائر، ونجحوا في الوصول إلى العاصمة فجر أمس، لـ"العربي الجديد"، إنهم انطلقوا مبكراً في حدود الساعة الرابعة صباحاً، ولدى وصولهم إلى مداخل العاصمة، فوجئوا بوجود تعزيزات أمنية استثنائية عطّلت حركة السير وأغلقت المنافذ، مع مراقبة السيارات والمارة والحافلات، وأكدوا أن قوات الأمن رفضت السماح للحافلات التي تنقل متظاهرين من المرور إلى العاصمة.
وعلى الرغم من كل الإجراءات الأمنية، غصت ساحة البريد المركزي وساحة أودان مبكراً بالمتظاهرين الذين زاد توافدهم قبيل صلاة الجمعة على الساحات قادمين من المناطق والأحياء القريبة وضواحي العاصمة الجزائرية. وعُلّقت في ساحة أودان لافتة عملاقة تؤكد عدم تراجع الحراك والمتظاهرين عن مطالبهم المركزية المتعلقة برحيل كل رموز النظام السابق، خصوصاً عبد القادر بن صالح، ونور الدين بدوي. كما كُتب بيان على قطعة قماش كبيرة، بعبارة "الشعب يريد رفع اليد عن مُلكه".
اقــرأ أيضاً
وتجمّع عدد كبير من المتظاهرين والناشطين قرب مقر حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض في أول شارع ديدوش مراد، يهتفون بشعارات تطالب بالحرية والديمقراطية ورفض استمرار رموز النظام في الحكم. وعُلّقت صور وشعارات مناوئة لبعض قادة أحزاب السلطة، كرئيس حزب "تجمع أمل الجزائر" عمار غول. ورفع متظاهرون تجمّعوا أمام مقر حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" الذي يقوده رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، شعارات مناوئة للحزب، وحمّلوه وحزب "جبهة التحرير الوطني" مسؤولية قيادة البلاد إلى الكارثة الاقتصادية والاجتماعية والأزمة السياسية الحالية. وطالب المتظاهرون بحل الحزبين ومنعهما من النشاط السياسي.
وقال الناشط السياسي محمد أرزقي فراد، لـ"العربي الجديد"، إن "استمرار رموز الحزبين في النشاط والظهور على الساحة وإطلاق تصريحات، هو جزء من استفزاز عام موجّه ضد الشعب"، مضيفاً أن "قادة الحزبين ورموز السلطة كرئيس الدولة الذي هو أمين عام سابق للتجمع الوطني الديمقراطي، ورئيس الحكومة الذي ساعد في جمع ستة ملايين استمارة مزورة لصالح ترشيح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، ما زالوا يعتقدون أن الحراك مجرد فسحة شعبية ستنتهي، ولديهم أمل في البقاء في السلطة على الرغم من كل التخريب الذي سبّبوه للشعب والبلاد، والفرص التي فوتوها على الجزائر لتحقيق إقلاع حقيقي".
وفيما يواصل الحراك الشعبي ضغطه على السلطة والجيش حتى سحب خيار الانتخابات التي يدعم الجيش تنظيمها سريعاً لحل الأزمة، ترفض أحزاب المعارضة خيار الانتخابات، خصوصاً في ظل عدم وجود هيئة مستقلة للانتخابات يفترض أن تكون المشرفة على كامل العملية الانتخابية. وتعتبر هذه الأحزاب أن تنظيم انتخابات رئاسية في ظروف سياسية كهذه سيعقّد الوضع أكثر وتدفع إلى انزلاق وتصادم خطير للخيارات. وقال رئيس "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض، محسن بلعباس، لـ"العربي الجديد" إن "الانتخابات في ظروف كهذه لن تكون حلاً، ولكنها هروب من الأزمة"، مضيفاً "السلطة أطلقت مساراً انتخابياً والجيش يدعم هذا التوجّه، لكننا نعتقد أن السلطة بصدد اختبار نوايا الأحزاب السياسية والمرشحين المستقلين، واستدراجهم إلى الاستحقاق الانتخابي، وأعتقد أن السلطة أيضاً بصدد اختيار مرشحها، ولذلك المعارضة لديها وعي بهذا الفخ، وحتى الآن لا يوجد أي إعلان عن نيّة للترشح عدا المرشح علي الغديري".
من جهته، قال القيادي في حركة "مجتمع السلم" أحمد صادوق، لـ"العربي الجديد"، إن مراقبة المشهد في ظل تغير السلوك الأمني مع الحراك، وإطلاق المسار الانتخابي، تُظهر أن السلطة بصدد العودة إلى نفس أدوات التفكير والفعل السياسي، الذي يزاوج بين الإكراهات الأمنية وفرض الخيارات السياسية المحسومة لصالح السلطة نفسها، مشيراً إلى أن "تغير سلوك الشرطة ومحاولة إغلاق العاصمة ومنع جزائريين من الدخول إلى إليها، ومسارعة وزارة الداخلية إلى فتح باب تسليم استمارات الترشح، يؤكد أن السلطة ليس في نيّتها الاستماع إلى الشعب، وإنما فرض حل وشخصية عبر انتخابات مشوشة".
وفي السياق، رد رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى سريعاً على تقارير تحدثت عن استعداده للترشح لرئاسيات الرابع من يوليو/ تموز المقبل، وأصدر حزبه "التجمع الوطني الديمقراطي" بياناً نفى فيه ترشحه، قائلاً إن قيادة الحزب "ومنتخبي ومناضلي هذه العائلة السياسية منشغلون حالياً، وأساساً، بمستجدات الأوضاع الوطنية، ولا سيما خروج البلاد من أزمتها الراهنة، من خلال الاستجابة لتطلّعات الشعب في إطار الدستور".
اقــرأ أيضاً
"الشعب تحرر من الخوف وعلى السلطة أن تدرك ذلك"، هذه الجملة التي قالها المواطن حمدي سفيان، الذي يقطن في حي بلكور الشعبي وسط العاصمة الجزائرية، لـ"العربي الجديد"، تعبّر عن آلاف الجزائريين الذي أصرّوا أمس على الوصول إلى وسط العاصمة، في الجمعة الثامنة للحراك، رافعين شعارات تطالب برحيل رموز النظام السابق، على الرغم من محاولة السلطات منع وصول المتظاهرين القادمين من الولايات والمدن القريبة إلى العاصمة. وعلى الرغم من المخاوف من التشدد الأمني، أصرت عائلات بأكملها على المشاركة في المسيرات، رفضاً لبقاء رموز النظام وعدم تحقق المطالب الشعبية المرفوعة. وقال سفيان، لـ"العربي الجديد": "سمعنا منذ الخميس الكثير من الشائعات عن وجود تشدد أمني، لكن ذلك لم يخفنا، وهي مجرد محاولة لإخافة الجزائريين"، مضيفاً "ابنتاي تصران كل جمعة على الخروج إلى التظاهرات، وفي كل ليلة تسبق المسيرات تُحضّران الأعلام ومعدات التظاهر، وتنتظرانني صباحاً للخروج إلى الشارع".
وقال الناشط والإعلامي محمد ايوانغان لـ"العربي الجديد"، إنه من الواضح أن السلطة لديها مخاوف جدية في مسيرات الجمعة الثامنة، مضيفاً "أعتقد أن هناك ارتباكاً لافتاً في القرار الأمني وهو متصل بارتباك في القرار السياسي، عندما تُقدِم السلطات على نشر قوات أمن وسط العاصمة ثم سحبها ثم إعادة نشرها، وأيضاً هناك محاولة لاستدراج الحراك الشعبي إلى لحظة مواجهة"، متابعاً أن "المتظاهرين متفطنون لذلك، ويرفضون الدخول في مواجهة مع الشرطة".
لكن المئات من المتظاهرين تنقلوا من الضواحي مشياً على الأرجل. وكان متظاهرون قد وصلوا إلى العاصمة ليل الخميس قادمين من ولايات أخرى، بعد تمكّنهم من اجتياز الحواجز الأمنية، وتجمّعوا في ساحة البريد المركزي وساحة أودان، وهتفوا بشعارات مناوئة للنظام. وقال متظاهرون قدموا من مدينة بجاية شرقي الجزائر، ونجحوا في الوصول إلى العاصمة فجر أمس، لـ"العربي الجديد"، إنهم انطلقوا مبكراً في حدود الساعة الرابعة صباحاً، ولدى وصولهم إلى مداخل العاصمة، فوجئوا بوجود تعزيزات أمنية استثنائية عطّلت حركة السير وأغلقت المنافذ، مع مراقبة السيارات والمارة والحافلات، وأكدوا أن قوات الأمن رفضت السماح للحافلات التي تنقل متظاهرين من المرور إلى العاصمة.
وعلى الرغم من كل الإجراءات الأمنية، غصت ساحة البريد المركزي وساحة أودان مبكراً بالمتظاهرين الذين زاد توافدهم قبيل صلاة الجمعة على الساحات قادمين من المناطق والأحياء القريبة وضواحي العاصمة الجزائرية. وعُلّقت في ساحة أودان لافتة عملاقة تؤكد عدم تراجع الحراك والمتظاهرين عن مطالبهم المركزية المتعلقة برحيل كل رموز النظام السابق، خصوصاً عبد القادر بن صالح، ونور الدين بدوي. كما كُتب بيان على قطعة قماش كبيرة، بعبارة "الشعب يريد رفع اليد عن مُلكه".
وتجمّع عدد كبير من المتظاهرين والناشطين قرب مقر حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض في أول شارع ديدوش مراد، يهتفون بشعارات تطالب بالحرية والديمقراطية ورفض استمرار رموز النظام في الحكم. وعُلّقت صور وشعارات مناوئة لبعض قادة أحزاب السلطة، كرئيس حزب "تجمع أمل الجزائر" عمار غول. ورفع متظاهرون تجمّعوا أمام مقر حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" الذي يقوده رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، شعارات مناوئة للحزب، وحمّلوه وحزب "جبهة التحرير الوطني" مسؤولية قيادة البلاد إلى الكارثة الاقتصادية والاجتماعية والأزمة السياسية الحالية. وطالب المتظاهرون بحل الحزبين ومنعهما من النشاط السياسي.
وقال الناشط السياسي محمد أرزقي فراد، لـ"العربي الجديد"، إن "استمرار رموز الحزبين في النشاط والظهور على الساحة وإطلاق تصريحات، هو جزء من استفزاز عام موجّه ضد الشعب"، مضيفاً أن "قادة الحزبين ورموز السلطة كرئيس الدولة الذي هو أمين عام سابق للتجمع الوطني الديمقراطي، ورئيس الحكومة الذي ساعد في جمع ستة ملايين استمارة مزورة لصالح ترشيح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، ما زالوا يعتقدون أن الحراك مجرد فسحة شعبية ستنتهي، ولديهم أمل في البقاء في السلطة على الرغم من كل التخريب الذي سبّبوه للشعب والبلاد، والفرص التي فوتوها على الجزائر لتحقيق إقلاع حقيقي".
من جهته، قال القيادي في حركة "مجتمع السلم" أحمد صادوق، لـ"العربي الجديد"، إن مراقبة المشهد في ظل تغير السلوك الأمني مع الحراك، وإطلاق المسار الانتخابي، تُظهر أن السلطة بصدد العودة إلى نفس أدوات التفكير والفعل السياسي، الذي يزاوج بين الإكراهات الأمنية وفرض الخيارات السياسية المحسومة لصالح السلطة نفسها، مشيراً إلى أن "تغير سلوك الشرطة ومحاولة إغلاق العاصمة ومنع جزائريين من الدخول إلى إليها، ومسارعة وزارة الداخلية إلى فتح باب تسليم استمارات الترشح، يؤكد أن السلطة ليس في نيّتها الاستماع إلى الشعب، وإنما فرض حل وشخصية عبر انتخابات مشوشة".
وفي السياق، رد رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى سريعاً على تقارير تحدثت عن استعداده للترشح لرئاسيات الرابع من يوليو/ تموز المقبل، وأصدر حزبه "التجمع الوطني الديمقراطي" بياناً نفى فيه ترشحه، قائلاً إن قيادة الحزب "ومنتخبي ومناضلي هذه العائلة السياسية منشغلون حالياً، وأساساً، بمستجدات الأوضاع الوطنية، ولا سيما خروج البلاد من أزمتها الراهنة، من خلال الاستجابة لتطلّعات الشعب في إطار الدستور".